إسرائيل في خضم متاهة أمنية - سياسية

01 ابريل 2025
أطفال فلسطينيون يتفقدون الأنقاض افي مخيم النصيرات 23 /3 /2025 (إياد بابا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه إسرائيل خيارين: استئناف الحرب في غزة أو الخضوع للضغط الأمريكي لإطلاق الأسرى، لكن الدعم الأمريكي يعزز الخيار العسكري.
- تسعى الحكومة الإسرائيلية لإسقاط حكم حماس وإطلاق الأسرى، رغم صعوبة الجمع بين الهدفين، وسط تراجع كفاءة الجيش واستنزاف الاقتصاد.
- الدعم الأمريكي يعزز صورة ترامب، بينما تظل إسرائيل تحت قيادة نتنياهو في متاهة أمنية وسياسية مع غياب رؤية واضحة للحرب.

على أعتاب استئناف إسرائيل حرب الإبادة والتدمير الشامل على قطاع غزّة، في 19 يناير/كانون الثاني 2025، وبالتزامن مع وصول المفاوضات بشأن مستقبل صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار إلى طريقٍ مسدودةٍ، غلبت على التحليلات الإسرائيلية توقعاتٌ استشرفت بأنّه لا يوجد إثر ذلك، من جانب إسرائيل، سوى خيارين:

الأول؛ العودة إلى الحرب، حسب ما ظلّ يطالب العديد من صُنّاع القرار في إسرائيل، وهو سيناريو تكون فيه احتمالية إنقاذ الأسرى الإسرائيليين، ولا سيّما الأحياء منهم، ضئيلةً للغاية.

الخيار الثاني؛ تجدُّد الضغط الأميركي على إسرائيل، مثلما حدث قبل البدء بالصفقة الحالية، وأدى إلى إطلاق سراح أسرى، حتّى بثمنٍ تمثّل في وقف القتال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق رئيسيةٍ في قطاع غزّة.

ثمّة من اختار الإشارة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي بات بعيدًا، كلّ البعد، عن العودة إلى كفاءته، كما أن جنود تشكيلات الاحتياط مُستنزَفون، والاقتصاد في وضعٍ صعب

غلبت على هذه التحليلات تقديراتٌ مفادها تبدّد الخيار الثاني، وبأنّ هناك دعمًا أميركيًا لأن تمارس إسرائيل ضغطًا عسكريًّا استثنائيًا. ولدى سبر أبرز الاستنتاجات من هذا السلوك يمكن أن نتوقف عند ما يلي من فلترةٍ ملفتةٍ لأبرز الوقائع:

أولًا، مع تفضيل الحكومة الإسرائيلية العودة إلى القتال، بدأت في ترويج ادعاءاتٍ، في مقدمتها إنّه يمكن إسقاط حُكم حماس وفي الوقت نفسه إطلاق سراح الأسرى، في حين أن الرأي السائد في أغلب التحليلات، وكذلك تقديرات الكثير من القادة العسكريين السابقين هو أنّ الجمع بين هذين الخيارين مستحيلٌ، مثلما أثبتت مجريات الحرب ونتائجها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. بحسب أحد القادة السابقين، ما يجري هو استمرار بثّ الأوهام على غرار أنّ استخدام مزيدٍ من القوّة سيُجبر حركة حماس على إطلاق سراح الأسرى، وعلى إخلاء غزّة ونزع سلاحها، وسيتيح إمكان إقامة نظام حُكمٍ لا يتبع حماس، ولا حتّى السلطة الفلسطينية... وما إلى ذلك. الخلاصة؛ أنّه بعد مضيّ أكثر من عامٍ وثلاثة أشهر، كان من الواضح خلالها أنّ ضغط الحرب لا يقود إلى إطلاق الأسرى، إنّما يتسبّب في قتلهم، يعود بنيامين نتنياهو إلى النقطة نفسها بالضبط.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

ثانيًا؛ ليس من مبررٍ لعودة نتنياهو إلى هذه النقطة سوى تحقيق غاية بقائه السياسي، المتعلق أساسًا بشركائه المسيانيين من اليمين المتطرّف.

ثالثًا؛ في ما يتعلّق بالتأييد الأميركي أُشير، إسرائيليًا، إلى أنّ عدم العودة إلى القتال في غزّة أدى إلى ظهور رئيس الولايات المتّحدة دونالد ترامب بمظهر الضعيف. فلقد وعد مرتين بـ"فتح أبواب جهنم"، وجرى الحفاظ على الهدوء بالرغم من ذلك. لذا فإنّ العودة إلى القتال في غزّة، والمعركة ضدّ الحوثيين في اليمن تخدمان صورة ترامب على أنّه الرجل القوي، وهذا ما يريد إرساءه، وهناك بعض التقديرات التي تفترض أنّ البيت الأبيض هو من دفع في اتجاه العودة إلى القتال.

رابعًا؛ ثمّة من اختار الإشارة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي بات بعيدًا، كلّ البعد، عن العودة إلى كفاءته، كما أن جنود تشكيلات الاحتياط مُستنزَفون، والاقتصاد في وضعٍ صعب، والجمهور الإسرائيلي العريض أمسى في حالة استقطابٍ، بعد عودة الانقلاب الدستوري بكلّ قوّةٍ، فضلًا عن إزاحة من يوصفون بأنّهم "حراس التخوم" من مكانهم، ما يوحي كذلك بأنّ إسرائيل قد تتجّه مرّةً أخرى نحو انفجارٍ داخليٍ شبيهٍ بما كانت عليه الحال قبل الحرب.

الأول؛ العودة إلى الحرب، حسب ما ظلّ يطالب العديد من صُنّاع القرار في إسرائيل، وهو سيناريو تكون فيه احتمالية إنقاذ الأسرى الإسرائيليين، ولا سيّما الأحياء منهم، ضئيلةً للغاية

خامسًا؛ لا تطرح الحكومة الإسرائيلية أيّ إجابةٍ واضحةٍ عن سؤال: ما هو سلّم الأولويّات بشأن أهداف الحرب، وماذا سيحدث بعد استئناف القتال، وما هو الهدف السياسي الأبعد مدىً؟

سادسًا؛ لا بدّ من القول أنّ المعارضة الإسرائيلية ليست لاعبًا مؤثرًا في الساحة السياسية، لكن الأمر بهذا الشأن لا يقتصر على المعارضة فحسب، فحتّى الائتلاف والحكومة ليسا في الملعب، والمستوى السياسي غير موجودٍ، كما أضحت أغلب القيادة العسكرية جديدةً، وقد تولّت مهمّاتها مؤخرًا بفضل نتنياهو ووزير أمنه يسرائيل كاتس.

في التحصيل الأخير تبدو إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، عالقةً كليًّا في متاهةٍ أمنيةٍ - سياسيةٍ.

المساهمون