واشنطن تقلّص تقرير حقوق الإنسان السنوي: لا حديث عن الفساد والاعتقال السياسي وتزوير الانتخابات
استمع إلى الملخص
- سيتم تبسيط التقارير لتتوافق مع السياسة الأميركية الحالية، مع حذف مواضيع مثل إعادة اللاجئين قسراً والمضايقات لمنظمات حقوق الإنسان، وإحالة تقارير نحو 20 دولة لمراجعة خاصة.
- تصدر وزارة الخارجية تقارير سنوية حول حقوق الإنسان، وقد تم إعادة تحرير تقارير 2024 تحت إدارة بايدن، مع حذف فئات كاملة من الانتهاكات وتقليل الأمثلة المطلوبة قانونيًا.
كشف تحقيق لشبكة "أن بي آر" الأميركية أن التقارير السنوية لوزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان الدولية ستزيل الانتقادات المعتادة للانتهاكات، مثل ظروف السجون القاسية، والفساد الحكومي، والقيود المفروضة على المشاركة السياسية، وأن إدارة ترامب لن تدين بعد الآن الحكومات لأسباب مثل حرمان حرية التنقل والتجمع السلمي، واحتجاز السجناء السياسيين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، أو فرض قيود على إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
ووفقا لمذكرة ووثائق أخرى، استندت إليها الشبكة، لن يسلط تقرير الخارجية الضوء على إعادة لاجئ أو طالب لجوء قسرا إلى بلاده مما قد يؤدي لمواجهته التعذيب أو الاضطهاد، كما لن يسلط الضوء على المضايقات الخطيرة لمنظمات حقوق الإنسان. وتوجه المذكرة موظفي الوزارة إلى "تبسيط التقارير وتقليصها إلى ما هو مطلوب قانوناً فقط"، وتنص على أن "التغييرات تهدف لمواءمة التقرير مع السياسة الأميركية الحالية والأوامر التنفيذية للرئيس الصادرة أخيرا"، كما سيتم حذف تقارير العنف والتمييز ضد مجتمع المثليين، بالإضافة إلى جميع الإشارات إلى التنوع والإنصاف والشمول.
تحدد مذكرة التحرير أيضا نحو 20 دولة تجب إحالة تقاريرها- قبل النشر- إلى مستشار أول في الوزارة معين سياسيا من أجل مراجعة خاصة، ومن بين هذه الدول، إلى جانب المجر والسلفادور، الأرجنتين ومصر وجنوب أفريقيا وروسيا وأوكرانيا وصربيا وإيطاليا والفيليبين والمكسيك والمملكة المتحدة. ومن بين المواضيع الأخرى التي وجهت المذكرة بحذفها من التقارير: "الممارسات الطبية أو النفسية القسرية وغير الطوعية، والتدخل التعسفي وغير القانوني في الخصوصية، والقيود على حرية الإنترنت، والعنف القائم على النوع الاجتماعي على نطاق واسع، والعنف والتهديد بالعنف اللذان يستهدفان ذوي الإعاقة".
وتنشر وزارة الخارجية الأميركية سنويا وثيقة رسمية باسم "تقارير البلدان حول ممارسات حقوق الإنسان" ترصد انتهاكات مبادئ حقوق الإنسان، وتقدم في العادة- طبقا للقانون- تقريرا شاملا ودقيقا حول حالة حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، وتربط الحكومة الأميركية في بعض الأحيان بين هذه التقارير والمساعدات الخارجية التي تقدمها لبعض الدول طبقا للقانون الأميركي، وهو ما حدث أكثر من مرة من احتجاز أموال من المعونة الأميركية لمصر لارتباطها بملف حقوق الإنسان.
وتصدر وزارة الخارجية الأميركية التقارير سنويا غالبا في مارس/ آذار أو إبريل/ نيسان، وتكون موضع ترقب كبير من الدبلوماسيين الأجانب والقادة المعنيين بكيفية تصوير بلدانهم في التقرير الرسمي لدى الحكومة الأميركية عن حقوق الإنسان. وأنهت إدارة جو بايدن تقارير عام 2024 في يناير/ كانون الثاني الماضي قبل تولي ترامب، ولم تنشر بعد، ولكن الإدارة الجديدة أعادت تحريرها. وقالت مصادر في الخارجية، كما نقلت "أن بي آر"، إن النسخ المنقحة لن تنشر قبل مايو/ أيار المقبل. وبموجب القانون الأميركي، تصدر الخارجية تقريرا سنويا لكل دولة مستندة إلى مخطط رئيسي واحد لجميع الدول، وتستهدف التوجيهات الجديدة حذف فئات كاملة من الانتهاكات من جميع دول العالم، وليس دولا معينة.
وكشفت "إن بي آر" تفاصيل من مسودة التقرير القادم عن دولة السلفادور التي تفاوض ترامب أخيرا على نقل مهاجرين من الولايات المتحدة إلى سجونها، وأشارت إلى حذف القسم المتعلق بظروف السجون، ولم يتبق من الانتهاكات سوى تقارير عن وفيات في السجون أدرجت ضمن فئة "القتل خارج نطاق القضاء"، وأيضا إشارة إلى إساءة معاملة حراس السجن في قسم ملزم به تشريعيا بعنوان "التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية المهينة أو اللاإنسانية". وفي ما يخص دولة المجر التي يصف ترامب رئيس وزرائها بأنه "رجل وقائد عظيم في أوروبا"، شطب القسم المعنون بـ"الفساد في الحكومة"، والذي وصف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بـ"الاستبدادي".
وروج وزير الخارجية ماركو روبيو عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي لتقارير الخارجية الأميركية عن حقوق الإنسان، ووصفها في 2013 بأنها "تسلط الضوء على إخفاق الحكومات الأجنبية في احترام الحقوق الأساسية للمواطنين، بما فيها الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال، وحرمان الأقليات من الحقوق السياسية"، وقال إن التقارير تظهر أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب الساعين إلى الحرية حول العالم. وأصبح الآن روبيو مسؤولا عن هذه التقارير، وقالت "إن بي آر": "تحت إشرافه سيتم حذف بعض الانتهاكات من التقارير، مثل حرمان الأقليات من الحقوق السياسية، والاستغلال الجنسي للنساء والأطفال، والهجمات على حرية التعبير للمواطنين العاديين، ولكن ستظل التقارير تتضمن مسائل حقوق الإنسان التي يتطلبها القانون، مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية ومعاداة السامية وحقوق العمال وزواج الأطفال، والهجمات على حرية الصحافة". كما تطلب المذكرة، بالنسبة لجميع الفئات المطلوبة، تضمينها طبقا للقانون، على أنه في حال الاستشهاد بأمثلة متعددة في المسودات الأصلية ينبغي تقليلها في التقارير إلى مثال واحد فقط.