استمع إلى الملخص
- شهدت الضفة الغربية حوادث مروعة نتيجة لهذه التعليمات، مثل استشهاد امرأة حامل وشابة أخرى، مما يبرز النهج المتساهل والخطير في استخدام القوة المميتة.
- تم نسخ أساليب عسكرية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، مما أدى إلى تصعيد العنف ضد المدنيين واستشهاد أطفال وشباب، مما يثير قلقًا حول انتهاكات حقوق الإنسان.
وسعت قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليمات الخاصة بإطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بحيث يسهل قتل المدنيين الفلسطينيين حتى لو كانوا غير ضالعين بالمعارك، بمن فيهم الأطفال، وهو ما يعني قتل أي شخص فلسطيني يصادفه جنود الاحتلال. وجاء تعديل التعليمات بحسب ما كشفته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، اليوم الاثنين، بمبادرة من قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، اللواء آفي بلوت، وقائد فرقة الضفة الغربية ياكي دولف.
وفي حين زعم جيش الاحتلال أنه "لا يوجد أي تغيير في تعليمات إطلاق النار"، قال مصدر أمني رفيع للصحيفة، لم تسمه، إن الأمر يتعلق بمبادرة من كبار القادة في قيادة المنطقة الوسطى، وسط تقديرات في المؤسسة الأمنية بأن "العدد الكبير من غير الضالعين (في الأحداث) الذين قُتلوا أخيراً هو استثنائي". وقال قادة وجنود بجيش الاحتلال لهآرتس إن بلوت خوّل قوات الاحتلال بإطلاق النار بهدف القتل على أي شخص "يعبث مع الأرض" (بمعنى أنه يراقب أو ينوي وضع عبوة ناسفة)، وأنه لا حاجة لإجراء اعتقال في مثل هذه الحالات. وتهدف التعليمات، وفق المزاعم الإسرائيلية، إلى "منع نشطاء في منظمات إرهابية (في إشارة الى المقاومة) في الضفة، من زرع عبوات ناسفة في الطرق التي تعمل فيها قوات الجيش الإسرائيلي"، لكن مصادر تشارك في القتال تقول إن هذه التعليمات الواسعة جعلت الجنود في الميدان متساهلين في الضغط على الزناد.
ويطبّق جنود الاحتلال تغييراً آخر في تعليمات إطلاق النار، بناءً على توجيهات قائد فرقة الضفة ياكي دولف. وتوضح صحيفة هآرتس نقلاً عن مصادرها أنه منذ بداية العدوان الاسرائيلي الحالي بشمال الضفة الغربية المحتلة، في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، يسمح جيش الاحتلال لسكان المناطق التي يعمل فيها بإخلاء منطقة القتال حتى باستخدام مركبات، وأكد قادة وجنود للصحيفة أن العميد دولف وجه القوات بأنه يمكنها إطلاق النيران الحيّة على أي مركبة تأتي من منطقة القتال باتجاه الحواجز، بهدف إجبار السائق على التوقّف قبل الوصول إلى نقطة التفتيش.
ويشير قادة وجنود يشاركون في العدوان على الضفة الغربية المحتلة، إلى بعض الحالات الصعبة التي نتجت عن توسيع تعليمات إطلاق النار من قبل قيادة المنطقة الوسطى. واحدة من جرائم الاحتلال التي ذكروها وقعت أمس الأحد، عندما أطلق الجنود النار على رجل وامرأة كانت في الشهر الثامن من حملها، لدى وصولهما بسيارتهما إلى حاجز للجيش في منطقة طولكرام. ويشير التحقيق الأولي إلى إطلاق النار على الرجل داخل السيارة دون أن يحاول تجاوز الحاجز أو يهدد الجنود، فيما تمكّنت زوجته الحامل سندس شلبي، التي تبلغ من العمر 23 عاماً، من الخروج من السيارة وتعرضت لإطلاق نار ثلاث مرات في الصدر ما أدى لاستشهادها وفشلت محاولات إنقاذ الجنين. وفي التحقيق الأولي لجيش الاحتلال، زُعم أن المرأة الحامل "نظرت بشكل مريب إلى الأرض"، علماً أنها لم تكن مسلّحة ولم يُعثر في محيطها على أي وسيلة قتالية يمكن أن تدل على أنها حاولت زرع عبوة ناسفة.
نسخ أساليب استخدمت في غزة إلى الضفة الغربية
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري مشارك في العدوان في الضفة، دون أن تسمّيه: "كل من يُقتل اليوم في الضفة الغربية هو شخص (يعبث مع الأرض)، حتى لو لم يكن يحفر في تلك اللحظة ولا يحمل سلاحاً يمكن أن يثير الشك بأنه ينوي زرع عبوة ناسفة". وبحسب قادة وجنود في الميدان قررت قيادة المنطقة الوسطى في الجيش نسخ أساليب كانت تُستخدم في قطاع غزة إلى الضفة الغربية. وقال ضابط موجود في الميدان لهآرتس: "تحوّلت جباليا إلى قدرات عملياتية يتم إحضارها إلى كل ساحة" (في إشارة إلى نسخها)، مضيفاً أن "قيادة المنطقة الوسطى لم تكن جزءاً من الحرب في غزة وهم يحاولون سد الفجوات".
واستشهدت شابة أخرى، أمس الأحد، رهف الأشقر (21 عاماً)، بنيران جيش الاحتلال. وينسب الجنود والقادة الذين تحدثوا إلى الصحيفة العبرية مقتل الشابة إلى النهج الجديد المتساهل في استخدام النار الفتاكة. واستشهدت الأشقر بعبوة ناسفة وضعها جنود الاحتلال على باب منزلها في مخيم نور الشمس للاجئين بالقرب من طولكرم. وأظهر التحقيق الأولي للجيش أن قوة تعمل في المكان قررت وضع عبوة ناسفة على الباب لاقتحام المنزل، ووفقاً لمزاعم جيش الاحتلال كانت القوة تحمل معلومات استخباراتية بأن "مشتبهاً به" كان يقيم في المنزل.
وزعم جيش الاحتلال أنه "قبل الاقتحام، دعت القوات ساكني المنزل للخروج، وعندما لم يخرج أحد، اقتحمت القوات الباب بالمتفجرات". ومع ذلك، قالت مصادر مطّلعة على تفاصيل التحقيق لهآرتس إن القوات لم تخبر ساكني المنزل بنيتها اقتحام المبنى قبل وضع العبوة الناسفة عند المدخل. وبعد وضعها، فتحت الأشقر الباب، ومع فتحه انفجرت العبوة وتسببت في استشهادها. ووفقاً لشهادات المصادر المطّلعة على تفاصيل الحادثة، نفّذت القوة بعد الانفجار إجراءً لاستخدام "المدنيين غير الضالعين في الأحداث" من أجل تفتيش المباني، كما يحدث في قطاع غزة، أي استخدامهم دروعاً بشرية. وفي هذه الحالة، أرسل جيش الاحتلال أحد سكان مخيم اللاجئين، الذي تم اختياره بشكل عشوائي من قبل الجنود، نحو جثة الأشقر لتوثيق الموقع والتأكد من عدم وجود عبوة أخرى غير معروفة للقوات.
وقبل يومين استشهد الطفل صدام حسين إياد رجب، البالغ من العمر سبع سنوات، متأثراً بجراحه بعد إصابته بنيران جيش الاحتلال قبل حوالي عشرة أيام أثناء وجوده في منزل جده بمخيم طولكرم للاجئين. وتم توثيق لحظة إطلاق النار عليه، حيث يظهر في الفيديو وهو يسقط على الأرض ويصرخ من الألم. في البداية، زعم جيش الاحتلال أن القوات اشتبهت في أن رجب "يعبث مع الأرض" بشكل مريب ولذلك تم إطلاق النار عليه.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها جيش الاحتلال النار على أطفال يشتبه في نظرهم إلى الأرض أو "عبثهم" معها. ففي الشهر الماضي قُتل كلّ من رضا وحمزة بشارات، البالغين من العمر ثماني سنوات وعشر سنوات، وقريبهما آدم بشارات البالغ من العمر 23 عاماً، بهجوم مسيّرة، وقال مصدر عسكري لصحيفة هآرتس إن القوة في الميدان اعتقدت خطأً أن الثلاثة هم زارعو عبوات ناسفة، ورُفع طلب مهاجمتهم ضمن تسلسل الهرم القيادي حتى وافق عليه قائد المنطقة في الجيش آفي بلوت.