أثار اتفاق أبرم بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة للسفر من دون تأشيرة بين البلدين آمال الأميركيين الفلسطينيين بتسهيل الإجراءات التي يخضعون لها، لكن العديد من هؤلاء المسافرين لا يزالون يشكون من استمرار "التمييز" من جانب السلطات الإسرائيلية.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن الهدف من الاتفاق المتبادل، الذي أبرم في يوليو/تموز، هو أن تعترف الحكومة الإسرائيلية بكل الذين يحملون الجنسية الأميركية "على أنهم مواطنون أميركيون وأن يتلقوا معاملة متساوية" بغض النظر عن أصولهم.
ومهّد الاتفاق الطريق لبعض الأميركيين من أصول فلسطينية للوصول عبر مطار "بن غوريون" في إسرائيل، بعدما بقي هذا المنفذ محظورا لسنوات على الغالبية العظمى منهم، بدلاً من السفر براً من الأردن.
على الرغم من التقدم المحرز على الورق، اشتكى أميركيون من أصول فلسطينية من تعرضهم لمعاملة غير متكافئة، في سلسلة من المقابلات أجرتها معهم وكالة "فرانس برس" في الولايات المتحدة والأراضي الفلسطينية.
سافر حنا حنانيا، عضو مجلس إدارة مجموعة المناصرة التابعة للمجلس الفلسطيني الأميركي، إلى تل أبيب، ووصف التغيير بشكل عام بأنه "تحسن للجميع".
لكن عند مغادرته للعودة إلى ولاية فرجينيا الأميركية، قال إنه تعرض "لعملية تدقيق شاملة" شملت تفتيش مسؤولين إسرائيليين سيارته وإصرارهم على الاطلاع على جواز سفره الفلسطيني.
كذلك، طُلب من حنانيا المولود في القدس الوقوف في طابور لإجراء عمليات تدقيق أمنية إضافية، وأكد أن "التمييز كان واضحا للغاية".
وقال: "كان الجميع تقريبا في هذا الطابور يتحدثون العربية. وتمكن ملاحظة أن معظمهم من الفلسطينيين أو العرب".
ولم ترد سلطة الهجرة الإسرائيلية على الفور على طلب للتعليق على هذه الشكاوى.
"هذا ليس عدلا"
ووصل أكثر من 5400 أميركي من أصل فلسطيني إلى إسرائيل منذ العشرين من يوليو/تموز، بحسب سلطة السكان والهجرة.
وتدرس واشنطن راهنا إمكان ضم إسرائيل إلى برنامج الإعفاء الكامل من تأشيرة الدخول، على أن يتخذ القرار في 30 سبتمبر/أيلول.
ووصل الضابط في شرطة نيويورك حيدر درويش البالغ 38 عامًا في منتصف أغسطس/آب، وقال إنه لم يحصل على تأشيرة لمدة ثلاثة أشهر من دون سبب، بدلاً من ذلك، مُنح إقامة لمدة شهر فقط.
وقال درويش من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة: "هذا ليس عدلا. إذا أرادوا المضي قدما مع هذه التأشيرة (برنامج الإعفاء) فعليهم أن يعاملونا تماما بالطريقة نفسها التي يُعامَلون بها عندما يصلون إلى الولايات المتحدة".
وذكر عدد من الأميركيين الفلسطينيين أنهم اشتكوا من سوء المعاملة لدى السفارة الأميركية في القدس، التي رفضت طلبا لوكالة "فرانس برس" لإجراء مقابلة معها.
في قرية ترمسعيا شمال مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة التي يحمل الكثير من أبنائها الجنسية الأميركية، طلب عبد الجبار المشورة من جيرانه قبل أن يعود إلى تينيسي في ولاية جورجيا.
وقال عبد الجبار البالغ 50 عاماً: "نقاط التفتيش من الضفة الغربية إلى المطار هي التي تعقد" الرحلة بشكل كبير.
ونصحه الجيران بمغادرة الضفة قبل ساعات عدة من موعد السفر بسبب الحواجز الكثيرة، ثم التفتيش النهائي والسماح له بالعبور.
وقالت هيئة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الأمن الاسرائيلية، والتي تدير الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية: "يمكن لأي مواطن يحمل تأشيرة (سياحية) B/2 المرور عبر المعابر كالمعتاد. أما بالنسبة لطبيعة الفحص الأمني، فيجرى وفق العوامل التي تأخذها الأجهزة الأمنية في المعابر المختلفة بالاعتبار".
"معاملة مشتبه به"
وكان برنامج السفر من دون تأشيرة يشمل الذين لهم صلات بالضفة الغربية المحتلة، لكن توسّع نطاقه الاثنين ليشمل قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي منذ سنوات طويلة.
ويواجه الأميركيون من أصول فلسطينية الذين يسافرون إلى غزة قيودا أكبر من الذين يتوجهون إلى الضفة الغربية بموجب قواعد أعلنتها السفارة الأميركية .
وعبّر أشخاص من غزة يعيشون في الولايات المتحدة وقد بات بإمكانهم السفر جواً الى تل أبيب، لكن من دون إمكان الدخول الى قطاع غزة، عن خيبة أملهم.
وحاولت لارا أبو حمدة البالغة 18عاما، في يوليو/تموز، عبور الحدود الأردنية مع الضفة الغربية من دون جدوى. وقالت: "أنا لا أفهم، أنا أميركية. حتى لو ولدت في غزة ولدي بطاقة هوية من غزة، لماذا يدخل ذلك في الاعتبار؟".
وقالت سلطة الهجرة الإسرائيلية إن عشرة مواطنين أميركيين من غزة، لم يشملهم البرنامج بعد، منعوا من الدخول بالإضافة إلى ثلاثة مواطنين أميركيين من الضفة الغربية.
وقال فنان من غزة يعيش في شيكاغو، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف أمنية، إنه احتجز في مركز خارج مطار تل أبيب، وخضع لعمليات تدقيق أمنية شاملة، قبل اصطحابه إلى الطائرة من دون حقائبه ومقتنياته، ومع بطاقة الائتمان الخاصة به فقط.
قال الفنان الثلاثيني: "لا أزال أحاول التخلص من كل التوتر والقلق الذي تراكم عندي خلال الثمانية والأربعين ساعة التي عوملت فيها كمشتبه به".
والحصول على إذن بالمغادرة عبر إسرائيل أمر صعب للغاية بالنسبة للمقيمين في غزة. نتيجة لذلك، يقوم معظم الساعين إلى مغادرة المنطقة برحلة شاقة ومكلفة عبر شبه جزيرة سيناء المصرية.
في مدينة غزة، قال سعيد عارف شعت: "عائلتي متحمسة للغاية لاحتمال أن تتمكن أخيرًا من السفر عبر معبر إيرز الإسرائيلي".
ولا يزال يتعيّن على الأميركيين الذين يعيشون في غزة التقدم بطلب للحصول على تصريح سفر يسمح لهم، بحسب مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، "بالسفر عبر أي معبر حدودي دولي".
وأوضحت زينة شعث البالغة 23 عاما وابنة سعيد شعث، في إطار تشديدها على أهمية التمكن من عبور معبر إيرز والسفر بالطائرة عبر مطار "بن غوريون": "إننا بحاجة إلى حريتنا وإلى أن نعيش حياة طبيعية".
(فرانس برس)