إدارة ترامب تطلق يد إسرائيل العسكرية في الضفة: لاستنساخ غزة أخرى؟

26 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 11:24 (توقيت القدس)
مدرعات وجنود الاحتلال تحاصر مخيم جنين، 25 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ألغى البيت الأبيض مذكرة بايدن التي كانت تلزم إسرائيل باستخدام السلاح الأميركي بما يتوافق مع القانون الدولي، استجابة لضغوط لتسهيل المساعدات لغزة، لكن إسرائيل لم تلتزم، مما أدى إلى تقارير عن خروقات في غزة.

- إدارة ترامب ألغت المذكرة بصمت، مما سمح لإسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، رغم استمرار القوانين المتعلقة بالأسلحة الأميركية.

- التصعيد في الضفة قد يكون جزءًا من حملة لزيادة الضغوط قبل القمة العربية، حيث يراهن ترامب على توسيع اتفاقيات إبراهم ومشروع "ريفييرا" الشرق الأوسط.

فجأة، ووسط الانشغال بحرب أوكرانيا وقرارات الأمم المتحدة بخصوصها في نهاية عامها الثالث، وما أدت إليه من توسيع الشرخ بين الحلفاء الأطلسيين، مرّر البيت الأبيض قراراً من شأنه أن يطلق يد إسرائيل العسكرية في الضفة الغربية وبدون قيود. في الواقع هو إلغاء لمذكّرة أصدرها الرئيس جو بايدن في فبراير/شباط 2024 لتذكير إسرائيل بوجوب تقديم التزام خطي باستخدام السلاح الأميركي بما "لا يتعارض مع القانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان وحماية المدنيين أثناء العمليات العسكرية"، وفق ما يقتضيه قانون بيع الأسلحة الأميركية إلى الغير. آنذاك اضطر بايدن إلى هذه الوسيلة استجابة لنداءات بعض الديمقراطيين في الكونغرس، الذين طالبوا بضرورة الضغط على إسرائيل لحملها على تسهيل مرور المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المهدد بالمجاعة.

والمعروف أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم تكن تتوقف عند طلبات بايدن المتراخي، بل المتواطئ ضمنا معها. وفي مايو/أيار الماضي صدر تقرير يتحدث عن خروقات إسرائيلية للقانون الدولي وحقوق الإنسان في غزة. إدارة بايدن زعمت أنها لم تقوَ على تأكيد الاتهامات "لفقدان الدليل الدامغ". وبقيت المسألة معلقة ولغاية أن جاءت إدارة ترامب التي ليست في وارد البت فيها، فكان قرارها بإلغاء الأساس الذي أوجب صدور التقرير. أي إلغاء مذكرة بايدن.

وحرصت إدارة ترامب على إحاطة ذلك بالصمت والتعتيم خلافاً لكافة القرارات التنفيذية التي اتخذها الرئيس ترامب حتى الآن والتي أحاطها بالأضواء والإعلان عنها لحظة توقيعها. تسرّبت قبل يومين عن طريق مكتب مستشار الرئيس مايك والتز، الذي نسب إليه قوله إن الرئيس يعتزم وقف العمل "فوراً " بمذكرة بايدن. كما لفت أيضاً أن شطب هذه الأخيرة تزامن مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة "وبصورة مشابهة للعمليات التي شهدتها غزة، خاصة من ناحية كثافة وحجم تدمير المباني" كما وصفها أحد التقارير. وكأن التصعيد بهذا الشكل وفي هذا الوقت ليس صدفة بقدر ما هو نتيجة لإلغاء المذكرة وقيودها، بحيث صار التمادي متاحاً في استخدام إسرائيل للسلاح الأميركي، ولو أن أحكام القانون المتعلق بالأسلحة الأميركية في الخارج ما زالت قائمة ومن المتوجب الالتزام بها. لكن القوانين في حرب غزة كانت مغيّبة مع بايدن. والمتوقع أن لا يكون لها أثر لا في القطاع ولا في الضفة، في زمن ترامب. مشروع هذا الأخير في غزة تجسيد مكثف للاستباحة وتجاهل أبسط القوانين. كذلك ما بدأت تشهده الضفة يندرج في هذه الخانة. بل قد تشهد ما هو أفدح برعاية سفيره مايك هوكابي، الذي لا يعترف أصلا بوجود " شيء اسمه الضفة".

قد يكون التصعيد الجديد والنوعي في الضفة، بداية حملة غرضها مراكمة الضغوط عشية القمة العربية

وقد يكون التصعيد الجديد والنوعي في الضفة، بداية حملة غرضها مراكمة الضغوط عشية القمة العربية، لوضع هذه الأخيرة أمام خيارات صعبة تتراوح بين رهانه على توسيع اتفاقيات إبراهم وبين مشروع "ريفييرا" الشرق الأوسط. وبالتحديد في الأخير ومشروع الترامبي الذي لا يبدو حتى الآن، أن الرئيس ترامب تزحزح عنه.  كما لا يخفى أنه "يدوبل" أحياناً على نتنياهو في المراهنة على خيار القوة. فهو أعرب أكثر من مرة عن شكوكه بنجاح كل مراحل وقف النار في غزة، فضلاً عن تلويحه بفتح "نار الجحيم" لو رفضت حماس إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة. وكاد أكثر من مرة أن يحرض نتنياهو مباشرة على العودة إلى الحرب في غزة، فيما يعطي الأفضلية في خطابه للحلول الدبلوماسية. لغاية الآن يبدو أنه ترك الأمور في المنطقة لنتنياهو، ما عدا مسألة الحرب غير المسموح بها في المدى المنظور مع إيران. ورفع القيود عن إسرائيل في استخدامها للسلاح الأميركي في الضفة، واستطراداً في أي مكان آخر بعد الآن، يأتي في هذا السياق.