إحالة 415 مصرياً لمحاكم الإرهاب وسط شكاوى حقوقية من "التدوير"

12 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 15:36 (توقيت القدس)
أبراج مراقبة في سجن طرة، القاهرة 11 فبراير 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حددت محكمة استئناف القاهرة ثلاث جلسات لمحاكمة 415 مواطناً في قضايا إرهاب، تشمل اتهامات بالانضمام لجماعات إرهابية، مع شكاوى حقوقية من غياب التحقيقات الجدية وانتهاك حق الدفاع.
- تشير التقارير إلى انتهاكات جسيمة مثل الاختفاء القسري والتعذيب، وتدوير المعتقلين في قضايا جديدة بعد البراءة، مما يعكس انتهاكاً لمبدأ "عدم محاكمة المتهم على الجريمة ذاتها أكثر من مرة".
- تعكس القضايا ظواهر مثل التدوير القضائي والاعتماد على التحريات الأمنية، مما يهدد النسيج الاجتماعي في سيناء ويثير قلق المنظمات الحقوقية.

في تطور جديد يسلّط الضوء على الممارسات الأمنية والقضائية المثيرة للجدل في مصر، حددت محكمة استئناف القاهرة، اليوم الخميس، ثلاث جلسات متفرقة لمحاكمة 415 مواطناً مصرياً أمام دائرتين لمحاكم الإرهاب في ثلاث قضايا منفصلة، تُضاف إلى سجل متزايد من القضايا التي توجَّه فيها اتهامات متكررة بالانضمام إلى جماعات إرهابية، وسط شكاوى حقوقية من "التدوير" وغياب التحقيقات الجدية بالإضافة للانتهاكات الجسيمة بحق المتهمين.

وتشمل قائمة المحالين إلى المحاكمة أعداداً كبيرة من النساء، و54 معتقلاً ومعتقلة من سيناء، فضلاً عن معتقلين تمت إحالتهم إلى المحاكمة للمرة الثالثة والرابعة بل والخامسة، رغم حصول بعضهم على أحكام قضائية نهائية بالبراءة أو قرارات بإخلاء السبيل. ورغم ضخامة عدد المتهمين، إلا أن هيئة الدفاع أكدت لـ"العربي الجديد" أنها لم تتمكن، منذ بدء التحقيقات وحتى الآن، من الاطلاع على أوراق القضية، أو حتى على قائمة الاتهامات الرسمية بحق المتهمين، ما يمثل انتهاكاً جوهرياً لحق الدفاع والمحاكمة العادلة.

ووفقاً للدفاع، اقتصرت جلسات التحقيق على المرات الأولى فقط، حيث وُجهت فيها اتهامات "مكتبية" استناداً إلى تحريات الأمن الوطني، بينما استمر تجديد الحبس لما يقرب من أربع سنوات، بشكل روتيني، دون تحقيقات جدية في ظل غياب الأدلة المباشرة أو الشهود. كما أفاد عدد من المحامين بأن موكليهم تعرضوا للاختفاء القسري والتنكيل قبل ظهورهم بنيابة أمن الدولة، وأن الأخيرة رفضت تسجيل الانتهاكات أو التحقيق في وقائعها.

وقررت المحكمة عقد أولى الجلسات لمحاكمة 125 متهماً في القضية رقم 1935، سنة 2021 حصر أمن دولة عليا، في 13 يوليو/ تموز المقبل بتهمة الانضمام إلى جماعة "ولاية سيناء"، التابعة لتنظيم داعش، وتمويلها وتقديم دعم لوجستي لأعضائها. وتضم القضية 54 معتقلاً ومعتقلة من سيناء، إلى جانب عدد كبير من السيدات، وتشير المنظمات الحقوقية إلى أن كثيرات منهن لم يُوجَّه إليهن اتهام مباشر بممارسة أي نشاط إرهابي، بل اقتصر وجودهن في القضية على كونهن زوجات أو قريبات لأشخاص سبق اتهامهم بالانضمام لتنظيمات مسلحة.

وتفيد وثائق القضية بأن المتهمين، الذين بدأ التحقيق معهم منذ مايو/ أيار 2021، ظلوا رهن الحبس الاحتياطي لفترات مطولة، بلغت أربع سنوات لبعضهم، دون تقديم أدلة مادية مباشرة، في قضايا استندت بالأساس إلى تحريات قطاع الأمن الوطني فقط.

من جهتها، نشرت مؤسستا "سيناء لحقوق الإنسان" و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" تقريراً مشتركاً بعنوان "اعتقال بلا نهاية"، وثقتا فيه الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون في هذه القضية، من بينها الاختفاء القسري والتعذيب وتدوير المعتقلين على قضايا جديدة، بعد حصولهم على قرارات بإخلاء سبيلهم أو أثناء حبسهم الاحتياطي، فضلاً عن الإكراه المعنوي والمادي لانتزاع اعترافات. وتشير منظمات حقوقية إلى أن السلطات المصرية أخفقت في التفرقة بين المدنيين غير المتورطين والمشتبه بهم الحقيقيين، خصوصاً في ما يتعلق بالنساء، ما اعتُبر تهديداً إضافياً للنسيج الاجتماعي والقبلي في سيناء.

كما حددت المحكمة يوم 21 يوليو/ تموز المقبل للنظر في أولى جلسات محاكمة 68 مصرياً في القضية رقم 1107، سنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بعدما جرى تدويرهم مجدداً في هذه القضية، رغم حصولهم جميعاً على أحكام بالبراءة أو قرارات قضائية بإخلاء السبيل في قضايا سابقة.

ومن بين المعتقلين يبرز حمادة عبد الجواد بيدق (60 عاماً)، الذي يعاني من ظروف صحية حرجة، إذ يعاني من الربو وحساسية صدرية شديدة، ووصفت أسرته ظروف احتجازه بـ"غير الآدمية" في ظل منع متكرر للعلاج، ما أدى إلى تدهور مستمر بحالته الصحية داخل سجن الزقازيق العمومي. ورغم تقديم أكثر من عشرة بلاغات واستغاثات من الأسرة إلى النائب العام ووزير الداخلية ومصلحة السجون ونيابة أمن الدولة، إلا أن حياته ما زالت مهددة بالخطر.

وتُظهر أوراق القضية أن بيدق اعتُقل في سبتمبر/ أيلول 2019، واختفى قسرياً لمدة 13 شهراً، ثم ظهر ليُعرض على النيابة. وحصل على قرارات بإخلاء سبيله وثلاثة أحكام بالبراءة في ثلاث قضايا متعاقبة، لكنه كان يعاد تدويره مجدداً في كل مرة، في انتهاك صارخ لمبدأ "عدم محاكمة المتهم على الجريمة ذاتها أكثر من مرة"، إلا أنها وصلت في هذه الحالة إلى خمس مرات.

وشهدت القضية أيضاً تدوير أسماء أخرى سبق حصولها على البراءة، مثل محمد أحمد ثابت، محمد عبد المنعم عبد الله، معاذ أبو رجيلة، رضا متولي وآخرين، حيث أُخفوا قسراً لفترات تصل إلى عامين ثم أُعيد ظهورهم في هذه القضية الجديدة المعاد تدويرهم فيها. وتؤكد هيئة الدفاع أن جميع المتهمين تعرضوا لانتهاكات جسدية ونفسية جسيمة، وأن نيابة أمن الدولة رفضت التحقيق في وقائع التعذيب، فضلًا عن اعتمادها شبه الكامل على التحريات الأمنية دون تقديم أدلة مادية مستقلة.

وفي القضية رقم 2213، لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا، أحيل 222 مصرياً إلى محكمة الإرهاب، في جلسة تبدأ في 21 يوليو/ تموز المقبل، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وعقد اجتماعات غير مرخصة وتمويل أنشطة "الجماعة".

وتعكس القضايا الثلاث المحالة إلى محاكم الإرهاب في مصر، والتي تشمل 415 مواطنًا، من بينهم نساء ومسنون وسيناويون وأفراد سبقت تبرئتهم قضائياً، ظواهر متكررة في المشهد القضائي المصري، أبرزها التدوير القضائي حيث يُعاد احتجاز المتهمين في قضايا جديدة بذات الاتهامات، رغم البراءة أو إخلاء السبيل، بالإضافة للاستناد إلى التحريات الأمنية بوصفها المصدر الوحيد للاتهامات.