أميركا توسّع مظلّة صواريخ تايفون بالمحيط الهادئ... ردع الصين وروسيا
استمع إلى الملخص
- يرى خبراء صينيون أن نشر الصواريخ قد يؤدي إلى سباق تسلح إقليمي وتصعيد الصراعات، ويعتبر جزءًا من استراتيجية أمريكية لتطويق الصين عسكريًا عبر حلفائها في المنطقة.
- تلعب اليابان والفلبين دورًا في التنافس بين الصين والولايات المتحدة، مما قد يعرضهما لخطر الانجرار إلى صراعات دولية غير محسوبة.
استعرضت الولايات المتحدة نظام صواريخ تايفون متوسط المدى في اليابان لأول مرة، الاثنين الماضي بعد نشر النظام في الفيليبين في إبريل/نيسان 2024، وهي الخطوة التي حذرت بكين من تداعياتها على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، معتبرة أن مثل هذه الإجراءات تقوض بشكل خطير السلام والاستقرار الإقليميين. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، قد أصدر تحذيراً الثلاثاء الماضي، بشأن هذه المسألة، وقال إنه في تجاهل لقلق الصين البالغ، مضت الولايات المتحدة واليابان قدماً في نشر نظام صواريخ تايفون متوسط المدى في اليابان بحجة التدريب العسكري المشترك. وأضاف: تدين الصين وتعارض هذه الخطوة بشدة، وتحث الولايات المتحدة واليابان على الاستجابة لدعوة دول المنطقة، وتصحيح الخطوة الخاطئة وسحب نظام صواريخ تايفون في أسرع وقت ممكن. ويبلغ مدى صاروخ تايفون 480 كيلومتراً، وهو قادر على الوصول إلى البر الصيني من اليابان أو الفيليبين.
نشر نظام صواريخ تايفون
من جهتها، اعتبرت وسائل إعلام صينية بأن وجود صواريخ تايفون في اليابان هذا يمثل خطوة خطيرة أخرى من جانب واشنطن، في تعزيز موقفها العسكري الهجومي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وذكرت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية، أول من أمس الأربعاء، أنه من الواضح أن الولايات المتحدة تريد إنشاء إطار ردع عسكري يستهدف الصين وروسيا. ولفتت إلى أنه على الرغم من تأكيدات واشنطن المتكررة بأن هذه الخطوات تهدف إلى "الحفاظ على السلام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، وأنها مدفوعة بـ"احتياجات دفاعية"، إلا أن الواقع يروي قصة مختلفة. وشددت على أن هذه الأنظمة الصاروخية لا تخدم قضية الاستقرار الإقليمي والأمن الجماعي، بل تخدم استراتيجية الهيمنة العالمية للولايات المتحدة.
ليو وانغ تشين: نظام تايفون يحمل صواريخ كروز وقادر على ضرب أهداف صينية
ونقلت الصحيفة الصينية عن شيانغ خاو يو، الباحث في قسم دراسات آسيا والمحيط الهادئ بمعهد الصين للدراسات الدولية، قوله إن نشر نظام صواريخ تايفون في اليابان سيحمل ثلاثة مخاطر. أولاً، قد يُطلق العنان لسباق تسلح إقليمي، مما يُفاقم التوترات الأمنية الإقليمية. ثاني تلك المخاطر، سيزيد من خطر تصعيد الصراعات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ففي حال نشوب صراع، قد يكون الجيش الأميركي أكثر ميلاً لاستخدام هذا النظام للردع أو شن ضربات. أما ثالث المخاطر فيكمن في عدم استبعاد خطر التصعيد النووي، إذ يُمكن استخدام نظام صواريخ تايفون لاستهداف أنظمة الأسلحة النووية للخصوم، مما يُحوّل صراعاً تقليدياً إلى صراع نووي.
ورأى الباحث في المعهد الصيني للدراسات الآسيوية، ليو وانغ تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن استمرار وجود نظام تايفون الأميركي في الفيليبين، ونشره في اليابان، يرتبط بحسابات الولايات المتحدة التدريجية للردع الاستراتيجي ضد الصين في المنطقة، خصوصاً أن نظام تايفون الصاروخي، بفضل قدرته على حمل صواريخ كروز قادر على ضرب أهداف صينية، لذلك أصبح عنصراً أساسياً في خطة تطويق الصواريخ متوسطة المدى الذي تسعى الولايات المتحدة إلى نشرها في غرب المحيط الهادئ لاستهداف الصين على وجه التحديد.
وأضاف ليو أن تطبيق هذه الخطة يعتمد على حلفاء أميركا في المنطقة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين، عبر إغراءات تتمثل بالمزايا الأمنية، التي يتخللها تكثيف التدريبات العسكرية المشتركة، وفي إطار ذلك يتم نقل معدات وأسلحة أميركية ثقيلة ومتطورة، تُنشر أولاً بذريعة التدريب، لكنها تبقى في المنطقة لخدمة "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ". ولفت إلى أن هذه الإجراءات مكشوفة بالنسبة لبكين، إذ تواصل الولايات المتحدة تسليح حلفائها وتعزيز روابطها الدفاعية، لإنشاء شبكة من القوى المعادية لاحتواء الصين في المنطقة. وهذا بطبيعة الحال قد يُسبب اضطرابات كبيرة ويجرّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى مستنقع سباق تسلح، حسب قوله.
ياو بين: اليابان والفيليبين مجرد بيدقين في المنافسة الدولية بين الصين والولايات المتحدة
المنافسة الأميركية ـ الصينية
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنوب الصين، ياو بين، في حديث مع "العربي الجديد"، إن اليابان والفيليبين مجرد بيدقين في المنافسة الدولية بين الصين والولايات المتحدة، وأن الاعتماد على المظلة الأمنية الأميركية لن يجلب الاستقرار إلى المنطقة، بل سيحولها إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية. وأشار إلى أن كلاً من طوكيو ومانيلا، تسعيان إلى تأمين مصالحهما وتعزيز موقفهما في الصراع مع بكين، تحديداً في ما يتصل بالنزاع البحري، وذلك من خلال تعزيز تعاونهما العسكري مع الولايات المتحدة. في المقابل، تستغل واشنطن هذه النظرة الضيقة في إدارة الخلافات، من أجل التوسع العسكري ونشر مزيد من أنظمة الصواريخ متوسطة المدى في منطقة المحيطين. ولكن في النهاية، سوف تكتشف الفيليبين واليابان، حسب ياو، بأنهما مجرد ورقة قد تحترق في أي لحظة، وفق والمزاج الأميركي والتقلبات السياسية المتسارعة.
يشار إلى أن الحكومة اليابانية تعاونت خلال العام الحالي بنشاط مع الولايات المتحدة في نشر صواريخ متوسطة المدى، كما وسعت تعاونها العسكري الخارجي، ورفعت ميزانيتها الدفاعية. أيضاً كانت بكين قد اتهمت مانيلا بالسعي إلى استغلال قوى خارجية لتعزيز توسعها الإقليمي غير القانوني في بحر الصين الجنوبي، عقب إجراء الولايات المتحدة والفيليبين في شهر مايو/ أيار الماضي تدريبات عسكرية مشتركة في المناطق المتنازَع عليها. وحذرت من أن مثل هذه المناورات لن تفشل في تحقيق أهدافها فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى عواقب وخيمة. وقالت إن التاريخ أثبت أن التحول إلى قاعدة أمامية في منافسة القوى العظمى لا يضمن الأمن، بل إنه يعرض الدولة لخطر الانجرار إلى صراعات غير محسوبة.