أصابع الاتهام تتجه إلى قوات الأمن بارتكاب "مجزرة جبلة" جنوبي العراق

أصابع الاتهام تتجه إلى قوات الأمن بارتكاب "مجزرة جبلة" جنوبي العراق

31 ديسمبر 2021
التحقيقات الأولية تشير إلى أن ضباط أمن ضللوا وسائل إعلام بشأن الحادثة (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر أمنية عراقية متطابقة في بغداد ومحافظة بابل، جنوبي العراق، عن بدء تحقيقات حكومية واسعة بشأن مجزرة منطقة جبلة التي راح ضحيتها 20 مدنيا، بينهم 12 طفلا، خلال مهاجمة قوات الأمن منزلا ريفيا يوم أمس.

وقال مسؤول أمني عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن التحقيقات الأولية التي يشرف عليها حاليا وزير الداخلية عثمان الغانمي ووكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات أحمد أبو رغيف، تشير إلى تورط القوة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بالوقوف وراء قتل الضحايا، وأن ضباط أمن ضللوا وسائل إعلام بعد زعمهم أن رجلا قتل أفراد أسرته ثم انتحر.

وبين المسؤول العراقي أن ضباط الأدلة الجنائية أكدوا استخدام أسلحة متوسطة وقذائف بالهجوم على المنزل المأهول بالسكان، ما أدى إلى مقتل من فيه، فيما بين أن "وزير الداخلية عثمان الغانمي استدعى قائد شرطة بابل ومسؤول وكالة الاستخبارات في المحافظة إلى مقر الوزارة في العاصمة بغداد، لغرض التحقيق معهما بشأن كيفية دخول قوة عسكرية كبيرة إلى المحافظة، دون أخذ أي إجراءات للتأكد من المهمة التي دخلت من أجلها".

وأضاف أن "القوة التي دخلت إلى بابل كانت قادمة من بغداد، وعبرت عدة حواجز تفتيش، دون إجراء أي تنسيق مع قيادات العمليات المشتركة، خصوصاً أن التوجيهات العليا تمنع دخول أي قوة عسكرية إلى أي سيطرة دون علم مسبق لقيادة العمليات المشتركة".

وختم المصدر قوله إن "التحقيقات مستمرة ومن المرجح الكشف عنها خلال الـ(48) ساعة القادمة، بعد كشف الخيوط العريضة للمجزرة التي حصلت بحق عائلة كاملة"، وأكد أن وزير الداخلية عثمان الغانمي وصل إلى مكان المجزرة للإشراف على التحقيقات والاستماع إلى الشهود بنفسه.

ولفت المصدر، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الضحايا وحسب تقرير الطب العدلي قضوا بطرق مختلفة وبنيران أسلحة متوسطة وقنابل، وليس كما سربت عن عمد قيادات أمنية بأن المطلوب هو الذي قتل أفراد أسرته ثم انتحر.

وكشف أن الضحايا ما زالوا في مستشفى مدينة المسيب المجاورة وتحت حماية قانونية، وأن من بين الضحايا رضيع.

خلاف بين ضابط كبير في الاستخبارات ورب الأسرة الضحية وراء الحادث

في الأثناء، نقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن مصادر أمنية أن "أصل الحادث يعود لوقوع خلاف بين رب الأسرة الضحية وقريبه، وهو ضابط كبير في جهاز الاستخبارات، الذي تمكن ومن خلال علاقته من تحريك قوة أمنية خاصة توجهت للمنزل المذكور بحجة أن صاحب المنزل عنصر بتنظيم (داعش)".
وبينت أنه خلال تطويق المنزل اتصل الضحية بشقيقته التي تسكن بجواره مستنجدا بها، لكن قوات الأمن بدأت باستخدام القوة المفرطة في الهجوم دون الطلب ممن هم داخل المنزل بالخروج منه، ما تسبب بمقتل جميع أفراد العائلة.

إلى ذلك، قال محافظ بابل حسن منديل، في تصريحات صحافية، إن "الجديد الذي توصلنا إليه بشأن حادثة جبلة هو وصول قوة من خارج المحافظة لاعتقال هذا الشخص دون علم المحافظة، وأن مذكرات إلقاء القبض جاءت بها قوات أمنية من جهات قضائية خارج بابل لتنفيذ عملية الاعتقال".

وبين أن "مجموع الذين قتلوا بالعملية كانوا عشرين شخصًا، كلهم من عائلة الشخص المطلوب للجهات التي هي من خارج المحافظة، وأن من قتلوا كلهم مدنيون". وأضاف رئيس الحكومة المحلية في بابل أن "الضحية لم يسجل كإرهابي أو مطلوب لقواتنا".

إلى ذلك، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشان، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "ما حصل في جبلة كارثة حقيقية. كيف تقتل عائلة بكاملها مع الأطفال والنساء، وسط تضليل كبير حتى من الجهات الرسمية؟".

ودعا الجهات المسؤولة إلى كشف الحقيقة بأسرع وقت أمام الرأي العام، ومحاسبة كل من تورط بما حصل في جبلة مهما كان موقعه الحكومي أو الأمني أو حتى السياسي والحزبي، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن أن تكون القوات الأمنية أداة بيد بعض الأشخاص وتنفذ ما يطلب منها وفق الأهواء الشخصية وليس الأوامر القانونية والأصولية".

وأضاف "نخشى أن يكون ملف التحقيق بما حدث في جبلة حاله كحال ملفات التحقيقات السابقة، التي لم تر النور حتى الآن رغم مرور سنين عليها، ورغم وجود كل الأدلة على إدانة من تورط بها، لكن تبقى الضغوطات هي التي تمنع كشف الحقائق بالكثير من القضايا، سواء التي تخص الفساد أو غيرها من الجرائم، بما فيها القتل والاغتيال".

ووفق شقيقة رحيم كاظم الغريري، الذي قتل مع عائلته، فإن القوات المهاجمة قصفت منزل أخيها وعائلته في ناحية جبلة ببابل بالصواريخ والقذائف، "وهو فلاح بسيط ليس له علاقة بالمخدرات والإرهاب".

والحادثة التي أثارت الرعب في العراق، لم تتضح بعد تفاصيل موثوقة بشأنها، وما إذا كان المطلوب قد أقدم على قتل عائلته، أم قتلت خلال الاشتباك مع عناصر الأمن.

أما رواية خلية الإعلام الأمني الحكومية التي أعلنتها، فلم تتهم المطلوب بقتل عائلته، إذ قالت في بيان، إنّ "القوات الأمنية قامت بملاحقة متهمين اثنين بالإرهاب في منطقة جبلة، شمالي محافظة بابل، وبعد تضييق الخناق عليهما، قاما بفتح النار العشوائي على القوات الأمنية، ما أدى إلى إصابة عدد من أفراد القوة المنفذة للواجب التي شرعت بفتح تحقيق على خلفية العثور على عدد من جثث لمواطنين في منزل بالمنطقة".