استمع إلى الملخص
- حزب الله أكد استعداده لمواجهة العمليات البرية، معلناً تكبيد العدو خسائر كبيرة، ومشدداً على رفضه للضغوط الإسرائيلية أو أي تسوية تمس السيادة اللبنانية.
- الخبراء يرون أن إسرائيل تهدف لتدمير القرى اللبنانية وتهجير سكانها، وتجريد حزب الله من ترسانته العسكرية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، لمواجهة النفوذ الإيراني.
استبقت دولة الاحتلال الإسرائيلي الحراك الدولي المكثف على خطّ مفاوضات وقف إطلاق النار لتعلن بدء المرحلة الثانية من المناورة البرية في جنوب لبنان بالتزامن مع زيادة رقعة غاراتها الجوية على مساحة واسعة من المناطق اللبنانية في إطار سياسة التدمير والقتل والتهجير والإبادة المعرفية، الأمر الذي أطاح بعض الأجواء التفاؤلية التي تحدّثت عن قرب التوصل إلى تسوية.
وأفادت صحيفة معاريف العبرية، أمس الثلاثاء، بأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ المرحلة الثانية من "التوغل البري" في لبنان، مضيفةً، نقلاً عن مصادر في الجيش، أن الفرقة 36 قامت بمناورات في مناطق جديدة في جنوب لبنان، وهي الفرقة الكبرى من فرق جيش الاحتلال المتوغلة حتى الآن، بحسب الصحيفة. ونقلت الصحيفة العبرية، عن مصادر في جيش الاحتلال، قولها إن "الغرض من المرحلة الثانية إزالة تهديد صواريخ حزب الله في المنطقة، وكذلك الضغط على الحزب في كل ما يتعلق بالمفاوضات السياسية للتسوية في لبنان".
ويأتي إعلان الاحتلال بدء المرحلة الثانية من التوغل البري في وقتٍ يؤكد فيه حزب الله أنّ إسرائيل عجزت عن تحقيق أي هدف من أهدافها في المرحلة الأولى منذ أن بدأت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في ظلّ تصدّيه لجميع محاولات التسلّل والتقدّم والسيطرة على القرى الحدودية في الحافة الأمامية، منها الخيام، وكفركلا، وعيتا الشعب ومارون الراس، وغيرها.
وسارع حزب الله إلى التأكيد أنّ المرحلة الثانية لن يكون مصيرها سوى "الخيبة"، مؤكداً أنه اتخذ كل الإجراءات التي تمكّنه من خوض معركة طويلة لمنع جيش الاحتلال من تحقيق أهدافه، مشدداً على أنّ "الجبهة في كل المحاور والقطاعات تمتلك العديد والعتاد اللازمين ومن مختلف الاختصاصات العسكريّة لخوض معركة كهذه".
ونشرت غرفة عمليات حزب الله، مساء الثلاثاء، بياناً تفصيلياً حول التطورات الميدانية لمعركة "أولي البأس"، أكدت فيه أنّ "خسائر العدو الصهيوني بلغت منذ بدء ما سمّاه العدو بالمناورة البرية في جنوب لبنان والتي دفع خمس فرق للمشاركة فيها، أكثر من 100 قتيل و1000 جريح من الضباط والجنود وتدمير 43 دبابة ميركافا وثمانية جرافات عسكرية وآليات هامر ومدرّعتين وناقلتي جند، وإسقاط أربع مسيّرات من طراز هرمز 450، ومسيّرتين من طراز هرمز 900"، مشيرة إلى أن "هذه الحصيلة لا تتضمّن خسائر العدوّ الإسرائيلي في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمستوطنات والمدن المحتلّة".
حزب الله: جاهزون للمرحلة البرية الثانية
في السياق، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "العدو لن يتمكن من القضاء على قدرات المقاومة وإعلان المرحلة الثانية من عملياته البرية لن يخيفنا، لا بل نحن جاهزون وننتظر الالتحام البري لتسطير المزيد من الانتصارات، كما أننا مستعدون لمواجهة حرب طويلة".
وقال المصدر إن "التصعيد الإسرائيلي بالغارات الجوية متوقع في ظلّ الخسائر التي يتكبّدها في البرّ وهو استكمالٌ لجرائم العدو المعتادة، وكل التطورات هذه تأتي في إطار محاولة الاحتلال فرض وتعزيز شروطه، وهذا الأمر لن يحصل، فلا مفاوضات تحت النار والمقاومة لن ترضخ، وهي ليست بموقع ضعيف". كذلك، قال المصدر إنه "لم يصلنا أي اقتراح رسمي أو مسوّدة رسمية بشأن وقف العدوان حتى الساعة والحزب يثق برئيس البرلمان نبيه بري والملف السياسي بعهدته، وهو لن يقبل بما يمسّ السيادة اللبنانية وتبقى الأولوية لوقف العدوان".
أهداف العملية العسكرية البرية الثانية
في السياق، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، العميد عادل مشموشي لـ"العربي الجديد"، إنّ "من الطبيعي أن يسعى العدو الإسرائيلي للتصعيد بعد ارتفاع وتيرة إطلاق الصواريخ والمسيّرات من الجنوب اللبناني باتجاه الأراضي الفلسطينية، والاستهدافات النوعية لأهداف عسكرية نوعية في العمق الإسرائيلي، وبالتالي تريد إسرائيل أن تبذل المزيد من الضغوط على حزب الله وبيئته الحاضنة وعلى لبنان ككلّ، بغية دفعه إلى الإذعان للطروحات الإسرائيلية".
ويلفت مشموشي إلى أنّ المرحلة الثانية ستقوم على تدمير ما تبقى من قرى في المنطقة الواقعة ما بين الحدود اللبنانية الفلسطينية ومجرى نهر الليطاني، خصوصاً أنّ إسرائيل وطالما أن القرار 1701 لم يدخل طور التنفيذ، ولا سيما لناحية انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، فهي تريد أن تدفعه إلى ذلك إما طوعاً أو إكراهاً تحت النار".
ويشير الخبير العسكري اللبناني إلى أن من "أغراض توسعة العمليات، محاولة العدو تنظيف المنطقة من كل المخلفات العسكرية، بمعنى أنفاق ومراكز مراقبة وحتى المنازل المطلة على امتداد الأراضي المحتلة من أجل منع المقاتلين من العودة إلى المنطقة، وحرمانهم استخدام هذه المنازل أو ما تبقى منها للتمركز والقيام بعمليات كرّ وفرّ أو الاحتماء بها للقضاء على أرتال عسكرية أو مدرّعات إسرائيلية".
ويضيف: "إلى جانب هدف توسيع هدم وتدمير الأحياء في القرى وعلى امتداد الحدود ورفع منسوب التهجير، لفترة طويلة جداً بحيث قد لا يفكر الأهالي إلى العودة ثانية أو يأخذون كثيراً من الوقت للعودة، وذلك من أجل تأليب السكان على حزب الله، وتشكيل وسيلة ضغط عليه وطبعاً على الدولة اللبنانية للقبول بالإملاءات الإسرائيلية". ويرى مشموشي أن "الحرب لن تتوقف عند هذه الحدود وإسرائيل ستستكمل مشروعها بتدمير أكبر قدر من البيئة الحاضنة لحزب الله على كل المستويات، سواء أماكن سكنية أو منشآت اقتصادية وحيوية، وغيرها".
ويرى أيضاً أنّ "إسرائيل ترغب في إبقاء العمليات العسكرية مفتوحة لحين الانتهاء من كل معاركها على دول ومكونات محور الممانعة، وتحقق ما تراه بنصر أكيد يمكّنها من فرض شروطها في إطار حل شامل يريحها على المدى الطويل، بمعنى أنه بعد أن توافر لها كل هذا الدعم وتمكنت من تحقيق نتائج لم تكن تتوقعها، تريد تحقيق تطلعات استراتيجية بمعنى الابتعاد عن أنصاف الحلول بمقاربات ترقيعية، لذا سيسعى قادة العدو لتجريد الحزب من ترسانته العسكرية وقطع طرق الإمداد عنه، من خلال الضغط على النظام السوري، وإن لم يرضخ ويقم بما هو مطلوب، فقد تسعى بالتعاون مع الولايات الأميركية لإسقاطه".
ويضيف: "ترى إسرائيل، كما أميركا، أنّ إيران تشكل عنصراً مناوئاً لكل محاولات التهدئة والاستقرار، وبالتالي لن توقف الحرب قبل استهداف القدرات العسكرية الإيرانية كما القضاء على مشروعها النووي"، مشيراً إلى أن "أميركا معنية أكثر من إسرائيل بتقليم أظافرها، لا بل أذرعها، وأعني بذلك المنظمات العسكرية التي تعمل بتوجيهات إيرانية وبإشراف الحرس الثوري، وبالتحديد فيلق القدس". وبالتالي، يرى مشموشي أن "لا مشروع هدن أو تسويات مؤقتة، والحرب مستمرة لتغيير المرتكزات الحالية واستبدالها بمرتكزات أخرى تخدم المصالح الإسرائيلية".