أحيت السفارة الأميركية في الجزائر ذكرى وفاة وزير الخارجية الجزائري الأسبق محمد الصديق بن يحيى، الذي قاد الوساطة الجزائرية للإفراج عن الرهائن الأميركيين الذين كانوا محتجزين في طهران عام 1980 بعد قيام الثورة الإيرانية.
واستذكرت السفارة الأميركية الذكرى الأليمة لنهاية بن يحيى في الثالث من مايو/ أيار 1982، عندما أسقط صاروخ مجهول طائرته بينما كان يقوم بوساطة بين العراق وإيران لوقف الحرب التي كانت قد اندلعت بين البلدين.
وكتبت السفارة الأميركية في الجزائر، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، اليوم الإثنين: "ستبقى أميركا ممتنة إلى الأبد لبن يحيى وزملائه الدبلوماسيين الجزائريين لتوسطهم في إطلاق سراح الاثنين والخمسين ديبلوماسيا أميركيا، الذين قد احتجزوا كرهائن لمدة 444 يوما بعد أن اقتحم متظاهرون السفارة الأميركية في طهران".
ونشرت السفارة صورة لمحمد الصديق بن يحيى وهو يُصافح نائب وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر في وزارة الخارجية الجزائرية في 19 يناير/ كانون الثاني 1981، بعد توقيع اتفاق إطلاق سراح الرهائن الأميركيين في إيران.
وكان محمد الصديق بن يحيى عضوا في الوفد المفاوض في مفاوضات إيفيان، والتي قادت إلى استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي، كما يعد أحد أبرز رجالات الدبلوماسية الجزائرية في "عصرها الذهبي"، وقد تسلم ملف الدبلوماسية من عبد العزيز بوتفليقة بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين.
وقام بن يحيى بأدوار سياسية مهمة في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، قبل أن يسقط صاروخ طائرته في الأجواء الدولية بين العراق وإيران.
وتوصلت التحقيقات التي أجرتها لجنة برئاسة وزير النقل الجزائري حينها صالح قوجيل (رئيس مجلس الأمة حاليا) إلى أن الصاروخ من صنع روسي، ويرجح أنه يعود للقوات العراقية.
لكن أكبر إنجاز حققه محمد الصديق بن يحيى هو نجاحه في تحرير الرهائن الأميركيين، حيث كان طلبة إيرانيون قد اقتحموا، في نوفمبر/ تشرين الثاني 1979، مباشرة بعد الثورة الإيرانية، مقر السفارة الأميركية، واحتجزوا دبلوماسيين حتى يناير/ كانون الثاني 1981 لمطالبة السلطات الأميركية بتسليم الشاه وإعادته إلى طهران.
وتمكن بن يحيى من المساهمة في إقناع السلطات الإيرانية، التي مثلها في المفاوضات نائب رئيس الوزراء بهراز نبوي، بتسليم الدبلوماسيين الأميركيين المحتجزين لنقلهم إلى الجزائر، حيث تسلمهم وارن كريستوفر في 20 يناير/ كانون الثاني 1981، في مطار الجزائر بعد التوقيع على "بيان الجزائر" بين الطرفين.
وتضمن "بيان الجزائر" الإفراج عن الدبلوماسيين مقابل التزام أميركي برد أموال إيرانية كانت موجودة في البنوك الأميركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لإيران، دون الاستجابة لمطلب إعادة الشاه إلى إيران لمحاكمته.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، كانت السفارة الأميركية في الجزائر قد نشرت بالمناسبة فيديو للسفير جون ليمبرت، والذي كان أحد الدبلوماسيين المحتجزين في إيران، قال فيه: "بمناسبة مرور 40 سنة على تحرير الرهائن، أريد أن أشكر حكومة الجزائر على عملهم الإنساني. وكواحد من الدبلوماسيين الرهائن في إيران، لن أنسى الخدمة التي قدمها زملاؤنا الجزائريون، مثل السفير الجزائري في واشنطن حينها الراحل رضا مالك، والسفير الجزائري في طهران عبد الكريم غريب، والأطباء الجزائريين في طهران، وطائرات الخطوط الجوية الجزائرية التي نقلتنا من إيران، والاستقبال الحار عند الساعة الثالثة صباحا في يناير من ذلك العام في مطار هواري بومدين".