أسرى محررون يروون عن تعذيبهم في سجون الاحتلال... جحيم الأيام الأخيرة

26 يناير 2025
استقبال أسرى محررين في رام الله، 25 يناير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشف الأسرى الفلسطينيون المحررون عن تعرضهم للتعذيب والإهانات في سجون الاحتلال، حيث تم استهدافهم بالضرب والتنكيل منذ وضعهم على قوائم الإفراج ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
- عبر الأسرى عن فرحتهم بالحرية واصفين الصفقة بالمشرفة، مشيرين إلى أن الإفراج جاء بفضل المقاومة وامتنانهم لغزة وشهدائها الذين ضحوا من أجل رفع الحصار.
- سلط الأسرى الضوء على معاناتهم من الإهمال الطبي، مؤكدين أن فرحتهم لن تكتمل إلا بخروج جميع الأسرى وتحقيق السلام للشعب الفلسطيني.

كشف أسرى فلسطينيون محررون، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، لـ"العربي الجديد"، عمّا تعرضوا في سجون الاحتلال، كاشفين عن استهدافهم بالضرب والتنكيل والإهانات منذ الأربعاء الماضي حتى فجر أمس السبت، عقب وضعهم على لوائح من يُتوقع إطلاقهم.

"إهانات وتعذيب لم نرها خلال 16 شهراً"

وتحدث أسرى محررون في الضفة الغربية عن لحظات تحريرهم والمشاعر التي اجتاحتهم، خاصة أن من بينهم أسرى محكومين بالمؤبد "كانوا ينتظرون الموت". كما تحدثوا عن تعذيبهم الممنهج بالحرمان من العلاج لسنوات، وعن آمالهم بتلقي العلاج بعد الإفراج عنهم.

وفي مجمع رام الله الترويحي في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، استُقبل المحررون الـ107 الذين وصلوا إلى رام الله. رصدت كاميرا "العربي الجديد" لقاءً حاراً ومشاهد مؤثرة لبهاء عويسات مع عائلته بعد تغييبه لتسع سنوات في سجون الاحتلال. وقف عويسات في قاعة الاستقبال دقائق عديدة يبكي، فيما غمرت عائلته حالة فرح، قبل أن ينطلق لتحية مستقبليه.

وقال عويسات، من جبل المكبر في القدس المحتلة، لـ"العربي الجديد"، إنه تعرض، برفقة باقي الأسرى، للتجويع والمرض والإهانات، لكن "منذ الأربعاء الماضي اختلفت المعاملة"، إذ أطلقوا الكلاب البوليسية لنهش الأسرى المتوقع تحريرهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فيما شنّت وحداتٌ حملةَ قمعٍ ضدهم. وشكر عويسات، الذي حُكم عليه بالسجن 14 عاماً بتهمة تنفيذ عملية طعن، المقاومة التي أوفت بوعدها بإخراج الأسرى "بعد سنوات من الجوع والمرض... يحيى السنوار (رئيس حركة حماس الشهيد) أوفى بوعده". ولم ينسَ الأسير المحرّر شهداء غزة "الذين ضحوا بأنفسهم ونسائهم وأبنائهم وشيوخهم وبيوتهم، من أجل رفع الحصار عن القطاع، ومن أجل المسجد الأقصى، ولتأمين عودة الأسرى إلى بيوتهم".

بدوره، قال الأسير المحرر طارق يحيى (قضى 9 سنوات من أصل 17 قضت بها محاكم الاحتلال ضده)، لـ"العربي الجديد": "تعرّض الأسرى المفرج عنهم، منذ الأربعاء، لحملات ضرب وتجويع وإهانة وشتائم... تعرضوا للتعذيب". وتابع: "ما تعرضنا له خلال الأيام الماضية يفوق الوحشية التي ارتكبت ضدنا طيلة 16 شهراً بعد الحرب على غزة".

"المحكوم بالمؤبد كان ينتظر الموت فقط"

وعبّر سعيد البنا، ابن محافظة طولكرم، المعتقل منذ عام 2003 والمحكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة، عن فرحه بالحرية، مشددا على أن "ما حصل صفقةٌ مشرفة أخرجت الأسرى من القبور". ويضيف لـ"العربي الجديد": "المحكوم بالمؤبد ينتظر فقط أن يذهب إلى القبر. ماذا الذي ينتظره الأسير بعد أن يُحكم عليه بالمؤبد غير القبر؟ منذ صفقة شاليط أصبحنا نعيش أمل الإفراج عنّا.. شرفاء ( المقاومة) أخرجونا من هذه السجون والقبور". ويروي البنا كذلك عن التنكيل خلال الأيام الماضية بقوله: "الأربعاء أخرجونا من سجن نفحة وهم يضربوننا ويهينوننا... منذ الأربعاء تكررت التفتيشات الليلية، ولم تتوقّف الإهانات والضرب حتى وصلنا إلى سجن عوفر... كانوا يقيدوننا ويلقوننا أرضاً، ثم يضربوننا".

ويصف ناجي إبراهيم، ابن بلدة طمون قضاء طوباس المحكوم بالمؤبد مدى الحياة ثلاث مرات، بالإضافة إلى 30 عاماً قضى منها 23 عاماً، شعوره بـ"العزّة" بعد خروجه بصفقة مع المقاومة. وقال لـ"العربي الجديد": "حين أخرج بصفقة مع المقاومة أشعر كأني في السماء... أنا لم أخرج بإرادة الاحتلال، بل أُجبر على الإفراج عني". وكرر ما قاله زملاؤه بشأن الساعات الأخيرة قبل الإفراج: "كانت صعبة للغاية... كأنّ الاحتلال كان يصبّ كل حقده على الأسرى قبل الإفراج عنهم".

وقال إبراهيم إنه منذ الساعة الواحدة من فجر السبت أخرج السجانون الأسرى بعدما أحضروا الكلاب البوليسية وأجبروهم على خفض رؤوسهم إلى الأسفل، مشيراً: "جعلونا نتخذ وضعية انحناء حتى أقدامنا، ثم أجبرونا على المشي لقرابة 500 متر بتلك الوضعية ونحن مقيدون، حتى أن بعضنا سقط على الأرض". ويعبر إبراهيم عن امتنانه لغزة: "أنا مدين لغزة طيلة حياتي، مدين لكل طفل فيها، وحقهم علينا لن ننساه أبداً ما حيينا".

أسرى محررون والإهمال الطبي

عزمي نفاع، الذي عانى قرابة تسع سنوات بسبب جريمة الإهمال الطبي، وصل كغيره من الأسرى إلى مكان استقبالهم محمولاً على الأكتاف، وهو الذي سعت عائلته على مدار سنوات سجنه لإجراء عملية جراحية له على مستوى الفك العلوي بعد إطلاق جيش الاحتلال النار على وجهه في حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس. وكان عزمي محكوما بالسجن 20 عاماً، وينتظر 11 عاماً أخرى للخروج والحصول على العلاج، لكنه اليوم، كما قال لـ"العربي الجديد": "سأحصل على العلاج وإلى جانبي والدي ووالدتي".

وأشار نفاع إلى أنه "لطالما طالبتُ بالعلاج طيلة تسع سنوات، ولم أحصل عليه بشكل كامل". وقال إنه واحدٌ من بين أسرى كثيرين عانوا من الإهمال الطبي خلال السنوات الماضية، "لكن الـ15 شهراً بعد الحرب على غزة تعتبر الأقسى، إذ كانت الإجراءات الطبية أصعب بكثير"، مطالباً المؤسسات الحقوقية بالتدخل في هذا الملف. وأكد نفاع، كما باقي الأسرى، أن فرحته "لن تكتمل إلا بخروج كل الأسرى، وبأن يعيش الشعب الفلسطيني بسلام واستقرار... وتلك هي الفرحة الكبرى".

المساهمون