أحمد الشرع إلى الإمارات وتركيا: العلاقات الثنائية وإسرائيل

08 ابريل 2025
الشرع في أنقرة، 4 فبراير 2025 (أوزان كوز/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعتزم الرئيس السوري أحمد الشرع زيارة الإمارات وتركيا لتعزيز الدعم الإقليمي والدولي للإدارة السورية الجديدة، بعد زيارته للسعودية، لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والتحديات الأمنية.
- تسعى سوريا للحصول على دعم لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، حيث تلعب الإمارات دور الوسيط، وتعتبر تركيا حليفاً رئيسياً لمناقشة التطورات العسكرية.
- تهدف الزيارات لتعزيز دور سوريا الإقليمي والدولي، مع التركيز على إعادة الإعمار ووقف الهجمات، وتثبيت تماسك الجبهة الداخلية السورية.

تندرج الزيارتان اللتان يعتزم الرئيس السوري أحمد الشرع القيام بهما إلى الإمارات وتركيا خلال أيام، في سياق الخطوات التي تقوم بها الإدارة السورية الجديدة لمواجهة العديد من التهديدات التي تستهدف تقويض الاستقرار في البلاد، وإضعاف دور الدولة، خصوصاً الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب السوري.

وقالت وزارة الخارجية السورية إن أحمد الشرع سيقوم بأول زيارة له إلى الإمارات خلال أيام، تليها زيارة ثانية له إلى تركيا، في إطار سعيه المستمر لحشد الدعم للإدارة الجديدة. فيما ذكر متحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي أمس أن الشرع سيزور تركيا في 11 إبريل/نيسان الحالي للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي. وتعد الإمارات ثاني دولة خليجية يزورها الشرع بعد زيارته السعودية في فبراير/ شباط الماضي، في أول رحلة خارجية له منذ توليه الرئاسة في يناير/ كانون الثاني من العام الحالي. وكان الشرع قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في يناير الماضي، بحثا خلاله سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

أهداف زيارتي أحمد الشرع

وتعليقاً على الزيارتين، رأى المحلل السياسي عبد الرحمن الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أنهما تأتيان "بشكل رئيسي في سياق مواجهة التهديدات الإسرائيلية والتحديات الأمنية التي تواجه سورية في الوقت الراهن". وأشار إلى أن لدولة الإمارات "علاقات مع الجانبين الإسرائيلي والأميركي تخوّلها نقل رسائل للشرع"، معرباً عن اعتقاده بأن الزيارة "جاءت بطلب من دولة الإمارات، لا العكس". وأردف أن وزير الخارجية أسعد الشيباني نقل في زيارته إلى الإمارات مطلع العام الحالي تطمينات بشأن العهد الجديد وعلاقته بالدول الإقليمية، ورغبته بالاستقرار وضمان ألا تكون سورية مصدر إزعاج لدول المنطقة والعالم، "ما يؤكد أن زيارة الرئيس الشرع ستبحث مسائل أخرى مع المسؤولين في الإمارات تتعلق باستقرار سورية"، وفق الحاج.

عبد الرحمن الحاج: الزيارتان تأتيان بشكل رئيسي في سياق مواجهة التهديدات الإسرائيلية والتحديات الأمنية التي تواجه سورية في الوقت الراهن

يُذكر أن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد كان قد التقى، أمس الأول الأحد، في أبوظبي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر وبحث معه تطورات المنطقة، من دون أن يشير البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) عن تطرق الزيارة إلى سورية. وتواجه الإدارة السورية الجديدة العديد من التحديات الداخلية والخارجية منذ تسلمها مقاليد الأمور في البلاد قبل نحو أربعة أشهر، برز منها في الآونة الأخيرة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سورية، والتي وصلت حد احتلال أراضٍ جديدة والتهديد بما هو أكبر. ولا يمكن عزل الزيارة الثانية للشرع إلى تركيا عن التطورات العسكرية التي جرت أخيراً، وخصوصاً القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع عسكرية سورية يُعتقد أن الجانب التركي ربما سيتخذ منها قواعد له. وكان هذا القصف تأكيداً إسرائيلياً معلناً على رفض تل أبيب أي حضور عسكري تركي في وسط وجنوب سورية.

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن أربعة مصادر أن تركيا تفقدت ثلاث قواعد جوية على الأقل في سورية قد تنشر قواتها فيها كجزء من اتفاق دفاع مشترك مزمع، قبل أن تقصف إسرائيل المواقع بضربات جوية الأسبوع الماضي. وقال مسؤول مخابراتي إقليمي ومصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع، وفق "رويترز"، إنه في إطار التحضيرات، زارت فرق عسكرية تركية في الأسابيع القليلة الماضية قاعدة "تي فور" وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة. وقال مسؤول المخابرات الإقليمي إن الفرق التركية قيّمت حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين. وأضاف مسؤول المخابرات والمصدران العسكريان السوريان أن زيارة أخرى كانت مقررة إلى قاعدتي "تي فور" وتدمر في 25 مارس/ آذار الماضي ألغيت بعد أن ضربت إسرائيل القاعدتين قبل ساعات من موعد الزيارة. وقال مسؤول المخابرات إن الضربات على قاعدة "تي فور"، "دمرت المدرج والبرج وحظائر الطائرات وطائرات على الأرض وبعثت برسالة قوية مفادها أن إسرائيل لن تقبل بوجود تركي موسع". وقال مصدر سوري رابع مقرب من تركيا "قاعدة تي فور لم تعد صالحة للعمل بالمرة الآن". وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية رداً على سؤال "رويترز" عن الزيارات "التقارير والمنشورات المتعلقة بالتطورات في سورية، سواء كانت حقيقية أو مزعومة، يجب ألا تؤخذ بعين الاعتبار ما دام أنها لم تصدر عن السلطات الرسمية، لأنها تفتقر إلى المصداقية وقد تكون مضللة".

مواجهة التحديات أمام دمشق

وعن زيارتي أحمد الشرع للإمارات وتركيا، أعرب المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنهما تندرجان في سياق مواجهة التحديات التي تواجهها دمشق على عدة صعد. وتابع: "تركيا حليف رئيسي للإدارة الحالية في دمشق، لذا أعتقد أن الهدف من زيارة تركيا إطلاع الشرع على نتائج زيارات قام بها مسؤولون أتراك في الآونة الأخيرة إلى الولايات المتحدة. التردد الأميركي في التعامل مع الإدارة السورية واضح". ورأى زيادة أن زيارة الإمارات من قِبل الشرع تأتي "في سياق حثها على الإسهام في ملف إعادة الاعمار في سورية"، مضيفاً: "ربما تلعب أبوظبي دوراً وسيطاً بين دمشق وتل أبيب من أجل وقف الهجمات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي السورية".

مؤيد غزلان: حاجة للاستعانة بوساطة عربية تخفف من تبعات التباطؤ الأميركي تجاه الملف السوري، وتحث واشنطن على الضغط على تل أبيب للتوقف عن سياسة الاستعداء المتصاعد نحو سورية

وفي السياق، رأى الباحث السياسي مؤيد غزلان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سورية أمام تحديات مفصلية في هذه الفترة بعد تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية وعدم تحرك ملف العقوبات الأميركية بشكل واضح، مما يعيق البدء في مسيرة الإعمار المرتقبة. وأشار إلى أن ذلك "يستدعي الاستعانة بوساطة عربية تخفف من تبعات التباطؤ الأميركي تجاه الملف السوري، وتحث واشنطن على الضغط على تل أبيب للتوقف عن سياسة الاستعداء المتصاعد نحو سورية"، مضيفاً: "هذا العداء المستمر سيقوّض معادلات الأمن الدولي والإقليمي وانحسار المحور الإيراني الذي تحقق بعد النصر على النظام البائد". ورأى غزلان أن "هناك اهتماماً خليجياً خصوصاً، وعربياً عموماً، باستقرار سورية واستمرار الحفاظ على انحسار الهيمنة الإيرانية عن المنطقة، وهنا توجد نقاط التقاطع بين اهتمامات الإمارات وبين سورية".

وحول زيارة أحمد الشرع المرتقبة إلى تركيا، رجّح غزلان مناقشة الاتفاقيات الثنائية بين البلدين "على ضوء نتائج الزيارة إلى الإمارات"، مضيفاً: "سعت الإدارة جاهدة لتثبيت تماسك الجبهة الداخلية، وعقدت اتفاقاً مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في حلب، وقامت بزيارات للقيادات المحلية في السويداء، وبذلك قطعت الطريق أمام أي محاولة للعبث باستقرار سورية". وأشار غزلان إلى أن الإجراءات التي قامت بها دمشق أخيراً "تندرج فعلاً في مصلحة الأمن الإقليمي دولياً وفي مسار التعافي الاقتصادي والداخلي في سورية"، مضيفاً: زيارة الرئيس الشرع إلى الإمارات وتركيا لتعزيز هذين المسارين معاً.