أورتاغوس تستكمل جولتها في لبنان بعد إيصال رسائل أميركية (إسرائيلية)

08 فبراير 2025
ميقاتي مستقبلاً أورتاغوس في بيروت، 8 فبراير 2025 (أحمد الكردي/رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التقت الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بمسؤولين لبنانيين لبحث وقف إطلاق النار، وأثارت الجدل بتهنئتها لإسرائيل على هزيمة حزب الله ورفضها مشاركته في الحكومة، مؤكدة على انسحاب إسرائيل ودعم الجيش اللبناني.
- جدد نجيب ميقاتي مطالبته بانسحاب إسرائيلي كامل وتطبيق القرارات الدولية، مشدداً على الإصلاحات للحصول على الدعم الأميركي، مع عدم التعامل مع شخصيات محسوبة على حزب الله.
- التقى نبيه بري مع أورتاغوس، مشيداً بدور الجيش اللبناني ومطالباً بتطبيق القرار 1701، وأثارت تصريحاتها انتقادات بسبب ارتداء خاتم نجمة داود، مؤكداً على أهمية التوافق لتشكيل الحكومة.

تستكمل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الرئاسي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، اليوم السبت، جولتها في لبنان وتشمل لقاءات مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف نواف سلام، لبحث ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار وملفات سياسية. وتأتي لقاءات أورتاغوس بعد التصريحات عالية النبرة التي أطلقتها أمس الجمعة من أعلى منبر في السلطة اللبنانية؛ لحدّ وصف بعض الأوساط السياسية لها بالاستفزازية والمهينة، لا سيما بتهنئة "حليفتها" إسرائيل على هزيمة حزب الله وامتنانها لها، ووضع فيتو على مشاركة الأخير في الحكومة، ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والسلوكيات الدبلوماسية والسيادة اللبنانية.

وجدّد ميقاتي خلال لقائه أورتاغوس صباح اليوم السبت "مطالبة الولايات المتحدة الأميركية التي رعت تفاهم وقف إطلاق النار مع فرنسا بإتمام الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلتها في الجنوب بحلول الـ18 من الشهر الجاري، ووقف التدمير الممنهج للبلدات والقرى، والشروع في تطبيق القرار 1701 بحرفيته، وحل الخلافات الحدودية على الخط الأزرق".

وشدد ميقاتي على أنّ "الالتزام بتطبيق القرارات الدولية سيؤدي إلى استقرار الوضع في المنطقة والجنوب بشكل خاص".

وقال مصدر مقرب من ميقاتي لـ"العربي الجديد" إنّ "رئيس الحكومة طالب الموفدة الأميركية بالضغط من أجل إتمام الانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي اللبنانية في 18 فبراير/شباط الجاري، تبعاً للمهلة الجديدة، وتضمنت إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، فكان تأكيد من أورتاغوس بأنّ الانسحاب سيكون في 18 فبراير، وتبعاً للموعد، سينتشر الجيش اللبناني بعد انسحاب القوات الإسرائيلية".

وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن "الموفدة الأميركية أكدت ضرورة انتشار الجيش اللبناني على الحدود وتعزيز هذا الانتشار، مشددة على أن الدعم الأميركي سيكون قائماً للمؤسسة العسكرية لإتمام مهامها"، مشددة على أنّ "أميركا ستبقى حاضرة لدعم لبنان خصوصاً في عهده الجديد، الذي يُنتظر منه أن يقيم الإصلاحات المطلوبة".

رسائل أميركية واضحة

من جهته، قال مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أورتاغوس حملت رسائل واضحة من الإدارة الأميركية مفادها أنّ لبنان بعهده الجديد يجب أن يكون من أولى أولياته الإصلاح طريقاً لنيله الدعم، ولا يمكنه الاستمرار في السياسة التي كانت قائمة على مرّ السنين السابقة". وشدد المصدر على أنّ "الولايات المتحدة لا تتدخل في الشأن اللبناني، ولا في الأسماء الحكومية، لكن موقفها معروف بأنّها لا تتعامل مع أي شخصية محسوبة على حزب الله المصنف لديها إرهابياً وعلى لائحة العقوبات".

لقاء بري أورتاغوس

إلى ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بمقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، أورتاغوس، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان لا سيّما الوضع الميداني في الجنوب على ضوء إمعان إسرائيل، جرياً على عادتها، في خرق القرار الأممي 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، عبر استمرارها احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية، وحرقها ونسفها عشرات المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، إضافة لشنّ طيرانها الحربي والمُسيّر عشرات الغارات الجوية مستهدفاً مناطق لبنانية عدة، وذلك بحسب ما صدر عن المكتب الإعلامي لبري.

وشدّد بري أمام المبعوثة الأميركية على "وجوب أن تُلزم إدارتها بوصفها ضامنةً للاتفاق إسرائيل بتطبيقه كاملاً، كما بنود القرار الأممي 1701 وفي مقدمها الانسحاب من كامل التراب الوطني اللبناني"، مؤكداً أن "إسرائيل هي شرّ مطلق واستمرار احتلالها للأراضي اللبنانية يستوجب مقاومته"، مشيداً بدور الجيش اللبناني وحرفيته في انتشاره وفقاً لما نصّ عليه الاتفاق.

واتجهت الأنظار اليوم إلى لقاء المبعوثة الأميركية مع رئيس البرلمان نبيه بري، لا سيما في ظلّ تصريحات أورتاغوس الهجومية، التي عرّضتها لحملة انتقادات واسعة شملت أيضاً ارتدائها خاتم نجمة داود في اليد التي صافحت بها الرئيس اللبناني جوزاف عون أمس الجمعة، وتُرجمت في بعض التحركات في الشارع اللبناني خصوصاً على طريق المطار في بيروت.

في الإطار، يقول مصدر مقرّب من بري لـ"العربي الجديد" إنّ "تصريحات المبعوثة الأميركية ليست جديدة، فكلّنا نعرف علاقتها مع إسرائيل وتماهيها مع الاحتلال، وتهليلها لجرائمه وارتكاباته بحق المدنيين، ولكن لم نتوقع أن تخرج بهذه الطريقة عن كل السلوكيات الدبلوماسية خصوصاً على الصعيد الحكومي، بطريقة من شأنها أن تأخذ البلد إلى مكان آخر وتحِدث خلافاً بين الأطراف اللبنانية".

ويشدد المصدر على أنّ "بري يكرر دائماً أهمية التوافق في لبنان واعتباره المسار الأساسي لكل الاستحقاقات، وهذه التركيبة لا يفهمها أو لا يريد الخارج أن يفهمها، فلا أحد يمكن أن يلغي الآخر أو يقصيه، ولا أحد يمكن أن يقرر من يكون في الحكومة أو خارجها فهذا شأن لبناني".

ويلفت المصدر إلى أنّ "الاتصالات مستمرة على الصعيد الحكومي مع الرئيس المكلف نواف سلام، وحركة أمل وحزب الله ليسا الطرف المعرقل، ونأمل أن تُشكَّل الحكومة في أقرب وقتٍ ممكنٍ".

وبالتزامن مع جولة أورتاغوس التي شملت أمس الجمعة مناطق في جنوب لبنان، تستمرّ الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، بحيث عمد جيش الاحتلال اليوم إلى إحراق منازل لمدنيين في بلدة العديسة، كما واصلت طائراته التحليق على علو منخفض، ضمنها فوق العاصمة بيروت والمناطق المحيطة بها والساحلية.

بالتزامن مع جولة أورتاغوس التي طاولت أمس الجمعة مناطق في جنوب لبنان، تستمرّ الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار

أما على المستوى الحكومي، فقد اتجهت الأنظار إلى مدى انعكاس تصريحات أورتاغوس على مسار عمل سلام، خصوصاً أنها أتت في وقت يضع فيها الرئيس المكلف لمساته الأخيرة على التشكيلة، مع بقاء حلّ عقدة الوزير الخامس المحسوب على الطائفة الشيعية؛ الذي يتمسّك به حليف حزب الله، حركة أمل برئاسة نبيه بري.

واجتمع الرئيس اللبناني جوزاف عون، مساء أمس الجمعة، مع سلام وسط أجواء أكدت أن التوافق تمّ ولم يتبقَّ سوى الإعلان الرسمي عن ولادة الحكومة، بيد أنّ اعتذار الوزير السابق ناصر السعيدي في اللحظة الأخيرة عن تولي حقيبة التنمية الإدارية، باعتبارها الوزارة الخامسة للطائفة الشيعية، عرقل العملية، فما كان من سلام سوى أن غادر قصر بعبدا بعد لقاء استمرّ أكثر من ساعة، من دون الإدلاء بأي تصريح. وبحسب المعلومات، فإنّ قنوات التواصل مفتوحة بين الرؤساء عون وسلام وبري لتذليل جميع العقد في الساعات المقبلة، وهناك أسماء كثيرة تُطرح للوزارة الخامسة، لكن لم تُحسم بعد، ومن بينها النائب الأول لحاكم مصرف لبنان السابق الدكتور رائد شرف الدين.