ألمانيا: محادثات "شبه حاسمة" قد تمهد لبقاء حزب ميركل في الحكم

ألمانيا: محادثات "شبه حاسمة" قد تمهد لبقاء حزب ميركل في الحكم

05 أكتوبر 2021
لاشيت يعول على خلافة ميركل في منصب المستشار (اود انردسن/ فرانس برس)
+ الخط -

تنهي الأحزاب الألمانية، المتوقع مشاركتها في الائتلاف الحكومي، اليوم الثلاثاء، أولى المحادثات التمهيدية قبيل الدخول في مفاوضات حكومية تتشكل معها ملامح التحالف المقبل وتفضي لتسلم السلطة من حكومة المستشارة أنجيلا ميركل التي قررت مغادرة الحياة السياسية بعد 16 عاماً قضتها في المنصب.
وتنسق الأحزاب الصغرى، "الحزب الديمقراطي الحر" و"الخضر"، عن كثب لاتخاذ قرار هذا الأسبوع بشأن بدء المزيد من المحادثات بخصوص المشاركة في ائتلاف يمكن أن يضم إما "الاشتراكي الديمقراطي" أو "الاتحاد المسيحي"، وبالتالي تحول المحادثات التمهيدية إلى مفاوضات ثلاثية قد تفضي لخلق تحالف حكومي يحكم ألمانيا على مدى الولاية التشريعية المقبلة، وسط أجواء تعزز من قيام تحالف يبقي حزب المستشارة ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في الحكم.
وأبرزت صحيفة "هاندلسبلات"، اليوم الثلاثاء، عن وجود جهود جادة داخل "الاتحاد المسيحي" لتشكيل "تحالف جمايكا" مع "الخضر" و"الديمقراطي الحر" ذي التوجه الليبرالي، مع بروز مسألة قد يتعذر حلها، وهي من سيقود التحالف من قادة "الاتحاد المسيحي"، مع تسجيل أراء في صفوفه تدعو للدفع بزعيم الحزب الشقيق "الاجتماعي المسيحي" رئيس حكومة ولاية بافاريا، ماركوس زودر، لمنصب المستشار بدلا من أرمين لاشيت الذي تم تحميله الكثير من المسؤولية لخسارة حزبه التاريخية في الانتخابات الألمانية 2021.
لكن في الواقع فإن الأمر شبه مستحيل، لأن الممر غير آمن وشبه محظور على زودر من قبل "الديمقراطي الحر"، وزعيم الأخير، كريستيان ليندنر، لن ينسى أن "الاجتماعي المسيحي" أفشل إلى حد كبير من دخوله التحالف الحكومي خلال المفاوضات بعد انتخابات العام 2017.
من ناحية أخرى، يحظى لاشيت بتقدير "الديمقراطي الحر" و"الخضر"، وأثبت كرئيس حكومة لولاية شمال الراين فستفاليا أسلوبا مرنا في التعاطي في ظل حكمه مع "الليبرالي".
وعن اللقاء المزمع عقده اليوم بين "الاتحاد المسيحي" و"الخضر"، يعول مراقبون على تحقيق خرق جدي في العديد من الملفات المتباينة بين الطرفين، وذلك في خوض "الاتحاد" جولة محادثات اعتبرها "بناءة"، أمس الأول الأحد مع "الديمقراطي الحر". في المقابل يعتزم "الاشتراكي الديمقراطي" الذي تقدم بشكل طفيف على حزب ميركل في نتائج انتخابات البرلمان (البوندستاغ) قيادة المستشارية في برلين. لكن هذه الرغبة قد تصطدم مع ما برز من مؤشرات عن محادثات اتحاد ميركل مع "الديمقراطي الحر" أعاد فيها الأخير التأكيد على تفضيله الحكم مع "الاتحاد المسيحي"، مع تلاقي الحزبين حول أهم الملفات الحيوية والأساسية لبلد يشكل قاطرة للاقتصاد الأوروبي، وهي السياسة المالية والضريبية، وبروز التوافق على عدم زيادة الضرائب وطريقة التعامل مع الديون التي تسببت بها أزمة كورونا. كذلك يعتبر "الاشتراكي الديمقراطي أنه" يجب على "الديمقراطي الحر" عدموضع خطوط حمراء.

واختار الأمين العام لـ"الاشتراكي الديمقراطي" لارس كلينغبايل الرد بنبرة هادئة على ثوابت الحزب الليبرالي بخصوص وضع حد أدنى للأجور وتبني سياسة الإسكان مدعوم التكلفة والمعاشات التقاعدية التي يعتبرها أمورا هامة، في وقت يبدي "الخضر" تفاؤلاً حذراً تجاه "الاتحاد المسيحي" الذي يأمل إحياء "تحالف جمايكا" لينقذه من الكبوة الانتخابية التاريخية.
وعن القضايا الخلافية بين حزب ميركل و"الخضر"، يريد الأخير تحميل أصحاب المداخيل والأصول المرتفعة المزيد من الضرائب، وهذا ما يرفضه "الاتحاد الديمقراطي المسيحي". وفيما يخص سياسة المناخ يرى "الخضر" أنه يجب أن تكون أنظمة الطاقة الشمسية إلزامية على الأسطح، فيما يريد "الاتحاد" تفعيل ذلك عن طريق الحوافز وعبر برامج دعم بقروض من دون فائدة. ومع ذلك فهناك تصور مشترك حول أنه يجب التوسع بمشاريع الطاقة الخضراء بواسطة الرياح والشمس من أجل التقليل من الانبعاثات الضارة، لكن مع تأكيد الطرفين على أهمية أن تسير عمليات التخطيط بشكل أسرع. وبخصوص التخلص نهائياً من الفحم الحجري، يخطط "الاتحاد" للتخلص منه عام 2038، فيما ينادي "الخضر" بضرورة القيام بذلك مع حلول 2030.
بالإضافة إلى ذلك، يطالب "الخضر" بتوسيع شبكة سكك الحديد ووسائل النقل العام للتقليل من استخدام السيارات الخاصة. أما في مجال السياسة الأمنية والخارجية فيشكك الحزب المناصر لقضايا البيئة في هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتمثل بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، مثلما يشكك في استمرار نشر القنبلة الذرية الأميركية في ألمانيا. وبدلا من ذلك يدعم "الخضر" معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية التي يعتقد "الاتحاد المسيحي" أنها الطريق الخطأ لنزع السلاح النووي، ناهيك عن أن "الاتحاد" يريد أن يوافق الائتلاف الذي سيقوده على آلية لتجهيز الجيش الألماني بطائرات قتالية من دون طيار وهذا ما لم يتطرق إليه "الخضر" بعد.

عدا ذلك، هناك اختلاف في كيفية التعاطي مع المهاجرين المسموح بدخولهم البلاد وطريقة تحديد أعدادهم. وكان "الخضر" قد تراجع بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات عن توجيه انتقاداته إلى "الاتحاد المسيحي" ومرشحه المحتمل لمنصب المستشار الألماني، لاشيت، حتى إن التقارير أشارت إلى العلاقة الجيدة التي تربط الأخير بالزعيم المشارك لـ"الخضر" روبرت هابيك، المطروح اسمه لتولي منصب نائب المستشار في حال تشكيل "تحالف جمايكا". وتتعزز هذه الفرضية بالنظر للعلاقة القائمة بين "الخضر" و"الاتحاد المسيحي" في حكومات الولايات والانسجام في إدارة الملفات بمنهجية وعلى أسس عملية، وهذا ما يبقي على "تحالف جمايكا" ممكنا.