أفريقيا قبل العرب وبعدهم في منتدى أنطاليا

13 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 04:12 (توقيت القدس)
جلسة نقاش حول دور أفريقيا في السياسة العالمية بمنتدى أنطاليا، 12 إبريل 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد منتدى أنطاليا الدبلوماسي حضورًا أفريقيًا بارزًا، مع تخصيص جناح للمنتجات التقليدية الأفريقية ومشاركة وزراء أفارقة بارزين، مما يعكس الاهتمام التركي المتزايد بأفريقيا.
- كان الحضور العربي في المنتدى محدودًا، مع جلسات نقاش قليلة حول القضايا العربية مثل سوريا وغزة، رغم وجود شخصيات عربية بارزة.
- يعكس الحضور الأفريقي الواسع الاهتمام التركي المتزايد بأفريقيا، مع توسيع الخطوط الجوية التركية وجهاتها وزيادة البعثات الدبلوماسية والمؤسسات التركية في القارة.

أكثر من عشرين مؤسسة وهيئة إعلامية وثقافية وتعليمية وتجارية وسياحية، تركية وأجنبية، حضرت بمطبوعاتها وشاشات مواقعها الإلكترونية وبعض نتاجاتها، على جانبي قاعات مركز نيست للمؤتمرات والمعارض حيث تُعقد جلسات الدورة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي، كلٌّ منها في ركنها الخاص. يستوقف زائر منتدى أنطاليا في تجوّل عينيه بينها غياب أي مؤسسة عربية، وحضور "بيت الثقافة الأفريقية" في جناح مميز، تُعرض فيه منتوجات ومصنوعات تقليدية أفريقية، وهو مؤسسة أنشئت في أنقرة في العام 2016 بمبادرة من السيدة الأولى في تركيا أمينة أردوغان لإقامة جسور تواصلٍ ثقافي بين تركيا وشعوب قارة أفريقيا، ويعرّف بالموسيقات والمصنوعات ومختلف الإبداعات الثقافية الأفريقية، سيّما من مشغولات المرأة، من 34 دولة في القارّة السمراء. وإذا كان كثيرون من حضور المنتدى قد استوقفهم هذا الجناح، فقد كان لافتاً أن تصطحب إليه أمينة أردوغان عقيلةَ الرئيس السوري لطيفة الدروبي، بعد اجتماع بينهما. وعلى ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول، فإن الدروبي أعربت عن إعجابها بالمنتجات المعروضة في الجناح.

الحضور الأفريقي في منتدى أنطاليا

لا يبدو تفصيلاً وجود جناح لمنتوجات ومصنوعات تقليدية أفريقية، وبعض مطبوعات وكتب، بينها كتاب مترجم إلى العربية لأمينة أردوغان بعنوان "جولاتي الأفريقية"، سيما إذا ما لوحظ غياب أي مؤسسة عربية في تركيا، أهلية أو رسمية، في نشاط "العلاقات العامة" والدعائي هذا. ذلك أن الأمرين يمكن عطفهما على محدودية الحضور العربي العام في المنتدى، واتساع الحضور الأفريقي، حيث وزراء ومسؤولون أفارقة عديدون مستضافون، بينهم وزراء خارجية تشاد ومالي وغينيا بيساو وغيرهم، فضلاً عن رؤساء جامعات ومسؤولين رفيعين أفارقة في قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة والتنمية. ويمكن حسبان حضور الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ووفد صومالي رفيع ضم عدة وزراء، بينهم وزير الخارجية أحمد معلم فقي، ضمن هذا الحضور الأفريقي، وقد خص المنتدى الرئيس الصومالي بجلسة نقاش مع الحضور أمس السبت. كما تعلقت عدة جلسات في المنتدى الكبير بشؤون القارة، ومنها واحدة أول من أمس الجمعة عن "المخاطر والفرص في القرن الأفريقي"، تحدث فيها خمسة خبراء، بينهم مساعد وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران وأمين عام الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، وجلسة نقاش أخرى عن شمال أفريقيا، شارك فيها مساعد وزير الخارجية التركي نوح يلماز، عدا مشاركات مستضافين من عدة دول أفريقية في جلسات عن العولمة وشؤون الأمن العالمي والطاقة. ولوحظ أنّ مسؤولين أتراكاً رفيعين يشاركون في جلسات النقاش هذه.

تعلقت عدة جلسات في المنتدى الكبير بشؤون القارة، ومنها واحدة أول من أمس الجمعة عن "المخاطر والفرص في القرن الأفريقي"

خيار تركي واضح

بالمقارنة، نجد الحضور العربي أقل ظهوراً، بل بدا الاكتراث بالقضايا العربية في مشاغل المنتدى أقل مما يستحق، من دون إغفال جلسة نقاش يتيمة عن سورية، لم يشارك فيها أي مسؤول أو خبير سوري، كما جلسة ما بعد افتتاح المنتدى عن غزّة، بمشاركة وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والأردني أيمن الصفدي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، وبإدارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان. وكان لافتاً وجود أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بين المستضافين، إلا أنه لم يخصص له أي نشاط أو تواصل مع وسائل الإعلام، وقد بدا، بحسب أكثر من زميل، كمن يبحث عمن يتحدّث إليه أو يحاوره من بين جموع المشاركين والحضور. ومع أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان كان من أبرز ضيوف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنتدى، ومع وجود وزير الخارجية السوداني علي يوسف، فإنّ الموضوع السوداني، حيث الحرب الأهلية المعلومة التي لم تتوقف منذ 15 إبريل/نيسان 2023، لم يحظ باهتمام من المنتدى، ولم تخصص له أي جلسة نقاش. ويمكن القول إن حضور الرئيس السوري أحمد الشرع افتتاح المنتدى كان مركز الاهتمام الواسع لدى وسائل الإعلام التي ازدحمت الأروقة بكاميراتها ومصوريها وصحافييها.

بدا الاكتراث بالقضايا العربية في مشاغل المنتدى أقل مما يستحق، من دون إغفال جلسة نقاش يتيمة عن سورية

ويعكس هذا الحضور الأفريقي الواسع في منتدى أنطاليا الاهتمام الكبير والخاص الذي توليه تركيا للقارة السمراء على أكثر من صعيد. ومن هذا الباب، يأتي ما أعلنته أخيراً الخطوط الجوية التركية عن أنّ عدد وجهاتها إلى القارة بلغ بحلول 2025 (العام الجاري) 62 وجهة في 42 دولة. كما أنّ تركيا رفعت عدد بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا إلى 43 بعثة بحلول هذا العام. وإلى الحضور السياسي والأمني والعسكري النشط لتركيا في العديد من بلدان أفريقيا، ومنها بلدان عربية (الصومال مثلاً)، فإنّ حضور مؤسسات الإغاثة والتعليم والصحة وغيرها كبير أيضاً، ويدلل على خيار تركي واضح باتجاه شعوب أفريقيا.