أزمة تأمين الرواتب في العراق تدخل خانة المقايضة السياسية

أزمة تأمين الرواتب في العراق تدخل خانة المقايضة السياسية

04 نوفمبر 2020
الحكومة عجزت عن توفير الرواتب بعد مرور أكثر من أسبوعين (نيكولاس كوكوفليس/Getty)
+ الخط -

أجبرت أزمة تأمين الرواتب، أخيراً، في العراق، والتي لم تستطع الحكومة توفيرها بعد مرور أكثر من أسبوعين على موعدها، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على اللجوء إلى القوى السياسية لإقناعها بتمرير قانون الاقتراض في البرلمان، للخروج من الأزمة، ووسط استغلال القوى المناوئة للحكومة الأزمة لتحقيق مكاسب خاصة، يؤكد مراقبون أن تلك القوى أدخلت القانون في خانة المقايضة السياسية.
وخلال جلسة لمجلس الوزراء ترأسها الكاظمي، أمس الثلاثاء، ركّزت على ملف الرواتب، دعا رئيس الوزراء، وزير المالية علي محمد علاوي، إلى البحث عن حلول عاجلة لصرف الرواتب.

وأجرى الكاظمي، اتصالات مع القوى السياسية الكبيرة، محاولا إقناعها، بالتعاون للخروج من الأزمة، من خلال إقرار قانون الاقتراض المعطّل في البرلمان، وقال المتحدث باسم الحكومة، أحمد ملا طلال، في مؤتمر صحافي، عقده مساء أمس الثلاثاء، إن "الحكومة ملتزمة بصرف الرواتب المتأخرة"، مبيناً أن "الكاظمي أجرى اتصالات مع الكتل السياسية، لأجل تمرير قانون الاقتراض سريعاً".
وحددت رئاسة البرلمان، السبت المقبل، موعداً لعقد جلسة برلمانية اعتيادية، مؤكدة في بيان لها، أن "قانون تمويل العجز المالي سيتصدر جدول أعمال الجلسة".
إلا أن ذلك لا يعني أن البرلمان سيمرر القانون، وينتشل الحكومة من مأزق توفير الرواتب، لا سيما أن القوى المناوئة للحكومة أبدت مواقف متشددة، خلال محاولة الكاظمي إقناعها بتمرير القانون.
النائب عن كتلة "بدر"، صفاء الغانم، قال إن "الحكومة تتحجج للخروج من أزمة الرواتب، ونحن كبرلمان لن نعطيها ما تريد، لا سيما أن وزير المالية يلقي باللائمة على البرلمان"، مؤكداً في تصريح لإذاعة محلية، أن "هناك أموالاً في البلد والحكومة ليست مفلسة".
وشدد على أن "حجج الحكومة واهية، وأن تمرير قانون الاقتراض خيانة للأجيال المقبلة"، متسائلاً "كيف لا تستطيع الحكومة تأمين الرواتب؟ أين أموال النفط الشهرية، وأموال الضرائب، وأموال الوقود الذي يباع في الداخل، وأموال المنافذ التي تدعي الحكومة أنها أحكمت السيطرة عليها؟".

أما النائب عن تحالف "الفتح"، قصي عباس الشبكي، فقد حمّل الحكومة مسؤولية، أزمة توفير الرواتب، معتبرا أنها "أخفقت في الجانب الاقتصادي، ولم تنفذ شيئا من وعودها أو برنامجها الحكومي"، وقال في تصريح صحافي، إن "الحكومات السابقة لم تؤخر الرواتب عن الموظفين، وأن هذه الأزمة شهدناها فقط مع حكومة الكاظمي، التي تختلق الأعذار بشأنها".
وأكد أن "الحكومة لم تستغل الحلول السريعة لإنهاء الأزمة، فلم تخفّض الرواتب العليا لا الامتيازات، والتي من الممكن أن تسهم بتخفيض العجز"، مشيراً إلى أن "الحكومة تستغل الأزمة لأجل تمرير قانون الاقتراض".
ويؤكد سياسيون، أن تلك القوى بدأت تدفع الحكومة باتجاه زاوية حرجة، متعمدة تأخير تمرير قانون الاقتراض لأجل إحراج الحكومة ومقايضتها مقابل تمرير القانون، وقال نائب عن تحالف القوى العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى الكبيرة التي أجرى الكاظمي اتصالات معها، بدأت بتصعيد الخطاب ضد الحكومة، والدفع باتجاه كسب الوقت".
وأوضح أن "تأخير إقرار القانون يصب بصالح تلك الكتل، والتي ستعقد اجتماعاً قبل انعقاد جلسة البرلمان لبحث الملف، إذ إنها تسعى للضغط على الحكومة لتحقيق مكاسب معينة، مقابل تمرير القانون"، مشيراً إلى أن "تلك القوى لديها ملفات كثيرة تقايض بها الحكومة، منها ملفات التحقيق بملف ضحايا التظاهرات، وملف اتفاق سنجار، وملف عودة البشمركة إلى كركوك".
وأضاف أن "هناك الكثير من الملفات سيتم الاتفاق بشأنها وفقاً لأجندات تلك القوى، وستجبر الحكومة على تنفيذها، في ظل استمرار أزمة توفير الرواتب".
يشار إلى أن الحكومة لم تستطع تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، والتي باتت تتأخر شهرياً، بسبب الأزمة المالية التي يمر بها البلد، نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالمياً.