تنظر الرادا العليا (البرلمان الأوكراني)، اليوم الثلاثاء، في استقالة وزير الدفاع الأوكراني أليكسي ريزنيكوف، تمهيداً لتعيين رئيس صندوق ممتلكات الدولة الأوكرانية، المفاوض السابق مع روسيا، رستم أوميروف، خلفاً له بترشيح من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وسط تساؤلات عن دلالات تعيين مسؤول ينتمي إلى شعب تتار القرم في مثل هذا المنصب الرفيع، وتوقيت ذلك.
وظهر اسم أوميروف البالغ من العمر 41 عاماً مرشحاً لحقيبة الدفاع في آخر لحظة، وذلك بعد سلسلة من فضائح مزاعم فساد في عهد ريزنيكوف، مثل شراء بيض دجاج بأسعار مبالغ فيها، ووجبات سيئة الجودة للجنود، وسترات صيفية تركية للحملة العسكرية الشتوية.
ومن اللافت أن أوميروف ينحدر من عائلة من تتار القرم، هُجّرت من أرضها في العام 1944، في إطار عمليات تهجير واسعة النطاق طاولت عدداً من الشعوب السوفييتية بتهمة التعاون مع الاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945).
ومع ذلك، يرجع الباحث الأكاديمي الأوكراني إيغور سيميفولوس، اختيار أوميروف وزيراً للدفاع إلى صفاته الشخصية، وفي مقدمتها إثباته مراراً قدرته على العمل ضمن فريق، وليس إلى أصوله التتارية في حد ذاتها.
ويقول سيميفولوس في اتصال بـ "العربي الجديد" من العاصمة الأوكرانية كييف: "أوميروف من أبناء شعب تتار القرم، ومن عائلة هُجّرت في العام 1944، وهو وُلد في جمهورية أوزبكستان السوفييتية حينها، ولكنه قطع مسيرة أعمال ناجحة بعد عودته إلى وطنه التاريخي في بداية تسعينيات القرن الماضي".
ويلفت إلى أن "أوميروف عارض الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014، مما دفعه إلى مغادرتها باتجاه كييف، حيث عمل مستشاراً لزعيم تتار القرم مصطفى جميلوف".
ويقلّل من أهمية تأثير أصوله التتارية في تعيينه وزيراً للدفاع، مضيفاً: "رغم عدم شغله أي مناصب حكومية أو عسكرية رفيعة من قبل، إلا أنه بدأ مسيرة سياسية في أوكرانيا ما بعد 2014، بانتخابه نائباً بالبرلمان عن حزب "غولوس" (الصوت)، وتولى رئاسة صندوق الممتلكات الحكومية، ووزارة الدفاع في أوكرانيا منصب مدني".
ويتابع: "كان أوميروف مشاركاً حاضراً بكلّ جولات المفاوضات مع روسيا، بما فيها تلك التي انعقدت في إسطنبول في مارس/ آذار 2022، وأثبت فاعليته في العمل ضمن فريق، ولا يمكن ربط تعيينه بأصوله التتارية أو باستمرار التقدم المضاد باتجاه القرم".
وفي موسكو، اعتبرت صحيفة "نيوز.رو" الإلكترونية أن شخصية أوميروف تهدف إلى تحقيق توازن بين المساعي البريطانية والأميركية للسيطرة على وزارة الدفاع الأوكرانية، كما يمكنه توسيع إمكانيات الأتراك، في إشارة إلى كون تتار القرم واحداً من الشعوب التركية.
وفي مقال بعنوان "لماذا غيّر زيلينسكي وزير الدفاع: ماذا ننتظر من رستم أوميروف؟"، اعتبرت الصحيفة أنه ليس من باب الصدفة أن زيلينسكي قرر إقالة ريزنيكوف عشية توجهه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وبعد انتقادات حازمة من قبل أعضاء بالكونغرس الأميركي، اتهموا كييف باستشراء الفساد، وهددوا بإيفاد مراقب لتحليل الإنفاق، ليأتي تغيير وزير الدفاع في الوقت المناسب، وكأنه "بيضة عيد الفصح".
وتجدر الإشارة إلى أنه في بداية العام الحالي، كان ريزنيكوف الذي عُيّن وزيراً للدفاع في نهاية عام 2021، على حافة الإقالة تحت ضغوط الأميركيين الذين رغبوا في تعيين شخصية مقربة منهم مثل رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريل بودانوف، على رأس وزارة الدفاع. ولكن زيلينسكي ومدير مكتبه، أندريه يرماك، تمكنا حينها من الإبقاء عليه.