إسرائيل ترسل وفدها لمفاوضات غزة تحت ضغوط المباحثات المباشرة بين واشنطن وحماس

09 مارس 2025
المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر، واشنطن 6 مارس 2025 (جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أرسل نتنياهو وفدًا إلى الدوحة لتعزيز مفاوضات تبادل الأسرى برعاية مصر وقطر والولايات المتحدة، بقيادة نائب رئيس "شاباك" المنتهية ولايته، بهدف تبني مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
- أعلنت حماس عن لقاء مع رئيس المخابرات المصري لبحث وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مؤكدة على شروط الاتفاق وبدء المرحلة الثانية، ونفت شائعات عن هدنة مؤقتة.
- تجري الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع حماس حول إطلاق سراح محتجزين، مما أثار غضب إسرائيل لعدم إبلاغها، وسط أزمة ثقة متزايدة بين واشنطن وتل أبيب.

أعلن مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أمس السبت، إرسال وفد إلى الدوحة بهدف دفع مفاوضات تبادل الأسرى، ولفت إلى أن هذه الجهود تأتي "استجابة" لدعوة وسيطي المفاوضات مصر وقطر، وبرعاية الولايات المتحدة. وجاء قرار إرسال الوفد في أعقاب "جلسة تقدير وضع" عقدها نتنياهو بالهاتف على خلفية المحادثات المباشرة التي تديرها الولايات المتحدة مع حماس، والتي تثير وفقاً لما أورده موقع واينت العبري، اليوم الأحد، "قلقاً لدى الحكومة" في إسرائيل.

وسيرأس الوفد الإسرائيلي نائب رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك" المنتهية ولايته، المُشار إليه بالحرف "ميم"، والذي من المتوقع أن يُعيّن رئيساً للجهاز عقب استقالة الحالي رونين بار، ويضم مستشار نتنياهو للشؤون السياسية أوفير بليك، ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، و"مستويات مهنية" من الجيش وجهاز الموساد. وطبقاً لمصدر سياسي إسرائيلي، سيحاول الوفد الدفع لتبني مقترح مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

من جهتها، أعلنت حركة حماس، أمس السبت، عقد لقاء جمع وفدها مع رئيس جهاز المخابرات المصري حسن رشاد في القاهرة، وبحث الطرفان "تطبيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع إسرائيل بمراحله المختلفة". وقالت الحركة في بيان إن وفدها شدد على "ضرورة تطبيق شروط الاتفاق كافة والبدء فوراً بالمفاوضات حول المرحلة الثانية منه، وفتح المعابر وإدخال المساعدات دون قيود أو شروط". وأضاف أن "الوفد أكد موافقة الحركة على إقامة لجنة إسناد لإدارة قطاع غزة حتّى تنظيم انتخابات عامة في جميع المستويات المحلية، والرئاسية، والتشريعية".

ونفت حماس، السبت، ما أشيع عن انفتاح الحركة على هدنة مؤقتة، وأكد القيادي في حماس محمود مرداوي أن "ما يجرى تداوله بشأن تلقي الوسطاء رسائل تفيد بانفتاح حركة حماس على هدنة مؤقتة في قطاع غزة غير صحيح". وكانت وسائل إعلام قد ذكرت أنه "اتُّفق على تمديد وقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وحماس خلال شهر رمضان". ورغم ذلك، عادت وسائل الإعلام ذاتها للإشارة إلى أن "حماس وافقت على تمديد المرحلة الأولى لمدة شهرين، وإطلاق سراح جنود أسرى".

وجاءت هذه التطورات بالتوازي مع مواصلة آدم بوهلر، مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المحتجزين الأميركيين، مباحثاته مع حماس، والتي يوجد على جدولها مقترح ويتكوف مُخففاً؛ أي ليس إطلاق سراح جميع الأسرى على مرحلتين، بل "عدد معيّن من المحتجزين مقابل تمديد وقف إطلاق النار حتّى نهاية شهر رمضان وعيد الفصح (العبري)"، وفقاً لموقع واينت.

وذكرت مصادر مُقرّبة من حماس أنه عُقدت أربعة لقاءات مباشرة بين الولايات المتحدة وحماس. وبحسب هذه المصادر، "فإن الأميركيين طالبوا بصفقة منفردة جزئية يُطلق خلالها سراح أسير إسرائيلي- أميركي، وأربع جثث أسرى. حماس، من جهتها، وافقت على هذه الصفقة، مطالبة بتحرير مئات الأسرى الفلسطينيين". وفي المقابل، "وافق الأميركيون على إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً، بينهم مئة من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية". وأضافت المصادر أن "إسرائيل طالبت بأن يكون لها حق الفيتو على 50 أسيراً من أصحاب المؤبدات، فيما اعترضت حماس، لتوافق على منحها فيتو للاعتراض على 10 أسماء فقط". وإثر ذلك، "انسحب الأميركيون من اللقاء الرابع، قائلين إن ترامب يرغب في صفقة دون تعويضات"، في إشارة إلى إطلاق سراح الأسير الذي يحمل الجنسية الاميركية مقابل تمديد وقف إطلاق النار فحسب على ما يبدو. ويتقاطع ما سبق مع ما كانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان 11) قد ذكرته عن أن بوهلر والأميركيين ناقشوا مع حماس إطلاق سراح 10 محتجزين مقابل 60 يوماً من الهدنة.

إسرائيل غاضبة وترامب لن يسمح بـ"التشويش"

من جهة ثانية، أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن مباحثات واشنطن المباشرة مع حماس بدأت من دون علم إسرائيل منذ يناير/ كانون الثاني الماضي مع اقتراب موعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً في حينه، مشيرةً إلى أن الإدارة الأميركية لم تبلغ إسرائيل بمحادثاتها مع الحركة، على أنها علمت بذلك "من مصادر أخرى وبعد فوات الأوان".

وطبقاً لما نقلته القناة عن مسؤولين أمنيين كبار، فإن القناة غير المباشرة والسرية التي فُتحت لبعض الوقت دون إبلاغ إسرائيل جعلت الادعاء بالتنسيق الكامل بين نتنياهو وترامب مشككاً فيه، ولفتت إلى أن ما تقدم "أحرج وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، الذي يقود المفاوضات". وذكرت أنه في المقابل "ثمة خشية في إسرائيل من قيادة واشنطن للمفاوضات، ومن أن يضر ترامب والمسؤولين في الإدارة الأميركية بقدرتها على التأثير في مجريات الأمور، وأن يفضي ذلك إلى إرغامها على الخضوع لإملاءات لا تتواءم مع مصلحتها".

وفي الأثناء، ذكر "واينت" أن انطباعاً تشكل لدى مسؤولين إسرائيليين تحدثوا في الأيام الأخيرة مع مستشاري ترامب، مفاده بأن "الإدارة الأميركية تعتقد أن المحادثات المباشرة مع حماس من شأنها أن تفضي إلى نتائج إيجابية للمحتجزين، وأنها مصرّة على إبقاء هذه القناة مفتوحة". وبالفعل، لفتت الحركة في وقت سابق إلى أنه "توجد مؤشرات إيجابية على التقدّم بمباحثات المرحلة الثانية"، وهو ما تبدى بإعلان مكتب نتنياهو لاحقاً إرسال وفده الاثنين إلى الدوحة.

في المقابل، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقتٍ سابق عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن "هذه القناة لم تفضِ إلى نتائج، وأن إسرائيل لا علم لديها بتقدّم في المباحثات بشأن المرحلة الثانية". ومع ذلك، لفتت وسائل الإعلام ذاتها إلى أن "صندوق أسرار" نتنياهو الوزير رون ديرمر "استشاط غيظاً، خلال محادثة هاتفية أجراها مع بوهلر، بعدما عقد الأخير لقاءً في قطر مع رئيس المكتب السياسي للحركة خليل الحية". وأضافت أن "بوهلر حاول التوضيح أن الحديث يدور حول مباحثات أولية فحسب، وأنه لن يُوقع أي اتفاق دون موافقة إسرائيل"، لكن ذلك "لم يقلل من منسوب غضب ديرمر"، في مؤشر على "أزمة ثقة تتسع بين واشنطن وتل أبيب" وفقاً لـ"واينت"؛ حيث تعزز ذلك "عندما أدركت الولايات المتحدة أن إسرائيل هي الجهة التي تقف وراء تسريب المعلومات بشأن المفاوضات المباشرة بين واشنطن وحماس".

وفي وقت لاحق، اعترف مسؤول أميركي رفيع بأن "الحكومة الإسرائيلية ليست راضية عن حقيقة محادثاتنا المباشرة مع حماس. ولكن لا يمكن لإسرائيل الإدعاء أنها لم تكن على علم بهذه المباحثات، فهي تُجرى منذ الشهر الماضي". وطبقاً لما نقله "واينت" عن مصادر إسرائيلية، لم يحددها، فإن الانطباع الذي تشكل لدى مسؤولين إسرائيليين تحدثوا مع مسؤولي البيت الأبيض هو أنه "بالنسبة إلى ترامب، فإن حل مسألة المحتجزين هي حجر أساس لتوسيع اتفاقيات أبراهام (اتفاقيات التطبيع)، وأن الإدارة الأميركية لن تسمح لنتنياهو بعرقلة خطتها أو التشويش عليها؛ إذ إنه بعد نحو شهر ونصف الشهر سيصل ترامب إلى السعودية، لكنه لن يصل إلى هناك قبل إنهاء أمر المختطفين، ولن يسمح لأحد بجعله يخسر ذلك".

المساهمون