أهالي القنيطرة يطالبون الحكومة السورية بتعزيز صمودهم في وجه إسرائيل
استمع إلى الملخص
- يطالب الناشطون بتعزيز الوجود الأمني والإداري في القنيطرة ودعم السكان المحليين، بالإضافة إلى بناء مساكن للنازحين وقطع الطريق على الأطماع الإسرائيلية، معبرين عن استيائهم من تجاهل الحكومة لقضيتهم.
- ناقش وزير الدفاع السوري مع وفد أممي الوضع في القنيطرة ودرعا، مشددًا على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية وتعزيز التعاون لضبط نقاط التماس، في ظل التوغلات الإسرائيلية المستمرة.
مع توالي التوغلات الإسرائيلية في المنطقة، يشعر سكان القنيطرة بأنهم متروكون وحدهم في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تغيب سلطة الدولة تقريبا، ويضطرون للتعامل مع ضباط جيش الاحتلال مباشرة عبر الوجهاء والمخاتير. ورغم أن الإدارة في دمشق أرسلت بعض القوات الأمنية إلى المحافظة لحفظ الأمن الداخلي، لكن تلك القوات تتحاشى الانتشار في المناطق التي يتوغل فيها جيش الاحتلال، في محاولة لتجنب التصادم معها، ورغم ذلك لم تسلم تلك الدوريات المزودة بأسلحة فردية بسيطة، من اعتداءات قوات الاحتلال التي استهدفت عبر طائرة مسيّرة إحدى مجموعاتها منتصف الشهر الماضي، ما أدى إلى مقتل عنصرين، إضافة إلى مختار بلدة غدير البستان بريف القنيطرة الجنوبي، الذي كان قريبا منها، دون أن تصدر أي ردة فعل من جانب الإدارة في دمشق.
ويقول الناشط محمد أبو حشيش، المقيم في القنيطرة لـ"العربي الجديد"، إن موقف الإدارة في دمشق مفهوم لناحية عدم رغبتها في التصادم مع جيش الاحتلال في وقت تنهمك في ترتيب الوضع الداخلي الصعب في البلاد، لكن أبو حشيش يعتبر أن تلك الإدارة لا تقوم بكل ما يمكن لها القيام به بعيدا عن المواجهة العسكرية، مثل تعزيز وجودها الأمني والإداري والخدمي في كل مناطق المحافظة، والمساندة المادية والمعنوية والسياسية للسكان المحليين، بغية تصعيب الوضع أمام التوغلات الإسرائيلية التي تتم اليوم بكل سهولة وفي والوقت الذي تريده إسرائيل.
واعتبر أن الإدارة في دمشق تبالغ في حذرها إزاء إسرائيل التي لا تقيم لها أي وزن كما يبدو، لافتا إلى أن موقف دمشق قوي من الناحية القانونية والسياسية لأنها تدافع عن أرض سورية، داخل الأراضي السورية، في وجه اعتداءات سافرة لم يسبقها أي استفزاز من الطرف السوري.
وأثيرت قضية الاعتداءات الإسرائيلية خلال جلسات "الحوار الوطني" في درعا ودمشق من جانب العديد من المشاركين. وقال الإعلامي يحي الكناني خلال إحدى تلك الجلسات في درعا: "نحن الآن لا نطالب الحكومة الجديدة باستعادة الجولان المحتل عام 1967، بل باستعادة الأراضي الجديدة التي احتلتها إسرائيل بعد سقوط النظام، وإيجاد حل لعمليات التوغل الإسرائيلية في القنيطرة وريف درعا الغربي".
وطالب بعض أهالي القنيطرة النازحين خارج محافظتهم ببناء مساكن لهم على أرض القنيطرة بغية تعزيز الوجود السكاني فيها، ما يقطع الطريق على الأطماع الإسرائيلية في تلك المناطق التي تنظر للقنيطرة بوصفها منطقة شبه فارغة نظرا لقلة سكانها الحاليين، حيث لا يتجاوز عددهم اليوم 100 ألف نسمة.
ويقول الناشط أحمد الدرويش لـ"العربي الجديد" إن الكثير من أبناء القنيطرة ما زالوا يقيمون في مخيمات ضمن أراض ليست ملكهم، وبعد تجاهل قضيتنا من جانب نظام الأسد الأب والابن، طيلة عقود، على الحكومة الجديدة بناء قرى ومساكن لسكان القنيطرة والجولان النازحين على أراضي الدولة في القنيطرة مثل مناطق الحميدية والصمدانية والحرية.
واستغرب البعض من أبناء القنيطرة عدم دعوة أبناء المحافظة لجلسات الحوار الوطني التي تُعقد اليوم في مجمل المحافظات السورية، معتبرين أن ذلك يندرج ضمن سياسة التجاهل للمحافظة وسكانها. وطالب بعضهم بعقد بعض جلسات الحوار سواء الخاصة بالقنيطرة أم المحافظات الأخرى، على أرض القنيطرة كبادرة اهتمام من الإدارة في دمشق تجاه المحافظة التي يقولون إنها منسية.
ولفت الصحافي محمد الخالد من أبناء المحافظة في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن قضية "الخطر الإسرائيلي" على سورية يجري تهميشها من جانب من سماهم السياسيين الجدد والنخب التي تدعو الى القطيعة مع الماضي، بزعم أن مثل هذه المواجهة تندرج ضمن إرث النظام السابق وما يسمى بمحور المقاومة الذي تقوده إيران. وقال الخالد إن متاجرة النظام السابق بالقضية الفلسطينية والجولان لا تلغي حقيقة الخطر والأطماع الإسرائيلية في سورية، والتي يجب العمل على مواجهتها ضمن استراتيجية وطنية شاملة بعيدا عن إرث النظام السابق. جدير بالذكر أن عائلة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع تنحدر من قرية جبين في الجولان السوري المحتل، والتابعة لمدينة فيق المحتلة.
وكان عدد من سكان القنيطرة قبل احتلال إسرائيل أجزاء منها عام 1967 نحو 350 ألف نسمة، نحو 154 ألفا منهم كانوا يقيمون في مرتفعات الجولان التي خضعت للاحتلال بالكامل، ونصف هؤلاء من عائلات العسكريين الذين كانوا يخدمون في الجولان والقنيطرة. وبعد الاحتلال جرى تهجير معظم سكان الجولان، وقسم من سكان القنيطرة، وبقي في الجولان نحو 7 آلاف شخص في القرى "الدرزية" الخمس، وارتفع عددهم اليوم إلى نحو 20 ألفا، فيما وصل عدد النازحين من الجولان والقنيطرة إلى نحو 600 ألف شخص، موزعين اليوم على محافظات درعا وريف دمشق والقنيطرة، وما زال بعضهم يعيش في مخيمات. وقد استعادت سورية مساحة 60 كيلومتراً مربعاً تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد في إطار اتفاقية "فض الاشتباك" عام 1974، وعاد إلى هذا الجزء بعض سكانه، باستثناء مدينة القنيطرة التي ما زالت مدمرة.
أبو قصرة يبحث مع الأمم المتحدة التوغلات الإسرائيلية بالقنيطرة ودرعا
بحث وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، أمس الخميس، مع وفد من قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة "أندوف"، الوضع في محافظة القنيطرة في ضوء التوغلات الإسرائيلية المستمرة في المحافظة، وفي ريف محافظة درعا الغربي. ونقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن مصدر في وزارة الدفاع قوله إن أبو قصرة شدد خلال اللقاء على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق السورية التي احتلتها أخيراً، وضرورة "تعزيز التعاون مع القوات الأممية، لضبط نقاط التماس عند الحدود مع إسرائيل".
وكان أبو قصرة بحث نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، برفقة وزير الخارجية أسعد الشيباني، مع وفد أممي برئاسة السفير جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام لعمليات السلام في الأمم المتحدة، تنفيذ تفويض عام 1974، وأكدت الإدارة الجديدة استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة لتغطية مواقعها على الحدود، مشترطةً الانسحاب الفوري للاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه اللقاءات مع تواصل التوغلات الإسرائيلية شبه اليومية في عمق المناطق الحدودية السورية، مع إقامة نقاط عسكرية ثابتة داخل الأراضي السورية، وفق ما أظهرته يوم الثلاثاء الماضي، صور أقمار اصطناعية حديثة، لشركة "Planet Labs PBC"، والتي كشفت أن جيش الاحتلال أقام سبعة مواقع عسكرية جديدة في المنطقة الممتدة بين جبل الشيخ شمالي المنطقة الحدودية وتل كودنة جنوباً، وسط حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن استعدادات لإقامة طويلة الأمد، داخل الأراضي السورية.
وفي أحدث هذه الاعتداءات والتحركات، شنت طائرات إسرائيلية فجر اليوم، الجمعة غارات استهدفت منافذ حدودية بين سورية ولبنان بريف حمص الغربي، فيما توغلت دورية إسرائيلية في قرية أوفانيا شمالي القنيطرة جنوب سورية، بهدف جمع معلومات عن أعداد السكان وطبيعة الخدمات في القرية، وهي خطوة سبق أن قامت بها في قرى أخرى بالمحافظة، وتندرج كما يبدو في إطار محاولات الاحتلال لربط السكان المحليين بمنظومة الاحتلال، وليس بالدولة السورية، حيث ترافقت مع عروض لتخديم المنطقة المهملة خدميا طوال عهد النظام السابق.