أزمة كازاخستان تكشف ضعف حكم الفرد في الجمهوريات السوفييتية السابقة

أزمة كازاخستان تكشف ضعف حكم الفرد في الجمهوريات السوفييتية السابقة

06 يناير 2022
خرجت تظاهرات حاشدة في كازاخستان رفضاً لرفع أسعار الغاز (Getty)
+ الخط -

تعيش جمهورية كازاخستان السوفييتية السابقة منذ الأيام الأولى من العام الجديد، أزمة سياسية غير مسبوقة، وسط خروج تظاهرات حاشدة رفضاً لرفع أسعار الغاز، سرعان ما تحولت إلى أعمال شغب، وأصبحت تشكل خطراً على نظام الحكم.

ومن اللافت أن كازاخستان كادت أن تكون حتى اليوم النموذج الوحيد لنجاح عملية نقل السلطة من أول رئيس كازاخستاني ما بعد السوفييتية، نور سلطان نزارباييف، إلى الرئيس الجديد قاسم جومرات توكاييف، في عام 2019، بعد أن كان تغيير السلطة في الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى يقتصر على وفاة الرؤساء أو إطاحتهم نتيجة لوقوع ثورات وانتفاضات.

ومن أجل ضمان حصانة نزارباييف وحفاظه على نفوذه، عُيِّن رئيساً لمجلس الأمن "مدى الحياة" ومُنح لقب "أبو الأمة"، وحتى أُطلِق اسم نور سلطان على عاصمة كازاخستان بدلاً من أستانة التي نالت شهرة عالمية باستضافتها محادثات سورية.

إلا أن هذا الانتقال الناعم للسلطة لم يحل دون مواجهة كازاخستان أزمتها السياسية الحالية، بعد مرور أقل من ثلاث سنوات على استقالة نزارباييف، التي بدأت برفع الشعارات الرافضة لارتفاع أسعار الغاز عبر شبكات التواصل الاجتماعي، متحولة إلى احتجاجات حاشدة ذات مطالب سياسية أدت إلى إقالة الحكومة، وفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، وإعلان توكاييف توليه رئاسة مجلس الأمن خلفاً لنزارباييف، مستنداً في ذلك إلى بند الدستور الذي ينصّ على أن تشكيل مجلس الأمن يكون من اختصاص الرئيس.

وفي هذا السياق، لفتت صحيفة "فيدوموستي" الروسية، في مقال بعنوان "من قد انتصر عليه توكاييف؟"، نشر ليل الأربعاء-الخميس، إلى مجموعة من التداعيات السياسية لكازاخستان جراء الاحتجاجات، بما فيها إتمام عملية انتقال السلطة، ونشوب مخاطر تكرار الأحداث الحالية، ما لم تُجرَ تغييرات مؤسساتية، وإصلاح سياسي للإتاحة للمواطنين فرصة الاحتجاج بحرية.

ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى انعدام زعيم معلن للاحتجاجات حتى تجري السلطة حواراً معه، مخلصة إلى أن ذلك ليس صدفة، في ظل افتقار المجال القانوني إلى شخصية قد تمثل المعارضة.

ومع تقدم رؤساء الجمهوريات السوفييتية السابقة في العمر، وعجزهم عن مواكبة تطلعات الأجيال الجديدة من السكان، لا يكاد يمرّ عام في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق من دون أن تواجه جمهورية من جمهورياته السابقة في حدائق روسيا الخلفية، أزمة سياسية حادة واحتجاجات حاشدة، ما يثير دائماً قلق موسكو.

وشهد عام 2020، مثلاً، تظاهرات رافضة لإعادة انتخاب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، للولاية السادسة، وشبهة عمليات تزوير واسعة النطاق تخللت الانتخابات، ما زاد من التساؤلات عن مدى التشابه بين الأزمتين السياسيتين في بيلاروسيا وكازاخستان.

وفي مقال بعنوان "لوكاشينكو استعد!"، نُشر بصحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية ذات التوجهات الليبرالية المعارضة مساء أمس الأربعاء، اعتبر السياسي البيلاروسي بافيل لاتوشكو، أن السبب الرئيسي لأزمتي بيلاروسيا وكازاخستان ليس تزوير نتائج الانتخابات ورفع أسعار الغاز، بل انعدام تغيير السلطة، واستحالة وصول المعارضة إلى سدة الحكم، على عكس ما هو معمول به في النظم الديمقراطية.

ورأى لاتوشكو أن أحداث بيلاروسيا وكازاخستان أظهرت أنه لا يمكن وقف عملية التغيير في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، مشيراً إلى أن ما يجري في كازاخستان يصدر إشارة واضحة إلى لوكاشينكو بأن أي محاولات ترانزيت أو تعديل للدستور لن تتيح له الحفاظ على السلطة.

يذكر أن احتجاجات كازاخستان اندلعت في مقاطعة مانغيستاو على الحدود مع تركمانستان وأوزبكستان، بعد رفع أسعار الغاز للسائقين بنسبة 100 في المائة في عدد من الأقاليم، ولكن رقعتها سرعان ما انتقلت إلى مناطق أخرى، وسط تعالي الأصوات المطالبة بالعدالة الاجتماعية، وخروج نزارباييف من الحياة السياسية للبلاد.

المساهمون