أصداء واسعة لاستقالة حمدوك ولجان المقاومة ترد بمليونية

أصداء واسعة لاستقالة حمدوك ولجان المقاومة ترد بمليونية

03 يناير 2022
حمدوك حدد الأسباب وراء استقالته وهي عدم التوافق السياسي (الأناضول/Getty)
+ الخط -

ضاعفت استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، تعقيد المشهد السياسي في السودان، محدِثة العديد من ردود الأفعال المتباينة.

وبطريقتها الخاصة، ردّت لجان المقاومة السودانية على استقالة حمدوك، بالإعلان عن موكب مفاجئ وخارج جدول التصعيد الأسبوعي، يتّجه إلى القصر الرئاسي يوم غد الثلاثاء، تبنّته بداية لجان المقاومة في منطقة امبدة، غرب الخرطوم، وسرعان ما وجد الدعم والمؤازرة من لجان المقاومة الأخرى ومن تجمّع المهنيين السودانيين.

ويؤكد مصدر من لجان المقاومة لـ"العربي الجديد" أن اللجان، ومنذ اللحظة الأولى من توقيع عبد الله حمدوك على اتفاقه مع قائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أعلنت أنها غير معنية باتفاقه والآن هي غير معنية باستقالته، موضحاً أن معركتها الحقيقية هي مع الانقلاب العسكري وستواصل تصعيدها لحين إسقاطه ومحاكمة قادته.

من جانبه، وصف وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، على حسابه في تويتر، استقالة حمدوك في هذا التوقيت بأنها أمر مؤسف للغاية، ودعا إلى "إحالة تلك المحنة إلى منحة وفرصة للم الشمل والعبور بالوطن إلى بر الأمان"، مضيفا أن مسؤولية القوى السياسية اليوم وحاجتها إلى الوقوف مع النفس ومراجعة المواقف أكبر من أي وقت مضى.

موقف "الحرية والتغيير" و"تجمع المهنيين"

وأعلن تحالف إعلان قوى الحريّة والتغيير، في تعليق له تأخر نسبيا، أن استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك "كَتبت نهاية اتفاق 21 نوفمبر بينه وبين قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان الذي رفضته قوى الحريّة والتغيير مرارًا، لأنه يشرعن للانقلاب وطعنة نجلاء وُجِّهت للحركة الجماهيرية في أوان نهوضها لهزيمة الانقلاب".

وأضاف بيان من التحالف أن "الاستقالة أكدت أن إرادةَ الشعبِ غالِبةٌ ولا يمكن تجاوُزُها أو تجاهل أولوياتِها"، مشيرا إلى أن "قِطارَ الثورة ماضٍ وأنّ هزيمة الانقلاب سَتَتمُّ بعزيمةِ الشعب وإرادته التي لا تلين وبِسِلمِيّتِه التي لا تنكسرُ في مُواجهةِ وحشيّةِ النظامِ الانقلابيّ".

وشكر البيان حمدوك "لقُبولِ تكليف رئاسة حكومة الثورة"، وجددت قوى الحريّة والتغيير "دعوتها لبناءِ أوسعِ جبهةٍ لهزيمة الانقلاب تَتشارك فيها قوى الثورة مشتركة وتُحْكَمُ بالتنسيق عبْرَ مركزٍ مُوحَّدٍ يكون مُوجَّهًا لإنجاز هذه المهام واستكمال مهام ثورة ديسمبر".

وتجاهل تجمع المهنيين السودانيين وكثير من الأجسام المهنية التعليق على الاستقالة، ولم يصدر عنه حتى الآن بيان في هذا الصدد، باستثناء بيانه الداعم للجان المقاومة.

غير أن الأمين العام لحزب الأمة القومي، الواثق البرير، قال لـ"العربي الجديد"، إن تنحي حمدوك عن منصبه سيزيد الأمور تعقيداً، وسيبرز تداعيات سياسية ودستورية ويغير في تركيبة المعادلة السياسية كلياً، وإن محاولات العسكر فرض نفوذهم ووصايتهم على خيارات الشعب هي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن.

التوافق السياسي للخروج من الأزمة

ويؤكد البرير أن المخرج المتاح والأقل كلفة هو الحوار الجاد والحقيقي بين كل الأطراف، لوضع خريطة طريق، والتوصل إلى توافق سياسي للخروج من المأزق، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة، وبناء دولة مدنية ديمقراطية. وقبل ذلك، وقف بطش الآلة العسكرية بالشعب، مبيناً أن حزب الأمة القومي متمسك بخريطة الطريق التي اقترحها قبل أيام، ويعمل بجد على إقناع المكونات المدنية بها ومن ثم تقديمها للمكون العسكري.
ورفض أمين عام حزب الأمة القومي أي اتجاه من المكون العسكري لتعيين بديل لعبد الله حمدوك في الوقت الراهن وتشكيل حكومة جديدة.

ما هي أسباب استقالة حمدوك؟

وحول الأسباب الحقيقية وراء استقالة حمدوك، خصوصاً أن حزب الأمة ظل على تواصل معه، أشار الواثق البرير إلى أن حمدوك رغب منذ فترة في إحداث توافق سياسي جديد، وسعى للتقريب بين نظراء الأزمة، لكنه عجز عنه من دون أن يبذل جهدا إضافيا.


أما ميني أركو ميناوي، حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان، الشريك في الحكم، فقد غرد على حسابه في تويتر، وقال إن استقالة حمدوك واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة التي لم تفهمها القوى السياسية التي ورثت البلاد، مضيفا أن خطاب حمدوك حدد الأسباب وراء استقالته، وهي عدم التوافق السياسي، وهذا ما  يجب أن يُفهم، مشيراً إلى أن المشوار ما زال طويلاً وأنه "لا بديل للحوار والاعتراف بالبعض".

حزب المؤتمر الشعبي: الوثيقة الدستورية سمحت بهيمنة العسكر

من جانبه، يرى كمال عمر، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، حزب الراحل الترابي، أن توقيت الاستقالة معقد جداً، وأن السبب هو الوثيقة الدستورية التي صُممت بالأساس لهيمنة العسكر على السلطة، مع ضعف فكري ودستوري للحاضنة السياسية ممثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير، وأن غياب السلطة التشريعية وغياب المحكمة الدستورية زادا من فشل المرحلة الانتقالية.
وأوضح عمر لـ"العربي الجديد" أن المخرج المطلوب هو إعداد مشروع دستوري جديد، تعطى فيه صلاحيات مطلقة للمدنيين، ويحصر فيه دور العسكر في تأمين الانتقال الديمقراطي من دون المشاركة في الحكم، مع وجود حاضنة سياسية أكثر تماسكاً وتشارك فيها جميع الأحزاب وفق برنامج متفق عليه للانتقال الديمقراطي، على أن يتم اختيار رئيس وزراء ثائر وبمشاركة الشارع. ورجح عمر ذهاب العسكر لاختيار رئيس وزراء وفقاً لمواصفاتهم، كما اختاروا من قبل رئيس قضاء ونائباً عاماً، مؤكداً أن تلك الخطوة لو حدثت ستصب مزيداً من الزيت على نيران الأزمة السياسية في البلاد.         

أسف بريطاني وأممي لاستقالة حمدوك

من جانبها، أعربت وزيرة المملكة المتحدة لشؤون أفريقيا، فيكي فورد، عن حزنها العميق لاستقالة حمدوك، مشيرة إلى أنه يجب على قوات الأمن والجهات السياسية الفاعلة احترام مطالب الشعب السوداني.

من جهته، عبّر الممثل الخاص للأمين العام في السودان، فولكر بيرتس، عن أسفه لقرار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التنحي عن منصبه كرئيس للوزراء.

وذكر بيرتس، في بيان له اليوم الإثنين، أنه يشعر بقلق إزاء الأزمة السياسية المستمرة بالبلاد، في أعقاب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي عرقل التقدم المحرز منذ ثورة ديسمبر/كانون الأول، كما عبر عن قلقه إزاء سقوط قتلى وجرحى من المدنيين في سياق الاحتجاجات المستمرة. 

وحث بيرتس قوات الأمن على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والتمسك الصارم بحقوق المتظاهرين في التعبير والتجمع السلمي، مشدداً على وجوب تقديم مرتكبي العنف للعدالة، كما أكد على ضرورة تلبية تطلعات الشعب السوداني إلى مسار ديمقراطي، واستكمال عملية السلام، لافتاً إلى استعداد بعثة الأمم المتحدة لتسهيل ذلك.