إسقاط مسؤولية جنود فرنسيين عن مذبحة شهدتها رواندا

إسقاط مسؤولية جنود فرنسيين عن مذبحة شهدتها رواندا

03 مايو 2021
قد يدان الجنود الفرنسيون بجريمة عدم مساعدة شخص في خطر لكنها ستسقط بالتقادم (Getty)
+ الخط -

سيتجنب أفراد من القوات المسلحة الفرنسية، التي كانت منتشرة في رواندا خلال الإبادة الجماعية عام 1994، الخضوع للمحاكمة بعدما أوصى مدّعون، الاثنين، بأن يُسقط القضاة قضية يتَّهمون فيها بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، بسبب تقاعسهم عن منع حصول مذبحة.

اتهم ناجون من مذبحة يونيو/حزيران 1994، التي وقعت في تلال بيسيسيرو غربي رواندا، القوات الفرنسية بالتخلي عنهم عمداً، وتركهم يواجهون مصيرهم أمام متطرفي الهوتو الذين قتلوا مئات الأشخاص في المنطقة في غضون أيام.

وجاءت هذه الدعوة لإسقاط القضية التي تعود إلى 15 عاماً، عقب صدور تقرير في مارس/آذار، خلص إلى وجود "مسؤولية فرنسية كبيرة" في مجازر إبادة التوتسي عام 1994، من دون اتهام فرنسا بالتواطؤ.

وجاء في التقرير الواقع في 600 صفحة، وطلبته رواندا في العام 2017، أن فرنسا التي كان يرأسها فرانسوا ميتران يومها كانت "مساعداً أساسياً" لنظام الهوتو، الذي دبر المذبحة التي أودت في ثلاثة أشهر بحياة أكثر من 800 ألف شخص، معظمهم من أقلية التوتسي، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وخلص المدعون في باريس إلى أن التحقيق "لم يتمكّن من إثبات أن القوات الفرنسية قد تكون مذنبة بالتواطؤ لارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية".

ولم يؤكد التحقيق وجود "أي مساعدة أو مساهمة من القوات العسكرية الفرنسية خلال تنفيذ تلك الفظائع"، وفقا لكبير المدعين في باريس ريمي هايتز.

وأضاف أنه لم يثبت كذلك أن القوات الفرنسية "امتنعت عن التدخل لمنع الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية بسبب اتفاق مسبق".

إنكار العدالة

فتح المدعون التحقيق الجنائي في تهمة التواطؤ في إبادة جماعية في ديسمبر/كانون الأول 2005، بعد شكاوى قدمها ناجون وجماعات حقوقية.

ووصف إريك بلوفييه، محامي منظمة "سورفي" غير الحكومية التي تدعو إلى تحسين العلاقات بين فرنسا وأفريقيا وكانت من المجموعات التي رفعت الشكوى، قرار المدعين بأنه "مفجع ومؤسف من الناحية القانونية".

وأضاف لوكالة "فرانس برس" أنه في "إنكار للعدالة"، لم يأخذ القضاء في الاعتبار "المسؤوليات الهائلة" لفرنسا، التي سمحت بحدوث الإبادة الجماعية وكشفها التقرير التاريخي.

في مارس/آذار، خلص التقرير الفرنسي التاريخي، الذي أعدّه مؤرخون، إلى أن باريس تتحمل مسؤوليات "جسيمة وهائلة" في المذبحة، التي قتل خلالها 800 ألف شخص بين إبريل/نيسان وتموز/يوليو 1994، معظمهم من أقلية التوتسي.

ويعود القرار النهائي بشأن المضي قدماً في القضية إلى قضاة التحقيق.

ومن المرجح الآن أن يسقطوا القضية ما لم يتم إجراء مزيد من التحقيقات، كما قال مصدر مطّلع على التحقيق طلب عدم الكشف عن اسمه.

ولم يستبعد قرار المدّعين المؤلف من 386 صفحة، واطلعت عليه وكالة "فرانس برس"، احتمال أن يشكل عدم تدخل القوات جريمة عدم "مساعدة شخص في خطر". لكن هذه الجريمة ستسقط بالتقادم. ولم توجه أي تهم إلى الجنود الفرنسيين الخمسة الذين طاولهم التحقيق.

فشل ذريع

وندد التقرير الذي طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إعداده، خصوصاً بالأحداث التي وقعت في بيسيسيرو، ووصف فشل القوات الفرنسية في حماية التوتسي الذين لجؤوا إلى التلال في منطقة تسمى "المنطقة الآمنة" بـ"الفشل الذريع".

وأشار التقرير إلى أن الفرنسيين كانوا على دراية بأن التوتسي المختبئين في تلك المنطقة تعرضوا لهجوم، لكنهم لم يستجيبوا لمناشداتهم بإنقاذهم على مدى أيام قتل خلالها مئات الأشخاص.

وعزت اللجنة الفرنسية التاريخية فشل القوات في حماية التوتسي في بيسيسيرو إلى اعتبارات استراتيجية، وليس إلى إخفاقات مسؤول عنها الجنود.

وقالت اللجنة إن القوات الفرنسية حاولت "الحفاظ على التوازن بين الجانبين (الهوتو والتوتسي)".

وبدأت الإبادة في السابع من إبريل/نيسان 1994، غداة الاعتداء على طائرة الرئيس الهوتو جوفينال هابياريمانا التي أسقطت فوق كيغالي. وفي غضون ساعات قليلة، بدأت مليشيات الهوتو بقتل معتدلين من التوتسي والهوتو على نطاق واسع وبوحشية قصوى.

وتسبب دور فرنسا الغامض في أعمال العنف بتسميم العلاقات بين باريس والرئيس الرواندي بول كاغامي، وهو متمرد سابق من التوتسي، ترأس الدولة الواقعة في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا عقب الإبادة الجماعية.

وتأمل باريس بأن يفتح هذا التقرير التاريخي فصلاً جديداً من التفاهم مع كيغالي، ويأمل ماكرون أن يزور رواندا في وقت لاحق من العام الحالي.
(فرانس برس)