إبعاد أسرى صفقة "وفاء الأحرار"... عقوبة ثالثة

18 يناير 2025
أقارب أسرى في سجون الاحتلال يستعدون لاستقبالهم في غزة، 18 يناير 2025 (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قلق العائلات من الإبعاد: تعبر عائلات أسرى صفقة "وفاء الأحرار" عن قلقها من احتمال إبعادهم خارج فلسطين كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، معتبرةً أن فلسطين هي الوطن الذي لا يمكن التخلي عنه.

- معاناة الأسرى وعائلاتهم: تتحدث زوجات الأسرى عن معاناتهن منذ إعادة اعتقال أزواجهن، حيث يرفضن فكرة الإبعاد، معتبرات أن السجن داخل الوطن أفضل من النفي خارجه.

- التحديات القانونية والسياسية: يواجه 48 أسيراً من صفقة "وفاء الأحرار" خطر الإبعاد، وتعتبر الجهات الفلسطينية سياسة الإبعاد عقوبة إضافية، ويتم العمل على نشر القوائم الرسمية للأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.

تخشى عائلات أسرى صفقة "وفاء الأحرار" (صفقة شاليط)، أن يتم إبعادهم خارج فلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي مع إطلاق سراحهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ما يعني "عقوبة ثالثة" لهم، بعدما أعيد اعتقالهم عام 2014 تعسفياً بعد الإفراج عنهم عام 2011.

عقوبة ثالثة

بقلق كبير تتحدث أمان نافع، زوجة الأسير نائل البرغوثي، في حديث مع "العربي الجديد"، عن فكرة إبعاد أسرى صفقة "وفاء الأحرار" إلى خارج فلسطين، معتبرةً ذلك "عقوبة ثالثة" بعد سنوات طويلة قضوها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، متسائلة: "كيف يمكن القبول بإبعاد الإنسان عن أمه، وفلسطين هي الأم والوطن؟"، مؤكدة أن التفكير في الإبعاد مرفوض.

نائل البرغوثي من بلدة كوبر شمال رام الله وسط الضفة الغربية، أفرج عنه في الصفقة عام 2011، لكنه اعتُقل مرة أخرى في 2014 مع عشرات الأسرى الآخرين من الصفقة نفسها، بعد أن أصبحوا "رهائن" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تؤكد زوجته أمان. وتقول: "نائل رفض الإبعاد في صفقة وفاء الأحرار، وقال إنه يفضل البقاء في السجن على أن يُبعد عن فلسطين، ثم رفض الإبعاد مرة أخرى عقب اعتقاله عام 2014. واليوم، بعد أكثر من 44 عاماً في السجن، كيف نقبل كعائلات أسرى بإلابعاد؟".

تشدد أمان على أن قرار الإبعاد ليس فقط مرفوضاً من قبل أسرى صفقة "وفاء الأحرار"، بل أيضاً من قبل عائلاتهم، الذين يعيشون في صدمة من هذا القرار، وتقول: "هؤلاء الأسرى كانوا محررين، بنوا بيوتاً، وتزوجوا، وأنجبوا أطفالاً، ثم أعيد اعتقالهم بشكل تعسفي". وتؤكد أمان أن الأسرى، ومن بينهم زوجها نائل، التزموا بكلّ شروط الصفقة، وكانوا يذهبون للتوقيع في مراكز الاحتلال كل شهرين، وتقول: "قبل أسبوعين من اعتقاله، ذهب نائل للتوقيع في مركز بيت إيل، ثم اعتُقل بعد ذلك دون أي سبب"، مشيرة إلى أن الأسرى لم يخرقوا أي اتفاق، ومع ذلك تم اعتقالهم "رهائن" لاستخدامهم في صفقات مستقبلية.

ضرورة تدخل الدول الراعية لاتفاق غزة

وتطالب أمان بالتدخل العاجل من الدول الراعية، خاصة مصر وقطر، لوقف قرار الإبعاد. وتقول: "مصر كانت طرفاً في الصفقة الأولى عام 2011، فكيف توافق على هذا القرار الآن؟"، داعية الوفد الفلسطيني إلى إعادة النظر في القرار، مؤكدة أن "هذا الاتفاق ليس مقدساً، والأسرى عانوا بما يكفي". وتقول أمان: "نرفض أن يتم تشتيتنا عن أرضنا. نائل قضى أكثر من 44 عاماً في السجن، وهو يستحق أن يعود إلى بيته في كوبر، لا أن يُبعد عن وطنه".

إبعاد رغم اقتراب انتهاء حكمه

بدورها، لا تتقبل إيمان أبو رجب، زوجة الأسير معاذ أبو رموز من الخليل، فكرة إبعاد زوجها إلى خارج فلسطين، وعندها، أنّ ذلك يعني اتخاذ عقوبة بحقه للمرة الثالثة على التوالي، وما يزيد الظلم أنه بقي على الإفراج عنه نحو شهرين ونصف الشهر فقط. وتتحدث إيمان في حديثها مع "العربي الجديد"، عن معاناتها منذ إعادة اعتقال زوجها تعسفياً عام 2014، بعدما كان قد أُفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" (صفقة شاليط) عام 2011، قائلة: "تزوجنا بعد الإفراج عن معاذ، وأنجبنا طفلتنا الأولى هالة، التي تبلغ الآن 11 عاماً، وبعدها اعتُقل، ثم أنجبنا توءمين، قتيبة ورضا، من خلال النطف المهربة من السجن، وهما يبلغان الآن ستة أعوام".

بمرارة تتحدث إيمان، قائلةً: "زوجي أعيد اعتقاله عام 2014 دون تهمة جديدة، وأعيد له الحكم بالسجن 18 عاماً، ولم يتبقَّ على انتهاء محكوميته سوى شهرين ونصف فقط. من الظلم أن يتم إبعاده الآن بعد كل هذه السنوات".

السجن أفضل من الإبعاد

تؤكد إيمان أنها وزوجها يرفضان فكرة الإبعاد، كما الكثير من عائلات الأسرى، قائلة: "أفضّل أن يمضي ما تبقى من حكمه في السجن، على أن يتم إبعاده إلى الخارج، الإبعاد يعني حرمانه من العودة إلى بيته وأسرته، وهذا ظلم مضاعف وعقوبة إضافية". وتشير إيمان إلى أن اسم زوجها ورد ضمن قوائم الأسرى الذين سيتم إبعادهم إلى خارج فلسطين، وفقاً للقوائم التي نشرها الاحتلال الإسرائيلي على مواقعه الرسمية.

وتؤكد إيمان أن عائلتها ليست الوحيدة التي ترفض فكرة الإبعاد، قائلة: "هناك العديد من العائلات التي ترفض أن يتم إبعاد أبنائها إلى الخارج. كيف نرضى بأن يعيشوا في المنفى بعد سنوات طويلة قضوها في السجن؟ الإبعاد عقوبة ثالثة بعد سنوات الاعتقال الطويلة، الأصل أن يفرَج عن زوجي إلى بيته ووطنه، حتى لو تم اعتقاله مرة أخرى، الإبعاد ظلم لنا، وعلى المفاوضين الفلسطينيين أن يأخذوا بعين الاعتبار أن هناك أسرى بقيت لهم فترة بسيطة من حكمهم".

48 من أسرى الصفقة في خطر الإبعاد

إلى ذلك، يوضح رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن الأسرى الذين أعيد اعتقالهم عام 2014 من محرري صفقة "وفاء الأحرار" أو صفقة "شاليط" التي أبرمت عام 2011، وكان عددهم 70 وأعيدت لهم الأحكام السابقة، بقي منهم 48 أسيراً أعيدت لهم أحكام المؤبد، يتقدمهم الأسير نائل البرغوثي الذي قضى أكثر من 44 عاماً في السجن، ولا يزالون قيد الاعتقال، بينما تم الإفراج عن آخرين بعد انتهاء محكوميتهم.

ويؤكد الزغاري أن نحو 250 أسيراً من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات سيتم إبعادهم إلى دول أخرى مثل قطر، أو مصر، أو تركيا، مؤكداً أن سياسة الإبعاد تُعدّ عقوبة إضافية ترفضها الجهات الفلسطينية جملة وتفصيلاً. لكن الزغاري يؤكد أن هذه الصفقة تأتي في ظل ظروف صعبة يعيشها الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، كما يتعرض الأسرى لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك الإخفاء القسري والإعدامات خارج نطاق القانون.

وبحسب الزغاري، فإن من سيتم الافراج عنهم في المرحلة الأولى 1904 أسرى من الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، ينتمون إلى مختلف التنظيمات الفلسطينية، وبعضهم غير مؤطرين تنظيمياً. والقوائم الأولية التي تم نشرها على مواقع وزارة القضاء الإسرائيلية وفق الزغاري، تشمل 737 أسيراً فلسطينياً من الضفة الغربية، بما فيها القدس، و1167 أسيراً من قطاع غزة ممن اعتُقلوا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويوضح الزغاري أن من بين أولئك الأسرى 284 محكومين بالسجن المؤبد، و328 محكومين بفترات متفاوتة أقل من المؤبد، بالإضافة إلى 74 موقوفاً و49 معتقلاً إدارياً، و69 أسيرة، و25 طفلاً، و41 أسيراً من كبار السن. ويؤكد الزغاري أن الجهات الفلسطينية الرسمية لم تتلقَّ حتى الآن القوائم النهائية من المفاوض الفلسطيني التي تتعلق بأسرى الدفعة الأولى، مشيراً إلى أن نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية سيقومان بنشر القوائم الرسمية أولاً بأول حال ورودها من المفاوض الفلسطيني، حيث سيكون النشر على مدار عملية الإفراج التي ستتم على مراحل تمتد لستة أسابيع.

ووفق الزغاري، هناك نقطتا تجمع سيتم إعلانهما في رام الله لأسرى الضفة الغربية وسجن عسقلان، لاستقبال الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم إلى قطاع غزة.

المساهمون