أي مصالحة في ليبيا؟

أي مصالحة في ليبيا؟

03 يونيو 2021
يريد حفتر التأكيد أن قواته لا تزال مؤثرة (فرانس برس)
+ الخط -

ترك قادة السلطة الجديدة الليبية كل استحقاقات المرحلة والمهمات الموكلة إليهم وقفزوا إلى استحقاق المصالحة الوطنية، من دون النظر إلى المعطيات والشروط الواجب توفرها لإنجاحها وإقناع الفاعلين وكل الأطراف بها. وعلى الرغم من الزخم الإعلامي الذي رافق إعلان المجلس الرئاسي إطلاق الملتقى التأسيسي للمفوضية العليا للمصالحة الوطنية، يوم الإثنين الماضي، غير أنه لم يلقَ استجابة ولا اهتماماً من جانب المواطن ولا الشرائح والنخب الفاعلة. مع العلم أن "الرئاسي" أعلن أن الهدف من إطلاق الملتقى هو إشراك الليبيين "في وضع تصورات ومفاهيم ومقترحات تساعده في هيكلة المفوضية، واتخاذ القرار المناسب بشأن قيادتها".

لم تحظ ردود فعل النخب والشارع باهتمام على الرغم من أن "التجاهل" وهو رد فعل بحد ذاته، قد يكون مضمونه الرفض. لكن لماذا هذا السلوك؟

عموماً، قد يثير واقع البلاد أسئلة عدة في محاولة  للإجابة على هذا السؤال، وملخصها "كيف يمكن أن تنعقد مصالحة ومقاتلو الطرفين في خطوط التماس لا تفصلهما سوى بضعة كيلومترات، ويمكن لرصاصة واحدة أن تلغي تلك المسافة في لمح البصر؟"، و"كيف يمكن أن تنعقد مصالحة وأهالي ترهونة لا يزالون يبحثون عن رفات أبنائهم في حفر الموت؟"، و"كيف يمكن أن تنعقد مصالحة وعشرات السجون السرية لا تزال قائمة وعلى جدرانها قصص من غيّبهم الموت داخلها؟". وماذا عن شوارع الزيت وقنفودة والهواري في بنغازي، وقائمة الأسئلة طويلة بطول السنوات العشر الماضية.

استبق اللواء المتقاعد خليفة حفتر دعوة المجلس الرئاسي لليبيين للمشاركة في رسم هيكل مفوضية المصالحة، بيومين فقط، ليقول "آن الأوان للتصالح والتسامح لنبني معاً ليبيا الجديدة، ليبيا الخير والسلام وليبيا الأمن والسلام" وهو يستعرض آلة الموت والدمار، ولسان حاله: "أنا من يحدد موعد المصافحة والمسامحة ومن يحدد موعد القتل والحرب"، وربما رسالته المسبقة لــ"الرئاسي" والليبيين أن لا تصالح ولا تصافح إلا "تحت رايتي وبأمري".

ومن مفارقات دعوة المجلس الرئاسي لشرائح الليبيين إلى المشاركة في بناء هيكل وقانون مفوضية المصالحة، أنه قرر عقد لقاءات لشريحة رجال الدين بإشراف هيئة الأوقاف التي تديرها وتسيطر عليها رموز التيار المدخلي السلفي، الذين شرّعوا آلة القتل ووصفوا خصوم حفتر بأنهم "خوارج".

المساهمون