محكمة الاحتلال تؤجل النظر بقضية تهجير أهالي الشيخ جراح

محكمة الاحتلال تؤجل النظر بقضية "الشيخ جراح".. والأهالي يرفضون مقترح اعتبارهم "مستأجرين محميين"

02 اغسطس 2021
ترافقت الجلسة مع تظاهرة شاركت فيها أعداد كبيرة من المواطنين في وقفة احتجاجية (فرانس برس)
+ الخط -

أجلت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء اليوم الاثنين، النظر في قضية تهجير الشيخ جراح في القدس المحتلة، إلى جلسة أخرى ستعقد لاحقاً من دون أن تحدد موعدها، وذلك بعد عدة ساعات من المداولات والنقاشات، عرض خلالها قضاة المحكمة على الأهالي وطاقم المحامين اتفاقية تبقى بموجبها العائلات الفلسطينية في بيوتها كـ"مستأجرين محميين"، لا يمكن إخراجهم، وتدفع هذه العائلات مبلغاً رمزياً لجمعية المستوطنين التي تملك الأرض، لكن العائلات الفلسطينية رفضت الاعتراف بملكية المستوطنين للأرض على ما أكد ذلك رئيس لجنة الحي يعقوب عرفة، كما تم رفض العرض من قبل المستوطنين.

وسمح القضاة للمحامين الذين يترافعون عن العائلات الفلسطينية بطرح الادعاءات الموضوعية، وليس القانونية فقط، حيث طرحوا كل الادعاءات بخصوص ملكية الأرض ليظهر أن ملف تسجيل الأراضي بملكية المستوطنين تنقصه تفاصيل قانونية عديدة، وأن التسجيل تم من دون إبلاغ المواطنين، وأنه ليس لديهم أي قوشان "أوراق ملكية" ببيع الأرض من القرن الـ19 كما يدعون، وأن الوصي العام حرر هذه الأراضي حين لم تكن بملكية أحد، وأنه ليس هنالك أي ذكر لاعتراف الفلسطينيين بملكية المستوطنين للأرض، وأن الحكومة الأردنية أعطت الأرض للفلسطينيين، وبعد احتلال القدس، في عام 1968، تعهد وزير القضاء الإسرائيلي حينها شمشون شبيرا ألاّ يتم إخراج السكان من بيوتهم بحجة إعادة الأملاك لليهود أو أي حجة أخرى.

ومن المقرر أن يعقد طاقم المحامين وأهالي الحي مؤتمراً صحافياً للحديث عما تم خلال الجلسة، وما تقرر فيها.

وتوقع رئيس لجنة الحي يعقوب عرفة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تُعقد جلسة خاصة الأسبوع المقبل، لمواصلة المداولات والنقاشات في القضية؛ علماً أن المحكمة لم تصدر أي قرار باستثناء تأجيل الجلسة لموعد لاحق.

وفي تصريح مقتضب بهذا الشأن، قال المحامي مدحت ديبة، والذي حضر مداولات المحكمة، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا جديد في ما جرى من مداولات"، مشيراً إلى أنه كان متوقعاً أن تذهب الأمور باتجاه التأجيل، لأن الاقتراحات نفسها كانت قد قدمت في السابق باعتبار أصحاب الحي بمكانة مستأجر محمي مقابل اعترافهم بملكية المستوطنين للأرض، الأمر الذي رفضه أهالي الحي.

"يا إلنا.. يا إلنا.. هذه الأرض إلنا وهذي بلادنا وبإذن الله رح ترجعلنا"، بهذه العبارة وقبيل دخولها قاعة المحكمة العليا الإسرائيلية، وقفت الناشطة منى الكرد على مدخل قاعة المحكمة تحاول الدخول إلى هناك بعد مماطلة متعمدة لنحو ساعتين، ومحاولة عرقلة دخول عدد من أهالي الحي من قبل حراس الأمن.

وحضرت الكرد مداولات المحكمة التي عقدت قبل ظهر اليوم للنظر في استئناف ضد قرار سابق أصدرته محكمتا الصلح والمركزية الإسرائيليتان بتهجير أربع عائلات مقدسية من منازلها في حي الشيخ جراح وترحيلها.

وترافقت الجلسة مع تظاهرة حاشدة شاركت فيها أعداد كبيرة من المواطنين، نظمت قبالة المحكمة تزامناً مع انعقاد جلستها للبت في التماس العائلات الأربع، وهي الكرد والجاعوني وإسكافي والقاسم، تلبية لدعوة وجهها أهالي الحي للمواطنين لمساندتهم في معركة الدفاع عن وجودهم وبقائهم في منازلهم، حيث رفع المشاركون في الوقفة لافتات تؤكد على موقف الأهالي الرافض للترحيل عن حيهم والتهجير من منازلهم، كما هتفوا بهتافات أكدت تمسكهم بحقوقهم ومقاومتهم لسياسات الاحتلال.

وغصّت القاعة الخارجية للمحكمة بأعداد كبيرة من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية ودبلوماسيين وقناصل من عدد من الدول الأوروبية، والعضو الفلسطيني بالكنيست سامي أبو شحادة، الذين حضروا لمتابعة جلسة المحكمة التي وصفت بأنها "على غاية من الأهمية"، وسط حال من القلق والترقب عبّر عنها أصحاب المنازل المهددة بالتهجير، ومن بينهم المواطن نبيل الكرد، الذي قال لـ"العربي الجديد": "إن قضية أهالي الحي تعكس غطرسة الاحتلال وسياساته في سلب أراضي الفلسطينيين وتهجيرهم منها بوسائل الترهيب والتزوير".

وأشار الكرد إلى أن ما قدمه المستوطنون للمحكمة هي "وثائق مزورة ولا صحة لها، ولو كانت كذلك لأثبتوا ملكيتهم لما يدعون منذ العام 1972".

وبينما كان المواطن الكرد يهم بالدخول إلى قاعة المحكمة الداخلية لحضور مداولات الجلسة، كان نجلاه الشقيقان محمد ومنى الكرد يتصدران الحديث عبر وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لشرح قضية حي الشيخ جراح.

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال محمد الكرد: "إن القضية برمتها سياسية وليست قانونية، ونحن لا نعول كثيراً على محاكمهم، وعلى قوانينهم العنصرية التي كانت وسيلتهم لسلب أراضي الشعب الفلسطيني وعقاراته".

مواطن آخر من أهالي حي الشيخ جراح، هو الناشط الشاب مراد عطية الذي سمح له بالدخول وحضور مداولات المحكمة، قال لـ"العربي الجديد": "إنه كان واحداً من أصل 20 فقط من أهل الحي سمح لهم بحضور تلك المداولات، في حين منعت والدته (أم خالد) من الدخول حتى إلى القاعة التي يوجد بها الصحافيون، وبقيت مع حشد كبير من المواطنين يتظاهرون قبالة مبنى المحكمة".

وكان المحاميان حسني أبو حسين وسامي أرشيد، اللذان يمثلان العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح، قد قدما للمحكمة العليا للاحتلال رأياً قانونياً لرونيت لفين- شنور، الخبيرة بقضايا الأراضي، والذي يُقر بحقوق الملكية الكاملة للعائلات في منازلهم، وذلك لأن الحكومة الأردنية منحتهم الملكية، إذ بدأت عملية التسوية والتسجيل للملكيات بأسماء العائلات حتى توقفت الإجراءات في حرب العام 1967.

وكما هو معلوم، فإن العائلات الفلسطينية التي تقطن حي الشيخ الجراح هي عائلات لاجئة تم توطينها من قبل الحكومة الأردنية في الحي، مع وعود بتسجيل البيوت بأسماء العائلات مقابل التنازل عن تصنيفهم كلاجئين.

ويكشف الرأي القانوني أنه في ستينيات القرن الماضي، وضمن إجراءات التسوية للأراضي في المنطقة، عملت الحكومة الأردنية على تسجيل قطع الأراضي والمنازل باسم العائلات الفلسطينية، ويعرض الرأي القانوني وثائق تثبت أنه في إبريل/ نيسان 1967 تم استكمال تحضير قائمة مفصلة بأسماء العائلات وأملاكها والحدود بين كل قطعة أرض والقطع التي تحدها، ولكن اندلاع الحرب بعد شهرين أوقف إجراءات التسوية والتسجيل، ولم تكمل حكومة إسرائيل تلك الإجراءات أبداً.

ويحلل الرأي الجديد الوضع القانوني الذي كان قائماً في الأردن، ويحدد أن للحكومة الأردنية آنذاك الصلاحية لمنح الحقوق في أملاك اليهود، وذلك في حالات معينة، كما هو الوضع القانوني في إسرائيل، والذي بموجبه تكون أفعال السلطات الأردنية القائمة ملزمة لحكومة إسرائيل.

كما يشير الرأي القانوني إلى أنه حتى القانون الإسرائيلي منذ العام 1970، والذي يسمح بإعادة أملاك اليهود من قبل العام 1948 إلى أصحابها، والذي بموجبه يطلب المستوطنون إخلاء العائلات، لا يصادر حقوق الفلسطينيين في بيوتهم التي منحتها لهم الحكومة الأردنية، علماً أن العائلات ترفض هذا القانون، ولديها كافة الإثباتات أن لا حقوق لليهود في هذا الأراضي، ومع ذلك، فإن الرأي القانوني يقتبس من النقاشات في الكنيست عند سن هذا القانون، حيث تم القول بالنسبة لأحد العقارات الذي حوّل الأردنيون ملكيته لأطراف ثالثة: "هذا البيت لا يمكن إرجاعه".

وفي النهاية، توضح رونيت لفين- شنور أن التزامات حكومة الأردن وواجبها بنقل ملكية الأراضي والعقارات للسكان واستكمال التسجيل باسمهم "تسري على دولة إسرائيل، ويجب أن تتحقق في إطار إجراءات تسوية الحقوق في قطع الأراضي".

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت، في 29 يوليو/تموز الماضي، قراراً بتجميد إخلاء ثلاث عائلات من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وذلك بناءً على طلب محاميَي عائلات الشيخ جراح سامي أرشيد وحسني أبو حسين، وهي عائلات الدجاني وحماد والداهودي، والذي كان المفروض أن يدخل قرار إخلائهم حيز التنفيذ ابتداءً من الأول من أغسطس/آب الجاري.

ويتهدد خطر التهجير 500 مقدسي يقطنون في 28 منزلاً بحي الشيخ جراح على أيدي جمعيات استيطانية، حيث تمكنت هذه الجمعيات من استصدار أوامر بتهجير سبع عائلات حتى الآن من أصل العائلات الـ28 التي تقطن الحي وتقيم في منازلها منذ العام 1956، وتزعم الجمعيات الاستيطانية أن المنازل أقيمت على أرض كانت بملكية يهودية قبل العام 1948، وهو ما ينفيه السكان، كما تنفيه وثائق بحوزتهم.