"أنتيفا".. أيديولوجيا يصنفها ترامب جماعة إرهابية
استمع إلى الملخص
- "أنتيفا" هي ثقافة احتجاجية غير مركزية تتكون من مجموعات يسارية تواجه اليمين المتطرف، وتعتبر أيديولوجيا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، رغم بعض الأنشطة غير القانونية.
- يواجه التصنيف انتقادات قانونية، حيث لا يسمح القانون الأميركي بتصنيف جماعات محلية كإرهابية، ويعتبره الديمقراطيون استغلالاً سياسياً من ترامب.
أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس دونالد ترامب
وقّع أمس الاثنين أمراً تنفيذياً صنّف بموجبه حركة "أنتيفا" (مصطلح عام يُطلق على جماعات يسارية متطرفة ترفع لواء مناهضة الفاشية) "منظمة إرهابية محلية"، في قرار يأتي بعيد اغتيال حليفه الوثيق المؤثّر المحافظ تشارلي كيرك.وقالت الرئاسة الأميركية إنّ ترامب كتب في أمره التنفيذي أنّه بسبب "نمط من العنف السياسي المُصمّم لقمع النشاط السياسي المشروع وعرقلة سيادة القانون، فإنّني أُصنّف بموجبه أنتيفا منظمة إرهابية محلية". ويوجه الأمر التنفيذي المسؤولين بالإدارة بالتحقيق في أي عملية "غير قانونية" يزعم أن أعضاء أنتيفا تولوا تنفيذها، وملاحقة من "يمولون مثل هذه العمليات أو يقدمون لها دعما ماليا".
وكان ترامب قد أعلن في مايو/أيار 2020 عن تصنيف حركة أنتيفا اليسارية منظمة إرهابية. وأخيرا، وبعد مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك أعلن ترامب تصنيفها حركة إرهابية، غير أن الأمر قد يواجه تحديات قانونية وواقعية على مستوى التنفيذ، لأنه باختصار لا توجد منظمة رسمية تدعى "أنتيفا" داخل الولايات المتحدة وبالتالي لا وجود لهذه الحركة على أرض الواقع يمكّن المؤسسات الرسمية من تعقبها وإثبات التهم قانونيا على أعضائها، كما أن القانون لا يسمح بتصنيف منظمات محلية بأنها منظمات إرهابية أجنبية.
ترامب يحاول تخويف الأمة
ثقافيا، تعد "أنتيفا" Antifa اختصارا لـ"مناهضة الفاشية" Anti-fascist . "العربي الجديد" التقي رالف، وهو أحد المنظمين لحركة المناهضة للفاشية في العاصمة واشنطن، والذي أكد أن الرئيس ترامب يحاول "تخويف الأمة". وأدان رالف -الذي رفض مشاركة اسمه الكامل- قتل تشارلي كيرك ووصفه بـ"المأساة"، وقال "لقد كانت جريمة قتل، ومن ارتكب جريمة القتل يجب أن يحاسب، لكن الإدارة تحاول أن تستخدم ذلك للقول إن المناهض للفاشية مخطئ.. هذا ما يريد فعله دونالد ترامب. سيخبرك معظم المناهضين للفاشية بأن ما حدث لتشارلي كيرك خطأ وجريمة قتل ويجب التعامل معه باعتباره جريمة قتل".
وتعهد رالف في تصريحاته بأن الآلاف والملايين من "المناهضين للفاشية" سيملأون شوارع العاصمة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل للاعتراض على ما وصفه "جرائم النظام ضد الإنسانية"، رافضا تهديدات الرئيس دونالد ترامب، وقال "لا يوجد ما يطلق عليه (أنتيفا) أساساً، هذا مصطلح فضفاض، لذا ذكروا أي مجموعة مناهضة للفاشية، لكن ما لا يعترفون به أن أكثر الجماعات المناهضة للفاشية في أميركا غير عنيفة، وكل ما نفعله هو الخروج إلى الشوارع والاحتجاج لسماع أصواتنا".
ورد رالف على تصريحات ترامب وتهديداته ضد المناهضين للفاشية بقوله "إذا كان سيعتقل كل المناهضين للفاشية في أميركا فلن يكون لديه ما يكفي من السجون لوضعنا فيها، وإذا كنا غير عنيفين، فإنهم يسلبون حقنا الدستوري في الاحتجاج والاستماع لنا. نحن لسنا عنيفين. لا يمكن اعتقال الناس بسبب المظاهرات غير العنيفة. إنه يحاول تخويف الأمة، ونحن سلميون ونرفض أن يتم ترهيبنا من قبل طاغية".
ما هي حركة أنتيفا؟
تعد "أنتيفا" ثقافة احتجاجية، دون منظمة مركزية أو قيادة، وإنما حركات يسارية متفرقة، كل منها تتكون من مجموعات مستقلة محلية أو أفراد أو شبكات غير رسمية، تركز على مواجهة اليمين المتطرف والعنصرية، غير أن التقارير تشير إلى أن "العمل المباشر" التي تتبعه أحيانا قد يمتد إلى أنشطة غير قانونية أو عنيفة مثل تحطيم واجهات المحلات أو إشعال النار في سيارات الشرطة، مثلما شهدت مدينة لوس أنجليس خلال التظاهرات ضد حملات قوات إنفاذ قوانين الهجرة والتي تم فيها إحراق سيارات الشرطة وتم توقيع القوانين المحلية على عدد كبير من المشاركين فيها.
ويصنف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) "أنتيفا" بأنها "أيدولوجيا" وليست منظمة. وبدأ استعمال كلمة "أنتيفا" في ألمانيا عام 1932، لمناهضة الفاشية ضمن حملة شيوعية لمناهضة النازيين، وكانت تضم اشتراكيين وأناركيين ومهاجرين واستخدمت ما وصفته بـ"العنف الدفاعي" ضد النازيين، وتراجعت بشكل كبير مع سقوط النازية في 1945، بينما انتشرت في الولايات المتحدة في الثمانينيات عبر مهاجرين أوروبيين ونشطاء، وشكلت Anti Racist Action لمواجهة كلان كلو كلوكس "KKK". ونشطت في بورتلاند في 2007 حركة Rose City antiva والتي يوجد لها موقع إلكتروني ونمت بعد انتخاب دونالد ترامب في 2016.
وبينما ينتظر أنصار الرئيس ترامب تصنيف "أنتيفا" رسميا جماعة إرهابية، مع تهديده بالتحقيق مع أي شخص يمولها، يقارن رالف، في تصريحاته لـ"العربي الجديد"، بين الحركة والحركات اليمينية المتطرفة في أنحاء الولايات المتحدة وبعض أنصار ترامب الذين اقتحموا الكونغرس، ورغم ذلك لم يتم تصنيفهم، بل عفا عنهم الرئيس ترامب، حيث قال: "لدينا حركة براود بويز التي اقتحمت الكونغرس وعفا الرئيس عنها وسمح لأعضائها بالخروج من السجن، ولدينا أعضاء منظمة كي كلوكس كلان المتطرفة التي ينظم أفرادها مسيرات في الشوارع".
القانون لا يسمح بتصنيف الجماعات المحلية منظمات إرهابية
ولا يسمح القانون الأميركي بتصنيف الجماعات المحلية منظمات إرهابية، بينما يسمح القانون الفيدرالي للسلطة الفيدرالية باعتبار "الجماعات الخارجية منظمات إرهابية أجنبية"، وهو ما استخدمه الرئيس دونالد ترامب بالفعل في محاولته تصنيف أجانب (مقيمين في البلاد دون أوراق ثبوتية) باعتبارهم عصابات لاتينية، وصنفهم باعتبارهم جماعات إرهابية، لكن غالبية المتظاهرين ضد الفاشية ومن اليسار هم مواطنون أميركيون ومقيمون رسميون في البلاد.
ويعتبر ترامب أن "أنتيفا" رمز لـ"اليسار الراديكالي والفاشية"، ويستخدمها أداة لتعبئة قاعدته، وتعود أول اتهامات الرئيس للحركة إلى عام 2017 عندما قامت مجموعة يمينية متطرفة بعمليات قتل ودهس لمتظاهرين سلميين في شارلوتفيل بولاية فيرجينيا، فاتهم ترامب آنذاك اليسار و"أنتيفا" بالعنف ورفض إدانة من قاموا بالعنف، وفي 2020 خلال احتجاجات على مقتل جورج فلويد اندلعت أحداث شغب وسرقة للمحلات، فغرد ترامب آنذاك "سنصنف أنتيفا منظمة إرهابية"، وادعى أن رجل الأعمال جورج سورس هو الذي يمولها، ووقتها أكد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي أن "أنتيفا" أيديولوجيا وليست منظمة.
ويؤكد خبراء عدم إمكانية تصنيفها جماعة. وقالت ماري ماكورد، القائمة بأعمال رئيس قسم الأمن القومي بوزارة العدل خلال الأشهر الأولى من ولاية ترامب الأولى (2017-2021)، في تصريحات لـ"نيويورك تايمز": "لا توجد أي سلطة قانونية تسمح لترامب بتصنيف جماعة محلية منظمة إرهابية، ولن يؤدي إعلانه أو أي قرار له إلى توجيه تهم جنائية بالإرهاب إلى (أنتيفا) إذا افترضنا أنها منظمة وليست مجرد أيديولوجيا"، فيما يرى الديمقراطيون أن الرئيس ترامب يستخدم مقتل كيرك للتهديد ومعاقبة من وصفهم بـ"أنهم شبكة يسارية يمولون العنف ويحرضون عليه".