ألمانيا: تعادل في مناظرة شولتز - ميرز التلفزيونية لمصلحة "الديمقراطي المسيحي"

10 فبراير 2025
جانب من مناظرة شولتز وميرز، 9 فبراير 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في مناظرة تلفزيونية حاسمة، تواجه أولاف شولتز وفريدريش ميرز قبل الانتخابات الألمانية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تراجع حزب شولتز إلى 15-16% من الأصوات، بينما يتوقع حزب ميرز تحقيق ضعف هذه النسبة.

- حذر شولتز من تعاون ميرز المحتمل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، مشيراً إلى محاولات ميرز تمرير قوانين لجوء متشددة، بينما نفى ميرز وجود نية للتعاون مع الحزب المتطرف.

- ركزت المناظرة على قضايا الهجرة، حيث دعا ميرز إلى سياسات أكثر صرامة، بينما اعتبر شولتز أن هذه السياسات تتعارض مع القوانين الأوروبية، وتناولت المناظرة قضايا اقتصادية وسياسية أخرى.

في العادة يتحلق الألمان مساء الأحد حول الشاشة لمشاهدة مسلسلهم الشهير مسرح الجريمة "تاتورت"، الذي يتواصل بثه منذ عام 1970. لكن مساء أمس كان مختلفاً، ببث مناظرة تلفزيونية على قناتي ARD وZDF بين المستشار الاجتماعي الديمقراطي أولاف شولتز ومنافسه المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرز، وذلك قبل أسبوعين من الانتخابات العامة المبكرة في 23 فبراير/ شباط الحالي.

في خلفية المناظرة مشهد غير مبشّر لحزب شولتز الاجتماعي الديمقراطي، بتوقع تحصيله نحو 15-16% من أصوات الناخبين، بينما ميرز يشعر براحة أكثر بتوقع تحقيق حزبه ضعف تلك النسبة، أي بين نحو 30 إلى 31%. واضطر شولتز إلى الانتخابات المبكرة (بدل سبتمبر/ أيلول المقبل) بعد انفراط عقد حكومته الائتلافية بعد إقالة وزير ماليته عن الليبراليين (الديمقراطي الحر) كريستيان ليندنر، بسبب خلافات على نسبة الدين العام في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

تحذير من تعاون ميرز مع التطرف اليميني

استغل شولتز إبداء ميرز قابلية التعاون مع أقصى اليمين المتطرف في حزب "البديل من أجل ألمانيا". وحاول ميرز في نهاية الشهر الماضي تمرير قانون لجوء متشدد، استناداً إلى تصويت "البديل"، مشعلاً بذلك سجالاً وتحركات في الشارع ضد التعاون مع اليمين المتطرف. ووجهت المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، وبعض القاعدة الشبابية في "الديمقراطي المسيحي"، انتقادات لتصرفات ميرز. وخرج السبت في ميونخ نحو 200 ألف متظاهر (المنظمون يصرون على أن الرقم أكثر من 320 ألف شخص، بحسب وكالة الأنباء الألمانية)، هاتفين ضد "التحول السياسي اليميني".

لم يبد المحافظ ميرز تأثراً بهجوم شولتز والتحذير من قبوله منح "البديل من أجل ألمانيا" (نحو 20%) تذكرة دخول إلى معترك تقرير سياسات ألمانيا، مؤكداً أنّ "الاتحاد الديمقراطي المسيحي ليست لديه مشتركات مع حزب البديل من أجل ألمانيا"، وبأنه لا يحلم بالتعاون مع ذلك الحزب.

بالطبع لم يكن أمام شولتز، بعد تأكيدات ميرز، سوى إبداء عدم اقتناعه بما طرحه، متهماً إياه بـ"خرق الوعود" و"خرق المحرمات"، وبأنه لا ثقة بألا يشكل ميرز حكومة مع حزب البديل، داعياً إلى أن "الجميع يجب أن يشعروا بالقلق"، ومصوّراً ميرز بأنه خطر على الديمقراطية.

"الهجرة"... تشدّد لجذب ناخبين

يرفع المتظاهرون، سواء في برلين أو ميونخ وبقية ولايات ألمانيا، ملصقات تقول: "فريتز (مزج بين اسمه الأول والكنية) أيها الفاشي"، وذلك لاستغلاله الحملات الانتخابية لفتح النار على اللاجئين والمهاجرين في العموم. ويشبه البعض محاولة ميرز الوصول إلى السلطة بطريقة استيلاء النازيين بزعامة أدولف هتلر عليها في عام 1933.

وحتى إذا اعتبرت محاولة ميرز التعاون مع "البديل" لتمرير قانون لجوء/ هجرة متشدد تكتيكاً لتسويق نفسه أمام جمهور اليمين واليمين المتطرف، باعتباره ليس أقل تشدداً من ذلك الحزب القومي المتشدد، فإن الموقف من سياسة الهجرة بات يتصدر قوائم انشغالات الكثيرين في البلاد.

في لغة الجسد ونبرة الصوت، وفقاً لتحليلات وسائل الإعلام الألمانية، بدا لافتاً أن ميرز بالرغم من تعرضه لانتقادات لاذعة كان واثقاً من نفسه ومحافظاً على رباطة جأشه، وإعطاء انطباع بأنه رجل دولة، ما جعل المستشار شولتز يبدو متضايقاً من إفلات ميرز. واختار المستشار وصف منافسه المحافظ بـ"أحمق" و"سخيف"، مع توزيع ابتسامات ساخرة بعض الشيء أثناء حديث ميرز.

مع ذلك، فإن تهرب ميرز من إمكانية تحالفه مع اليمين المتطرف، لا تلغي حقيقة مواقفه الداعية إلى إغلاق حدود ألمانيا أمام طالبي اللجوء، وتعهّده ببذل قصارى جهده لطرد الأجانب "غير المرغوب فيهم من البلاد". فقد خلع ميرز قفازيه بنبرة عالية خلال المناظرة ليؤكد أنه كمستشار قادم سينتهج سياسة أكثر صرامة في ما يتعلق بالهجرة، معرباً، من بين أمور أخرى، عن إصراره على "رفض المهاجرين السريين وطالبي اللجوء على الحدود"، أي دون السماح لهم بدخول بلده لدراسة طلباتهم. من ناحيته اعتبر شولتز ذلك "منافياً للقوانين الأوروبية، وسيصبح جيران ألمانيا قادرين على رفض استعادة المهاجرين المرفوضين".

وحاول ميرز في المناظرة تصوير نفسه للشارع الألماني بأنه مثلهم، منشغل بالفعل بشأن "سياسة الهجرة غير المسيطر عليها"، داعياً إلى تبني نموذج الدنمارك في سياسات مراقبة حدودية صارمة مع دول الجوار، وذلك في رده على قول شولتز إنه نجح بصفته مستشارا في "كبح جماح الهجرة غير الشرعية". شدد ميرز بطريقة تهكمية بأن شولتز يعيش في عالم آخر غير عالم المدن والبلديات الألمانية، و بأنه "في غضون أربعة أيام يتدفق إلى ألمانيا عدد من الأشخاص يساوي عدد الذين تتمكن من إعادتهم (إلى بلادهم) خلال شهر كامل".

بالطبع لم تكن "الهجرة" هي الوحيدة التي طرحت في المناظرة، إذ جرت مبارزة كلامية حول الوضع الاقتصادي وتراجع صناعة السيارات والتحول الأخضر والحرب الأوكرانية وتحديات العلاقات بواشنطن بسبب تصريحات وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع غيرها من قضايا. وعلى الأقل توافق الرجلان على رفض أفكار ترامب لتهجير فلسطينيي غزة.

"مبارزة سامة انتهت لمصلحة الملاكم ميرز على حساب شولتز"

على كل، بعض الصحف الألمانية الصادرة صباح اليوم اعتبرت أن السباق انتهى في "مبارزة سامة لمصلحة الملاكم فريدريش ميرز على حساب شولتز"، كما ذهبت افتتاحية صحيفة بيلد واسعة الانتشار. مع ذلك تظهر الاستطلاعات التي أجرتها مجموعة الأبحاث "واهلين"، ونشرت صباح اليوم الاثنين، أن 37% استحسنوا طرح شولتز بينما 34% فضلوا خصمه ميرز، وذهب 29% إلى اعتبارهما متعادلين.

وأفاد الاستطلاع بتفضيل 40% من الرجال أداء ميرز، بينما 30% فضلوا شولتز. في المقابل، فإن 43% من النساء اعتبرن شولتز هو الفائز في المناظرة، ولم يحصل ميرز سوى على 29% من أصواتهن.

ولا تغير أرقام الاستطلاع الصباحي في حقيقة أن الاستطلاعات العامة تفيد بتراجع الحزب الاجتماعي الديمقراطي بزعامة شولتز إلى نحو 16%، إذ يتجاوزه "البديل من أجل ألمانيا"، بعد نحو 12 سنة فقط من اقتحامه معترك السياسة، بتحقيقه مرتبة ثانية بنحو 20% بعد حزب ميرز المسيحي الديمقراطي الذي يحقق نحو 31%.

ومن المقرر أن يشهد يوم الـ13 من الشهر الجاري مناظرة على قناة "زد دي أف" بمشاركة شولتز وميرز وزعيم حزب الخضر روبرت هابيك وزعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" أليس فايدال. كما ستجمع مناظرة على قناة "أر تي أل" يوم الـ16 من الشهر ذاته بين شولتز وهابيك وفايدال.

المساهمون