أعمال العنف و"البلطجة" تتسلل إلى انتخابات المغرب

أعمال العنف و"البلطجة" تتسلل إلى انتخابات المغرب

31 اغسطس 2021
سُجِّلت أعمال عنف ومواجهات في أنحاء متفرقة بالمملكة (فاضل سينا/ فرانس برس)
+ الخط -

أعاد شريط فيديو يوثق تعرض عدد من مرشحي حزب "الأصالة والمعاصرة"، أمس الإثنين، للرشق بالحجارة بضواحي مدينة الدار البيضاء، قضية أعمال العنف والبلطجة في الانتخابات المغربية إلى الواجهة، في وقت تتواصل الحملات الانتخابية لاقتراع يوم 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، وسط هواجس من استعمال المال لاستمالة الناخبين.
وأثار الحادث الذي تعرضت له حملة مرشحي "الأصالة والمعاصرة" من قبل منتمين لحملة حزب "التجمع الوطني للأحرار" الساعي إلى الإطاحة بالإسلاميين وقيادة الحكومة المقبلة، ردود فعل رافضة ومطالبة بفتح تحقيق في الحادث الذي يبدو أنه لم يكن وحيدا بعد تسجيل حوادث مماثلة في مناطق أخرى من المملكة.
وعبّر المكتب السياسي لـ "الأصالة والمعاصرة"، اليوم الثلاثاء، عن رفضه القاطع لـ"كل أعمال البلطجة والعنف التي تم استخدامها بحق مرشحي الحزب في بعض المناطق"، داعيا كافة السلطات المعنية إلى "التدخل فورا لحماية مرشحي الحزب ومتابعة كل المتورطين في زرع العنف داخل العملية الانتخابية، ومحاولة المسّ بالمشروع الديمقراطي في البلاد".

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" (قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب) سعد الدين العثماني، أن مشاهد العنف التي عرفتها منطقة أولاد عزوز بإقليم النواصر ضواحي مدينة الدار البيضاء، "بلطجة واستعمال عنف، من الضروري فتح تحقيق فيه".
 وخلّف العنف بين أنصار حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة خسائر مادية، في بعض السيارات المشاركة في القافلة الانتخابية.
 وشدد العثماني في لقاء تواصلي لتقديم وكلاء لوائح حزبه الانتخابية بالرباط أمس الإثنين، على رفضه البلطجة والعنف المستعمل ضد المنتخبين، قائلًا إن "هذا لم يحدث تجاه مرشحي حزبنا لحد الآن، لكننا نرفضه بشكل مطلق، لأننا نريد حملة انتخابية شريفة ونقية ونزيهة، تعطي سمعة للبلاد وللسياسيين".
بالمقابل، عبّرت تنسيقية حزب التجمع الوطني للأحرار بالنواصر في بيان، عن رفضها "لكل أعمال العنف كيفما كان نوعها ومن أي جهة صدرت"، داعية إلى فتح تحقيق قضائي في هذا الحادث، الذي وصفته بـ"التشابك الذي حصل بأولاد عزوز (إقليم النواصر) بين قافلة لحزب التجمع الوطني للأحرار وقافلة حزب الأصالة والمعاصرة"، مطالبة بإنزال الجزاء بأي طرف ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث.
وبالتزامن مع حادث محافظة النواصر، سجلت حوادث مماثلة في بعض مناطق المملكة، فشهدت مدينة بني ملال (وسط المغرب) ليلة أمس الإثنين، مواجهات دامية  بين مشاركين في الحملة الانتخابية لحزبي "الأصالة والمعاصرة" و"الحركة الشعبية"(مشارك في الحكومة)، ما أدى إلى إصابة نحو 40 مشاركا بينهم شخص أصيب بجروح خطيرة.

وتعيد أحداث العنف المسجلة إلى حدود اللحظة الحديث عمّن باتوا يُعرَفون في المغرب بـ"البلطجية"، وتُقصَد بهم مجموعة من الشباب من ذوي السوابق القضائية، الذين يلجأ عدد من المرشحين في الانتخابات إلى استئجار خدماتهم في تحركاتهم الانتخابية خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق الريفية، إذ يوفرون لهم الحماية الجسدية خلال تنقلاتهم بين الدوائر، ويعملون على تأمين حملاتهم وعدم تعرضها لأي اختراق وتدخل من العاملين في صفوف الحملات المنافسة نظير الحصول على مقابل مالي يومي متفق عليه بين الطرفين.
 كما يلعب "البلطجية" دورا في استقطاب الناخبين وتوزيع المناشر الانتخابية، وكذا العمل كوسطاء لتقديم المال إلى الناخبين أو ترهيبهم في بعض الحالات.
وقال أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق لـ"العربي الجديد"، إن أعمال العنف خلال الحملات الانتخابية ينبغي أن تكون مرفوضة من السياسيين المتنافسين باعتبارها أعمالا مناقضة للخيار الديمقراطي، موضحًا أن ما سجل من أحداث يؤشر على طبيعة التأطير السياسي لدى بعض الأحزاب السياسية التي تصالحت مع العنف واتخذته وسيلة للحسم في خلافاتها حتى في مؤتمراتها.
وبرأي أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، فإن تحول اللحظة الانتخابية إلى لحظة لتصريف العنف ضد المنافسين يؤشر على خطر مؤسساتي ينبغي للسلطات الإعمال الصارم للقانون في حق مرتكبيه وعدم التسامح معهم.
وكانت الدعاية الانتخابية في المغرب قد انطلقت الخميس الماضي على أن تنتهي الساعة الثانية عشرة من ليل الثلاثاء 7 سبتمبر/ أيلول المقبل. وتشكل فترة الدعاية الانتخابية مناسبة للأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية المتزامنة، لعرض مضامين برامجها ومشاريعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الناخبين والدفاع عنها لإقناعهم بالحلول التي تقترحها لمواجهة مختلف التحديات المطروحة على البلاد.
وتأتي الانتخابات المغربية في ظل سياق سياسي مختلف عن سابقاتها أبرز سماته تتمثل في وجود وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، إضافة لاستحقاقات مستقبلية تتعلق بتطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عيّنها العاهل المغربي.
وحصرت السلطات المغربية عدد الأحزاب السياسية التي ينتظر أن تخوض غمار ثالث انتخابات تُجرى في المملكة في ظل دستور سنة 2011، في 31 حزبا، في حين يبلغ عدد الناخبين 17 مليونا و983 ألفا و490 ناخبا (من أصل نحو 36 مليون نسمة).