أمير قطر: إسرائيل تحاول الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية

أمير قطر: الأزمة الخليجية بدأت بحصار غير مشروع وإسرائيل تحاول الالتفاف على الشرعية الدولية

الدوحة

العربي الجديد

العربي الجديد
22 سبتمبر 2020
+ الخط -

قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء، إن الأزمة الخليجية بدأت قبل أكثر من ثلاث سنوات بحصار غير مشروع ويبدأ حلها برفع هذا الحصار، مؤكداً أن "الحوار غير المشروط القائم على المصالح المشتركة واحترام سيادة الدول هو السبيل لحل هذه الأزمة"، وأشار إلى أن إسرائيل تحاول الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية والتصرف كأن قضية فلسطين غير موجودة.

وأوضح أمير قطر، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في افتتاح دورتها الـ75، أنه "بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحصار الجائر غير المشروع على دولة قطر، فإننا نواصل مسيرة التقدم والتنمية في شتى المجالات"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا).
وشدد على أنه "رغم الحصار عززت قطر مشاركتها الفعالة في العمل الدولي متعدد الأطراف لإيجاد حلول لأزمات أخرى"، مضيفا أنها "رسخت خلال الحصار الجائر وغير القانوني، الذي تتعرض له، ثوابت سياستها القائمة على احترام أحكام ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما مبدأ احترام سيادة الدول، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية".


وجدد خلال كلمته تقديره "البالغ للجهود المخلصة لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، كما أثمن مساعي الدول الشقيقة والصديقة لإنهاء هذه الأزمة".
وفي 5 يونيو/حزيران 2017، فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا على قطر، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج عام 1981.

وتبذل الكويت جهودا للوساطة بين طرفي الأزمة، لكنها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق اختراق يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي قطر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان.
نعيش على الكوكب نفسه
ولدى تطرقه للأزمة الصحية التي يمر بها العالم، قال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن تفشي جائحة فيروس كورونا "ذكرنا أننا نعيش على الكوكب نفسه"، لافتاً إلى أن "التعاون متعدد الأطراف هو السبيل الوحيد لمواجهة تحديات الأوبئة والمناخ والبيئة عموماً، وحبذا لو نتذكر ذلك أيضاً عند التعامل مع قضايا الفقر والحرب والسلم، وتحقيق أهدافنا المشتركة في الأمن والاستقرار".


وتابع قائلا "انطلاقاً من هذا الإدراك، وبعدما سارعت دولة قطر إلى اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الوقائية لحماية المواطنين والمقيميـن علــى أرضهـا، فإنها لم تر تناقضاً بين واجبها هذا وبين تقديم المساعدات لأكثر من (60) دولة وخمس منظمات دولية، والمشاركة الفاعلة ضمن الجهود الدولية في حشد الموارد والطاقات لمواجهة هذا الوباء وتداعياته، ودعم المراكز البحثية في عدة دول للحد من التداعيات السلبية الخطيرة لتلك الجائحة والإسراع في اكتشاف لقاح لهذا الفيروس".
عدالة القضية الفلسطينية
وفي ما يتعلق بتطورات الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، شدد أمير قطر على أن "هناك إجماعا دوليا على عدالة قضية فلسطين، وعلى الرغم من هذا الإجماع يقف المجتمع الدولي عاجزاً، ولا يتخذ أي خطوات فعالة في مواجهة التعنت الإسرائيلي والاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية، إلى جانب فرض حصار خانق على قطاع غزة، والتوسع المستمر في سياسة الاستيطان، وفرض سياسة الأمر الواقع، وذلك في انتهاك فاضح لقرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي".
وأوضح أن "السلام العادل والمنشود لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التزام إسرائيل التام بمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، والتي قبلها العرب وتقوم عليها مبادرة السلام العربية، فيما تحاول إسرائيل الالتفاف عليها والتصرف كأن قضية فلسطين غير موجودة"، مضيفاً أن "أي ترتيبات لا تستند إلى هذه المرجعيات لا تحقق السلام ولو سميت سلامًا. وقد تكون لها غايات أخرى غير الحل العادل لقضية فلسطين، وغير تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم".


وتابع قائلا "يضع بقاء قضية فلسطين من دون حل عادل، واستمرار إسرائيل بالاستيطان وخلق الوقائع على الأرض دون رادع، أكبر علامة سؤال على مصداقية المجتمع الدولي ومؤسساته"، داعياً المجتمع الدولي، وبخاصة مجلس الأمن، إلى القيام بمسؤوليته القانونية وإلزام إسرائيل بفك الحصار عن قطاع غزة وإعادة عملية السلام إلى مسارها من خلال مفاوضات ذات مصداقية، بحيث تقوم على القرارات الدولية وليس على القوة، وتتناول جميع قضايا الوضع النهائي، وإنهاء الاحتلال خلال مدة زمنية محددة وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة.
وقال خلال كلمته أيضا إنه "في إطار سعينا لتهيئة البيئة الملائمة للتوصل إلى السلام، والاستجابة للصعوبات الاقتصادية والإنسانية التي تواجه الأشقاء في فلسطين، فقد واصلنا بالتنسيق مع شركائنا الدوليين تقديم الدعم الإنساني والتنموي لمعالجة الاحتياجات العاجلة وطويلة الأمد في قطاع غزة المحاصر، علاوةً على تعزيز مساهماتنا لصالح وكالة أونروا".
حل النزاعات
من جانب آخر، تطرق أمير قطر في كلمته إلى الجهود التي تبذلها بلاده في حل المنازعات بالطرق السلمية، التي توجت بتوقيع اتفاق السلام بوساطة قطرية بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، كما تمكنت من إنجاح عملية تبادل الأسرى بين حكومة أفغانستان و"طالبان"، وعقد مفاوضات السلام الأفغانية - الأفغانية التي بدأت في الثاني عشر من الشهر الحالي، في الدوحة.
وفي ما يخص الأزمة السورية، أوضح أمير قطر أن الوصول إلى إنهاء هذه الأزمة ما زال متعذراً بسبب تعنت النظام السوري وتقاعس المجتمع الدولي، وبخاصة مجلس الأمن، عن أداء دوره في حفظ السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين.


وأعاد التشديد على موقف دولة قطر الثابت بأن السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية هو الحل السياسي الذي يستند إلى بيان جنيف (1)، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، مؤكدا أن بلاده ستواصل مع المجتمع الدولي دعم جهود تحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي الفظائع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سورية، وستستمر في تقديم كافة أوجه الدعم والمساعدات للشعب السوري الشقيق في مناطق النزوح واللجوء حتى إنهاء هذه الأزمة.

وبالنسبة للوضع في اليمن، أوضح أمير قطر أن السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة هو بالتفاوض بين اليمنيين بموجب مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبخاصة القرار رقم 2216، مؤكداً موقف قطر الثابت من وحدة اليمن وسلامة أراضيه.
وفي الشأن الليبي، جدد الترحيب باتفاق وقف إطلاق النار، وتفعيل العملية السياسية وفقاً لاتفاق الصخيرات وكافة مخرجاته، لتحقيق التسوية السياسية الشاملة، التي تحفظ لليبيا سيادتها ووحدة أراضيها واستقلالها وحقن دماء شعبها والحفاظ على ثرواته، مشدداً على أنه من المفيد أن يستوعب الجميع استحالة فرض نظام حكم عسكري بالقوة في ليبيا.

كذلك تطرق أمير قطر في كلمته للوضع بالسودان، وثمن توقيع الحكومة الانتقالية في الخرطوم وعدد من الحركات المسلحة على اتفاق السلام بجوبا، مجدداً الدعوة إلى "الدول ذات الصلة إلى تسهيل جهود الأشقاء السودانيين بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فيكفيهم ما هم فيه من مصاعب ومشاق". 
كما أعرب عن تألم بلاده "لما مر به لبنان بعد الانفجار في مرفأ بيروت"، قبل أن يستطرد بالقول "وقفنا إلى جانب الأشقاء اللبنانيين من دون شروط، فليس من عادتنا فرض الشروط السياسية للتضامن في مواجهة الكوارث".
وأوضح أنه "في النهاية سوف يكون على اللبنانيين بأنفسهم، وليس بالإملاء، إيجاد طرق متوافق عليها للإصلاح، وتلبية تطلعات جيل كامل إلى دولة تقوم على المواطنة وليس على أية انتماءات أخرى. وهذا بالمناسبة تطلع يشاركه فيه جيل الشباب في المنطقة بأسرها".
من جانب آخر، تحدث أمير قطر في كلمته أمام الجمعية العامة، عن الخطر الذي ما زال يشكله الإرهاب، مشدداً على أنه يظل أحد أبرز التحديات التي يواجهها العالم لما يمثله من تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين، وإعاقة تحقيق التنمية المستدامة للشعوب.
وجاء في كلمته "نحن في دولة قطر لا ندخر جهدًا في المشاركة الفاعلة في الجهود الدولية والإقليمية للتصدي لتلك الظاهرة ومعالجة جذورها، لا سيما من خلال دعم التعليم لملايين الأطفال والشباب والنساء وإيجاد فرص عمل للشباب"، متحدثا عن تعزيز قطر الشراكة الاستراتيجية مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية، لا سيما من خلال افتتاح مكتب برامج تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الدوحة في شهر مايو/ أيار القادم، من أجل تطبيق الرؤى السلوكية على مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وفي مجال المساعدات التنموية للدول النامية والدول الأقل نموًا، ودعم البلدان المتضررة من الآثار السلبية لتغير المناخ ، أوضح أمير قطر أن بلاده نفذت تعهدها بتقديم مساهمة بمبلغ 100 مليون دولار، لدعم البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية، للتعامل مع تغير المناخ، معرباً عن سروره باستضافة الدوحة في شهر مارس/ آذار القادم مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً، مؤكداً ثقته بأن هذا المؤتمر سيسهم في دعم مسيرتها نحو تحقيق التنمية فيها للسنوات العشر القادمة، وبما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وختاماً، أكد التزام دولة قطر بالإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة بتاريخ 21 سبتمبر/ أيلول الجاري بمشاركة رؤساء الدول والحكومات، والذي اضطلعت به دولة قطر، بالشراكة مع مملكة السويد، بتيسير المفاوضات الدولية لاعتماده، قائلا "سنواصل العمل مع الأمم المتحدة لتحقيق أهدافها ومواجهة التحديات المشتركة بما يحقق مصلحة شعوبنا وخير الإنسانية".

المساهمون