أهالي ضحايا انفجار بيروت يحتجون تزامناً مع جلسة تدرس رفع "الحصانات"

أهالي ضحايا انفجار بيروت يحتجون تزامناً مع جلسة تدرس رفع "الحصانات"

09 يوليو 2021
أهالي ضحايا الانفجار ينفذون وقفة احتجاجية بالتزامن مع الجلسة (حسين بيضون)
+ الخط -

تعقد هيئة مكتب مجلس النواب اللبناني ولجنة الإدارة والعدل النيابية بعد ظهر اليوم الجمعة، جلسة مشتركة بدعوة من رئيس البرلمان نبيه بري في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة – بيروت، لدرس طلب رفع الحصانة الذي ورد من وزارة العدل في موضوع انفجار مرفأ بيروت.

وبالتزامن مع عقد الجلسة، ينفذ أهالي ضحايا الانفجار وقفة احتجاجية أمام مقرّ عين التينة، للضغط على المجتمعين من أجل رفع الحصانات من دون أي تردّدٍ، مشددين في بيانٍ على أنه "من المعيب أصلاً مجرد التفكير في رفع الحصانات إذ يجب فعل ذلك فوراً"، مؤكدين أنهم "لن يسمحوا بحصانات فوق دماء أولادهم مهما كلفهم الأمر".

وشهد ملف انفجار مرفأ بيروت تطورات مهمة الأسبوع الماضي، إذ أُعلن عن لائحة جديدة من الاستدعاءات والطلبات بإعطاء أذونات بالملاحقة ورفع الحصانات، وقد طاولت وزراء سابقين، ونواباً وقضاة، وقادة أمنيين وعسكريين، إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.

وطلب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في كتابه إلى البرلمان، رفع الحصانة عن ثلاثة نواب من الوزراء السابقين المعنيين هم علي حسن خليل (وزير مال سابق)، نهاد المشنوق (وزير داخلية سابق)، وغازي زعيتر (وزير أشغال سابق)، علماً أن اثنين منهم (خليل وزعيتر) هما عضوان في لجنة الإدارة والعدل.

وحصد البيطار بخطوته هذه "حصانة" شعبية كبيرة بوجه التدخلات والعوائق السياسية والحزبية والطائفية التي ستعترض طريقه، وقد بدأت فعلاً من خلال رسم خطوط حمر على بعض الأسماء "المطلوبَة"، لعلّ أبرزها حملات الدعم التي حصدها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من مناصري "حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) و"حزب الله"، فكان أن انتشرت صوره في مناطق لبنانية اعتراضاً على قرار وضعوه في خانة "المؤامرة والاستهداف".

كما نقل عددٌ من المحامين الذين زاروا إبراهيم لدعمه، عنه قوله إنّ هناك حملة مشبوهة بحقه، وسيعلن للرأي العام قريباً من يقف وراءها، "فالبعض في الداخل والخارج يعمل على اغتيال اللواء إبراهيم معنوياً وبقي أمامهم الاغتيال الجسدي"، مؤكداً أنه سيمثل أمام القضاء عندما تكون الأمور سالكة إدارياً.

كذلك، أطلق الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله سهامه على المحقق العدلي في كلمته الأخيرة، غامزاً من قناة غياب وحدة المعايير والاستهداف السياسي.

وتعلّق "المفكرة القانونية" في تقريرٍ مفصّل على مسألة الحصانات، وتشير إلى أنّ "النصوص القانونية تتيح لمجلس النواب المماطلة في البتّ بالطلب، من خلال مهلة إضافية لا حدود صريحة لها". وحذرت من أن ربط الحصانة بانعقاد المجلس يعني أن الهدف منها هو الحؤول دون استهداف نائب معين بغية تعطيل عمله البرلماني.

ويشرح المحامي هيثم عزو لـ"العربي الجديد"، أن "الحصانة أياً تكن ماهيتها سواء أكانت نيابية أم غيرها، هي بمثابة قيدٍ على الملاحقة القضائية، تحول دون إمكانية تحريك الدعوى الجزائية العمومية بحق المشتبه بتورّطه في الجريمة موضوع الملاحقة".

لكن في المقابل، يقول عزو: "يمكن إزالة هذا القيد ورفع الحصانة عن طريق إجراءات نصّ عليها الدستور والقانون الناظم للملاحقات الجزائية، وفي هذا الصدد تبدأ إجراءات رفع الحصانة النيابية بإحالة المحقق العدلي طلب رفع الحصانة إلى النيابة العامة التمييزية، التي تحيله إلى وزارة العدل، التي تحيله بدورها إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، ومن ثم إلى لجنة الإدارة والعدل، وهذا ما حصل، حيث طلب رئيس البرلمان اجتماع لجنة الإدارة والعدل وهيئة مكتب مجلس النواب لدراسة الطلب، وإعداد تقرير بخصوص رفع الحصانة عن النواب الذين يستهدفهم الطلب، بحيث يتم في التقرير تحديد الأسباب الموجبة للقبول أو الرفض، ومن ثم يتم عرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب التي تتخذ القرار النهائي بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين".

ويضيف عزو: "إذا أعطى مجلس النواب الإذن بالملاحقة، تسلك بالتالي الإجراءات القضائية مسارها الطبيعي أمام المحقق العدلي بحق من رُفعت الحصانة عنه، لتحرر الدعوى العامة من القيد الذي كان يعيقها بشأنه، أما إذا رفض المجلس إعطاء الإذن، فتتعطل حينئذٍ الملاحقة بحق النائب، ما يحول بالنتيجة دون تحريك الدعوى العمومية بحقه".

ويشير عزو إلى أن "النواب الذين يُطالَب برفع حصانتهم يجب منع حضورهم جلسة اليوم في حال كانوا أعضاء في لجنة الإدارة والعدل، وذلك لتضارب وجودهم فيها مع مبدأي الحيادية والموضوعية بخصوص التقرير والقرار المراد اتخاذه، إذ لا يمكن أن يكون العضو خصماً وحكماً في آنٍ معاً بخصوص الطلب الذي يستهدفه. والأمر نفسه ينطبق عليهم عند انعقاد جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث لا يمكن لهؤلاء التصويت في هذه الحالة للعلَّة المُشار إليها".

من جهة ثانية، يرى المحامي عزو أن "القرار قد يكون معلباً سياسياً، إذ إن رفع الحصانة عن بعض النواب من شأنه أن يؤول إلى إثبات إدانتهم لاحقاً بالجرائم المنسوبة إليهم، ولا أعتقد أن هذا الأمر سيمرّ مرور الكرام عبر الكتل الحزبية التي ينتمون إليها، ولذلك سيبدو الأمر وفق ظاهر الحال وكأنه يوجد تعاون إيجابي من السلطة التشريعية مع طلب السلطة القضائية الآيل إلى جلاء الحقيقة، وتحديد المسؤوليات، وذلك عبر الالتفاف عليه".

في حين، باطنياً، يقول عزو: "سيعمد المطبخ السياسي لهؤلاء النواب إلى إعداد طبخة بحص على نار هادئة، للإطاحة إما بطلب رفع الحصانة بعد امتصاص رد فعل الشارع تحت ذريعة اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بكون النواب المطلوب رفع حصانتهم كانوا يشغلون مركزاً وزارياً، أو سيلتف على الطلب بذرائع تشريعية واهية أخرى لتبرير الموقف قانونياً، ما يشكّل التفافاً على العدالة، أو سيعمد هذا المطبخ لا محالة لاحقاً إلى عرقلة مسار العدالة في هذه القضية تمهيداً لتسويفها وطيّها تماماً كما حصل بملف التدقيق الجنائي الذي أصبح في خبر كان، بعدَ تمييع الملف بأسباب زائفة تمخَّض عنها وضع حدّ لهُ، بعدما خفتت أصوات الرأي العام بشأنه، لانشغال الشعب بقوتِ يومه، وبعدما تقصّدت القوى السياسية إيصاله إلى هذه المرحلة التي يرثى لها لضمان استمراريتها في السلطة، عبرَ تقديم نفسها له كمنقذٍ للوضع المعيشي بمساعدات وإعاشات لا تسمن ولا تغني من جوع".

المساهمون