استمع إلى الملخص
- أكدت ألبانيز أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر يهيئ للإبادة الجماعية، مشيرة إلى تكثيف إسرائيل لانتهاكاتها منذ 7 أكتوبر، واعتبرت ما يحدث في غزة إبادة جماعية تستهدف المدنيين.
- دعت ألبانيز الدول، بما فيها إيطاليا، للالتزام بواجباتها الدولية لمنع الإبادة الجماعية، منتقدة دعم إيطاليا لإسرائيل، ودعت الحكومة الإيطالية للتحرك بما يتماشى مع موقف المجتمع المدني الإيطالي.
خصصت المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز مقالاً لها نشرته صحيفة إل مانيفيستو الشيوعية الإيطالية، اليوم السبت، للتصويب على حجم الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، منتقدة موقف سلطات بلادها من الإبادة الجماعية في غزة، الذي عبّر عنه وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أخيراً، معتبرة أنه "مؤشر على دولة ضحت بالشعب الفلسطيني على مذبح النفعية السياسية".
وأضافت ألبانيز في مقال تحت عنوان "إننا بصدد أرض ممزقة، لم يعد فيها ما يُبقي على قيد الحياة. هذه هي غزة، بعد أكثر من عام من الحرب" أن إحصائيات الأشهر الأربعة عشر الماضية في غزة كارثية، حيث قضى أكثر من 44 ألف فلسطيني، بينهم 11 ألف امرأة، و17 ألف طفل، وأكثر من 700 طفل رضيع، ومحو أكثر من 900 أسرة، علاوة على سقوط أكثر من 100 ألف جريح و10 آلاف تحت الأنقاض.
وقالت المسؤولة الأممية: "لمدة 14 شهراً، ومن موقعي مقررةً خاصةً للأمم المتحدة، وجدت نفسي شاهدة على الإبادة الجماعية الجارية. والحقيقة أن تاريخ الدمار والمعاناة اللذين لحقا بالشعب الفلسطيني لا يعود إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وإنما إلى عقود من احتلال استولت فيه إسرائيل على أراضي ومنازل من دون عقاب، وقتلت كباراً وأطفالاً، واعتقلت ما يقرب من مليون فلسطيني (بما في ذلك 10 آلاف قاصر، بمتوسط 600 سنوياً) بموجب أوامر عسكرية قمعية"، مشيرة إلى أن "الاحتلال، الذي أقرت محكمة العدل الدولية بعدم قانونيته ووجوب تفكيكه من دون قيد أو شرط، هو الذي يهيئ سياق الإبادة الجماعية، وهي بالفعل إبادة جماعية، على الرغم من توجه قطاع كبير من وسائل الإعلام والسياسة الغربية إلى إنكار ذلك".
وأوضحت أن إسرائيل كثفت منذ 7 أكتوبر من تشويهها المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، مثل مبادئ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، والتناسب، والحذر في كل جزء من العمل العسكري. وشددت على وجوب التوقف عن التعامل مع ما يحدث في غزة على أنه حرب، لأن الهدف من الحرب هو هزيمة العدو عسكرياً، أمّا التدمير فهو هدف الإبادة الجماعية التي يسقط المدنيون، تحديداً وعلى نطاق واسع، ضحية لها.
وأضافت: "في أكتوبر، في تقريري الخامس، أظهرت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رغبة إسرائيل في تدمير الشعب الفلسطيني، بصفته مجموعة في حد ذاتها. من خلال عدسة ثلاثية تنظر بشكل كلي إلى مجمل السلوك الإسرائيلي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة (بما في ذلك الضفة الغربية)، وفي ما يتعلق بمجمل الشعب الفلسطيني على هذا النحو، من الممكن تحديد الرغبة في التدمير الكامل: تفريغ "الأراضي من (العماليق) الذي أثاره القادة والضباط والجنود الإسرائيليون المشاركون في الهجوم لمدة 14 شهراً، للسماح بالاستعمار النهائي لأرض فلسطين، وهو ما يسميه وزراء حكومة نتنياهو بشكل ملطف "تشجيع الهجرة".
ولفتت إلى أنها اعتبرت، في تقريرها الأخير الذي قدمته إلى الأمم المتحدة وحمل عنوان "الإبادة الجماعية باعتبارها تدميراً استعمارياً"، أن كل عملية استعمار استيطاني تحمل في طياتها نية للإبادة الجماعية، بذرة تدميرية غرستها المستوطنات الإسرائيلية المبكرة في فلسطين من خلال عمليات تهجير ومجازر، ونشهدها حالياً في غزة. ورأت ألبانيز أن غزة اليوم تمثل الاختبار الحقيقي للعدالة الدولية. وإذا لم يتوقف عنف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، فإن مستقبل الشعب الفلسطيني سوف يكون مماثلاً لمستقبل الشعوب الأصلية الأخرى، حيث كاد الاستعمار الاستيطاني أن يبيد مجموعات بشرية بأكملها: في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا.
وأشارت إلى أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية نصّت بوضوح على أن جميع الدول مدعوة ليس فقط إلى معاقبة الجريمة، بل إلى منعها، وهو الأمر الذي فشل فيه الغرب برمته، ولكن ليس وحده. وأوضحت أن دستورنا (الإيطالي) ينص على أن إيطاليا "تلتزم باحترام قواعد القانون الدولي المعترف بها بشكل عام". وباستمرارها في دعم إسرائيل وتقديم الدعم الاقتصادي أو السياسي أو العسكري لها، فإن إيطاليا لا تلتزم بواجباتها الدولية، ولا بالدستور عينه، وفق ألبانيز.
ورأت أن إنكار الإبادة الجماعية، كما فعل وزير الخارجية أنطونيو تاياني أخيراً، واعتبارها موضوعاً جدلياً، ورأياً شخصياً وليس تعريفاً قانونياً، هو مؤشر على دولة ضحت بالشعب الفلسطيني على مذبح النفعية السياسية، وعلى أقل تقدير، فإنه يتوجب على إيطاليا تعليق جميع علاقاتها مع إسرائيل حتى تنتهي التحقيقات في انتهاكات اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في إجراء وقائي.
وختمت المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية بقولها إن "المجتمع المدني الإيطالي أثبت خلال العام الماضي أنه يدين بشدة الإبادة الجماعية والفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. والآن يتعين على حكومتنا أن تفعل الشيء عينه، لصالح الفلسطينيين والإسرائيليين، وكل أولئك الذين يسمون تلك الأرض باهرة الجمال والمعذبة الآن (بين النهر والبحر) وطناً لهم. لقد حان وقت التحرك، ومحكمة التاريخ ستحكم علينا"، ختمت ألبانيز.