أهداف إسرائيل "الخفية" للبقاء في مواقع حدودية جنوبي لبنان
استمع إلى الملخص
- الأهداف الإسرائيلية الخفية: يشير العميد منير شحادة إلى أن بقاء إسرائيل يهدف للضغط على لبنان والمقاومة، وإعادة رسم الخط الأزرق، ضمن خططها التوسعية في المنطقة.
- التحديات والضغوط الدولية: يواجه لبنان تحديات بسبب الخروقات الإسرائيلية، ويسعى للتواصل مع الولايات المتحدة وفرنسا للضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل، وسط تعقيدات بسبب دعم أمريكي لإسرائيل.
جيش الاحتلال يتمركز في نقاط حدودية عدّة رغم انقضاء مهلة الانسحاب
الدمار في القرى التي دخلها الجيش اللبناني كبير جداً
الاحتلال يسعى لفرض واقع جديد في لبنان ويهدف إلى ابتزاز حزب الله
يستكمل الجيش اللبناني انتشاره في جميع البلدات الحدودية الجنوبية التي انسحبت منها إسرائيل بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، في وقتٍ لا يزال فيه جيش الاحتلال يتمركز في نقاط حدودية عدّة، ويتمادى في خروقاته واعتداءاته، محاولاً في الوقت نفسه فرض حرية حركة له في لبنان.
وفي قراءة عسكرية لبقاء إسرائيل في المواقع الحدودية جنوبي لبنان، أوضح منسّق الحكومة اللبنانية لدى يونيفيل سابقاً، العميد منير شحادة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مسألة بقاء إسرائيل في نقاط خمس لا تزال قيد التحقيق، إذ يُحكى عن وجودها في سبع تلال وليس فقط 5، وهي من الشرق إلى الغرب، الحمامص، وكفركلا – العديسة، والدواوير، وجل الدير، وجبل بلاط، والبطيشية، واللبونة".
وأشار شحادة إلى أنّ "الأعذار أو الأهداف الظاهرة التي تعلن عنها إسرائيل للبقاء في هذه النقاط غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، إذ أولاً على صعيد ادعاء أن هذه التلال هي حاكمة وتستطيع أن تسيطر من خلالها على كامل قطاع جنوب الليطاني من الغرب وحتى الشرق، فإننا في عصر لا تحتاج فيه الجيوش إلى التمركز على تلال حاكمة بغية السيطرة، وذلك في ظلّ وجود الطائرات المسيّرة، والأقمار الصناعية، والأسلحة الذكية". وأردف: "الأمر نفسه ينطبق على عذر حماية المستعمرات (المستوطنات الإسرائيلية) في شمال فلسطين المحتلة، إذ هناك 100 مركز عسكري إسرائيلي منتشرين من الغرب وحتى الشرق، لتأمين هذه الحماية، ما ينفي الحاجة إلى تمركز جيش الاحتلال في نقاط خمس أو سبع لحمايتها".
في المقابل، لفت شحادة إلى أنّ "هناك أهدافاً غير معلنة وخفية وراء إصرار إسرائيل على البقاء في هذه المواقع، منها، أولاً، القول للبنان والمجتمع الدولي بأنّ الخط الأزرق الذي كنا نتباحث بشأنه طيلة فترة السنوات الماضية، انطلاقاً من عام 2007 تاريخ توقيع القرار 1701 الذي أنهى حرب يوليو، وحتى 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبح خلفنا، وهناك خط انسحاب جديد فرضه الأمر الواقع الإسرائيلي، وهو امتداد هذه النقاط الخمس أو السبعة من الغرب وحتى الشرق".
وأضاف: "من الغرب بعمق 300 متر داخل الأراضي اللبنانية، وفي الوسط يصل من 900 متر إلى كيلومتر، وفي الشرق قد يصل حتى 2 كيلومتر"، مشيراً إلى أن "هذا الخط الجديد يصح عليه التعبير "أزرق برايم"، يعني القول للبنان بطي صفحة الخط الأزرق السابق، والمرحلة اليوم للتباحث بخط انسحاب جديد". ثاني هدف، بحسب شحادة، يتمثل في "الضغط على المقاومة وابتزازها، بأننا لن ننسحب من هذه النقاط قبل أن تُجرَّد من سلاحها أو تقوم الدولة ممثلة بالحكومة اللبنانية بتجريدها حتى في شمال الليطاني".
أما الهدف الثالث العسكري الخفي، يتابع شحادة فـ"يرتبط بالواقع الجديد أيضاً في سورية، إذ إنّ إسرائيل تقدّمت من الجولان باتجاه الشمال ووصلت إلى بعد كيلومترات من دمشق، بحيث استحدثت سبع نقاط جديدة تمتد من الغرب وحتى الشرق في الأراضي السورية، في الجولان وحتى الشرق، تصل إلى حدود الأردن، وهي واضحة بصور الأقمار الصناعية"، مشيراً إلى أنّ "هذه النقاط المستحدثة في سورية وأيضاً في لبنان تعتبر بمثابة خط جديد لإسرائيل للبناء عليه للمرحلة القادمة في ظل تخطيط إسرائيلي للتوسّع وبدء الخطوات الأولى لإنشاء إسرائيل الكبرى".
وحدات الجيش اللبناني تستكمل انتشارها
في الأثناء، قال مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إنّ "الوحدات العسكرية تستكمل انتشارها في القرى والبلدات الحدودية بعد انسحاب جيش الاحتلال، وتعمل على إزالة الأنقاض وفتح الطرقات وتفجير الذخائر غير المنفجرة، من أجل تأمين العودة الآمنة للأهالي".
وأشار المصدر إلى أنّ "العدو كما بات معروفاً تنصّل من كل التزاماته، سواء أولاً بخرقه مهلة الستين يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع عدم انسحابه في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، فكان تمديد المهلة حتى 18 فبراير/ شباط الجاري، وإصراره بعد هذا التاريخ على البقاء في نقاط عدة حدودية، وقيامه بالاعتداء على المواطنين والبلدات، وحتى مراكز عسكرية، من هنا نحرص على تذكير الأهالي في كل وقت بضرورة الالتزام بتوجيهاتنا من أجل سلامتهم وتفادي وقوع ضحايا".
ولفت المصدر إلى أنّ "الدمار في القرى التي دخلها الجيش (اللبناني) كبير جداً، فالعدو عمد طوال فترة الستين يوماً إلى رفع مستوى عملياته من نسف وتفخيخ وتفجير، للطرقات والبنى التحتية والمنازل والمؤسسات، كما دمّر مراكز للجيش اللبناني كان قد أخلاه، ما جعل العديد من البلدات فاقدة لكل معالمها".
وحول ما يحكى عن بقاء جيش الاحتلال في سبع مواقع وليس خمسة، أشار المصدر ذاته إلى أنّ "التلال الكبيرة هي خمسة، وهناك نقاط مرتبطة بها لا يزال موجود فيها"، لافتاً إلى أنّ "اتصالات مكثفة تجريها السلطات اللبنانية خصوصاً مع أميركا وفرنسا، وكذلك على صعيد اللجنة، من أجل الضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل بأسرع وقتٍ ممكنٍ". وأكد أن "الجيش اللبناني انتشر في البلدات الحدودية، وتلك التي انسحب منها أخيراً الاحتلال، وعدد عناصره يفوق الـ6 آلاف، وهو قادر على الانتشار بشكل أوسع وأكبر في كل الحدود، وعلى أتم جهوزية لذلك".
وقال مصدر عسكري في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال متمركز فعلياً في 5 نقاط مع امتداد إلى مناطق سيطرة واسعة محيطة بتلك المراكز مما يقضم مساحات كبيرة.
من جهتها، قالت مصادر لبنانية رسمية لـ"العربي الجديد": "يجب أن ينسحب الاحتلال الإسرائيلي من كل شبر من الأراضي اللبنانية، والبحث مكثف مع رعاة الاتفاق من أجل بتّ ملف الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل التي تماطل به". وفي استمرار للخروقات الإسرائيلية، التي أسفرت منذ 18 فبراير عن سقوط شهيد وعدد من الإصابات، أغار طيران الاحتلال فجراً على معابر غير شرعية بين لبنان وسورية لجهة وادي خالد عكار، وادي الواويات، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة وإلحاق أضرار جسيمة بمنازل مجاورة. ويُسجَّل منذ ساعات الصباح تحليق لطيران الاحتلال على علو منخفض فوق مدينة الهرمل وقرى البقاع الشمالي، وكذلك في بيروت والمناطق الساحلية والمحيطة.
مصدر في حزب الله: إسرائيل وخلفها أميركا تريدان القضاء علينا
في السياق، قال مصدر مقرّب من حزب الله لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل وبغطاء وضوء أميركي، تريد البقاء في لبنان ليس فقط لأهداف عسكرية، بل للقضاء على حزب الله وسلاحه، وللضغط بهذا الاتجاه، سواء بقيت في موقع أو موقعين أو عشرة"، لافتاً إلى أنّ "حزب الله ملتزم حتى الساعة الوقوف خلف الدولة، ويترك لها التصرّف، والعمل من أجل إتمام الانسحاب الكامل بأسرع وقت".
وأشار المصدر إلى أنّ "أميركا لم تكن يوماً وسيطاً ولا طرفاً مساعداً أو ضاغطاً على إسرائيل، فهي تريد أن تخدمها وتنفذ أجندتها، وبالتالي لا يهمها صالح لبنان، وهي لم تضغط من أجل الانسحاب الكامل، بل تسعى إلى الضغط على لبنان لإضعاف حزب الله والقضاء عليه، والتهديد في كل مناسبة بعدم مساعدة لبنان ومؤسساته وعدم إعادة إعماره، متمسّكة بهذا السلاح، في إطار ضغطها، لكن عليها أن تعي بأن لا أحد يمكنه إقصاء أو إلغاء حزب الله".