قانون جديد للأحزاب بالجزائر... ضوابط مشددة لتغيير القيادات ومراقبة التمويل وفك العلاقة بالجمعيات

14 يناير 2025
لقاء سابق بين تبون وقادة الأحزاب الجزائرية، 21 مايو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتضمن قانون الأحزاب الجديد في الجزائر بنودًا مثيرة للجدل، مثل تحديد فترات رئاسة قيادات الأحزاب بفترتين، مما أثار اعتراضات من بعض الأحزاب التقليدية، وأُحيل القانون إلى البرلمان لمناقشته.
- ينص القانون على تشكيل الأحزاب من أجهزة منتخبة ديمقراطيًا، ويحد من علاقاتها بالتنظيمات النقابية والمدنية، ويشترط موافقة وزارية على التعاون مع أحزاب أجنبية.
- يفرض القانون ضوابط مشددة لتأسيس وتمويل الأحزاب، ويمنع المقاطعة السياسية للانتخابات، مع إمكانية حل الحزب لعدم المشاركة في استحقاقين متتاليين.

استلمت الأحزاب السياسية في الجزائر مسودات من قانون الأحزاب الجديد الذي طرحته الحكومة، لإبداء مواقفها منه واقتراح تعديلات تخص بنوده، بينما تمت إحالته إلى البرلمان لمناقشته، حيث يتضمن إطارا تشريعيا جديدا لإنشاء وعمل الأحزاب السياسية. غير أن بعض بنوده قد تثير جدلا واعتراضات من قبل الأحزاب، خاصة ما يتعلق بإجبار الأحزاب على التداول القيادي ومنع قياداتها من رئاستها لأكثر من فترتين.

وقال رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، خلال حفل تسلم التقرير النهائي لمراجعة قانوني البلدية والولاية، إن "مشروعي قانوني الأحزاب السياسية والجمعيات قد أودعا على مستوى المجلس الشعبي الوطني". وأضاف أنه "سيتم تنصيب لجنتين لدراستهما قبل نهاية الأسبوع"، حيث من المتوقع أن يبدأ البرلمان مناقشة قانون الأحزاب في بداية الشهر المقبل.

وفرض القانون الجديد تجديدا قياديا في الأحزاب بشكل لا يتيح للقيادات أكثر من فترتين على رأس الحزب، ما سينهي في عدد من الأحزاب السياسية التقليدية في الجزائر ظاهرة التمركز القيادي، على غرار حزب العمال اليساري الذي تقوده لويزة حنون منذ ثلاثة عقود، وجبهة العدالة والتنمية التي يقودها عبد الله جاب الله منذ أكثر من عقد ونصف، وأحزاب أخرى كثيرة ذات ثقل سياسي أقل، إذ كان الرئيس عبد المجيد تبون قد وجه قبل أسبوعين انتقادات في هذا السياق لمن وصفهم بأنهم "يريدون التغيير، لكنهم لا يريدون أن يتغيروا أو يتزحزحوا من مواقعهم".

وينص القانون الجديد على أنه "يجب أن يتشكل الحزب السياسي من أجهزة ولجان وطنية ومحلية يتم انتخابها وتجديدها، على أسس ديمقراطية قائمة على قواعد الاختيار الحر، حيث يتكون الحزب السياسي من جهاز مداولة وجهاز تنفيذي يسهران على قيادته على المستوى الوطني. وينتخب الحزب هذين الجهازين لفترة مدتها خمس سنوات كأقصى حد، ويمكن تجديدها، بصفة متتالية، مرة واحدة". وهو بند كانت تحفظت بشأنه القوى السياسية في المسودة التمهيدية التي كانت متداولة بداية العام المنصرم، على اعتبار أن الحزب السياسي ليس مؤسسة إدارية أو رسمية، وهو ملك لمناضليه الذين يمكن لهم أن يقرروا بقاء أو تغيير القيادة السياسية.

ويتضمن القانون بندا ثانيا كان هو الآخر محل تحفظ من القوى السياسية، يتعلق بالحد من علاقات الحزب السياسي بالتنظيمات الأخرى النقابية والروافد المدنية، في خطوة للفصل بين المجتمع السياسي والمدني. وجاء في البند: "يجب ألا يكون الحزب السياسي في ارتباط عضوي أو تبعي أو رقابي مع نقابة أو جمعية، وكذا أي تنظيم آخر ليس له طابع سیاسي"، في خطوة تستهدف منع الأحزاب من إنشاء روافد مدنية وأهلية وطلابية، والتي تكون في الغالب روافد لتأهيل الكوادر السياسية للحزب.

ويمنع على الحزب السياسي "استعمال العلامات والشارات الخاصة بالدولة في وثائقه ومحرراته، كما يمنع استعمال اللغات الأجنبية في جميع نشاطاته داخل التراب الوطني". وفي نفس السياق، تضبط المسودة الجديدة العلاقات الخارجية للحزب السياسي في الجزائر منعا لبعض الارتباطات العقدية بين القوى الجزائرية وتنظيمات وتجمعات سياسية ذات بعد دولي، إذ تشترط مادة في المسودة أنه "يمكن للحزب السياسي ربط علاقات تعاون مع أحزاب سياسية أجنبية، شريطة ألا يتعارض أسسها ومادتها وتوجهاتها مع أحكام الدستور والقوانين المحلية"، لكنه يشترط أن "تخضع إقامة هذه العلاقات إلى الموافقة المسبقة لوزير الداخلية بعد أخذ رأي وزير الخارجية، في غضون ثلاثين يوما من تاريخ إخطاره"، كما لا يمكن للحزب السياسي استغلال هذه العلاقات للقيام بأعمال في الخارج لغرض المساس بالدولة ورموزها ومؤسساتها ومصالحها الاقتصادية والدبلوماسية.

وتقر المسودة بأن الحزب السياسي يمكن أن يصبح آليا في حكم المُحل في حال عدم مشاركته في استحقاقين انتخابيين، وهذا لمنع تكرار حالات المقاطعة السياسية للانتخابات، وإجبار الأحزاب على المشاركة فيها، إذ تنص المادة على أنه "يصبح الحزب محلولا في حال عدم تقديمه مرشحين لموعدين انتخابيين متتاليين على الأقل"، فيما يمكن للوزير المكلف بالداخلية أن يوقف مؤقتا نشاط الحزب السياسي في حالة عدم ممارسته نشاطاته، أو ممارستها بعد انقضاء مدة عهدة أجهزته الوطنية، أو نشوب نزاع بين أعضائه أدى إلى تعطيل نشاطاته الحزبية، أو ممارسة أنشطته التنظيمية دون احترام لقانونه الأساسي، لكن يمكن للسلطات ممثلة في وزير الداخلية طلب حل الحزب السياسي أمام الجهات القضائية المختصة في حالة قيام الحرب بنشاطات مخالفة للدستور والقانون.

وتضمن القانون الجديد تدابير بشأن استغلال مقرات الأحزاب السياسية، حيث "يمنع على الحزب السياسي استعمال مقره لأغراض غير تلك التي صرح بها وأنشئ على أساسها، ويمنع على الحزب السياسي إيواء أي تنظيم أو أشخاص ليست لهم علاقة بالحزب السياسي لتنظيم اجتماعات داخل مقره"، في خطوة لمنع تكرار استغلال أحزاب سياسية كالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والحركة الديمقراطية الاجتماعية (حل في وقت لاحق)، مقراتهم لاستقبال النشطاء القادمين من الولايات للمشاركة في مظاهرات الحراك الشعبي، حيث كانت وزارة الداخلية قد أنذرت هذه الأحزاب بسبب ذلك.

وبخلاف ما كان متوقعا من تسهيل إجراءات تأسيس الحزب السياسي، أعاد القانون الجديد وضع ضوابط جديدة ومشددة لتأسيس الحزب السياسي في الجزائر، حيث يمكن لوزير الداخلية في أجل يبلغ 60 يوما من تاريخ إيداع طلب اعتماد الحزب السياسي، أن يطلب إفادته بوثائق إضافية أو استخلاف أو سحب أي عضو من قائمة الأعضاء المؤسسين، وفي حالة التأكد من عدم مطابقة ملف طلب الاعتماد للدستور والقانون، يمكن لوزير الداخلية رفض اعتماد الحزب، على أن يسمح للأعضاء المؤسسين بالطعن أمام القضاء. وتضبط المسودة الجديدة تمويل الأحزاب السياسية في الجزائر التي تكون ملزمة بالإبلاغ عن تسلمها أية هبات أو تمويلات محلية، فيما يمنع، تحت طائلة عقوبات بالسجن بين خمس وعشر سنوات لمسؤول الحزب، تلقي أي تمويل من مصدر أجنبي بصفة مباشرة أو غير مباشرة.