آمال مغربية بالدفع نحو حلّ لقضية الصحراء مع عودة ترامب

22 يناير 2025
ترامب خلال توقيع جملة مراسيم بعد تنصيبه رئيساً، 20 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة ترامب للرئاسة تثير تساؤلات حول موقف الولايات المتحدة من قضية الصحراء، خاصة بشأن فتح القنصلية الأميركية في الداخلة، وهو التزام أعلنه ترامب في 2020، مما قد يعزز الاعتراف الدولي بسيادة المغرب.

- خلال رئاسة بايدن، لم يتم التراجع عن اعتراف ترامب بسيادة المغرب، لكن تأجل فتح القنصلية. المحلل محمد شقير يرى أن عودة ترامب قد تعني استكمال ما بدأه، مما يعزز موقف المغرب دولياً.

- الباحث بوبكر أونغير يتوقع استمرار الدعم الجمهوري للمغرب، مشيراً إلى أن الاعتراف الأميركي شجع دولاً أخرى على موقف مماثل، وقد تعزل سياسة ترامب الجزائر، مع نية فتح القنصلية في الداخلة.

مع بدء ولاية الرئيس دونالد ترامب الجديدة، عادت السياسة الخارجية الأميركية تجاه قضية الصحراء إلى واجهة النقاش في المغرب، حيث تثار تساؤلات عدة حول سياسات واشنطن المحتملة تجاه أهم وأبرز القضايا التي تحظى بالأولوية على المستويين الرسمي والشعبي. وتتركز التساؤلات بدرجة أولى حول ما إذا كان ترامب سيحسم خلال عودته الثانية إلى البيت الأبيض مصير فتح القنصلية الأميركية في مدينة الداخلة (ثاني كبريات حواضر الصحراء)، عبر الإيفاء بالالتزام الوارد في المرسوم الرئاسي الذي كان قد وقعه في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020، أم أنه سيسير على نهج إدارة جو بايدن التي أبقت ذلك الالتزام طيلة السنوات الأربع الماضية خارج أولويات سياستها الخارجية.

وتأتي هذه التساؤلات في وقت يُعتبر فيه إقدام ترامب على الوفاء بالتزامه بإدراج الملف ضمن التوجهات والأولويات في المنطقة، بعدما جرى سحبه من طرف الإدارة السابقة، خطوة مهمة بالنسبة لشريك لواشنطن كالمغرب. وتعوّل الرباط على الخطوة الأميركية لما لها من منافع سياسية وآثار على مستقبل النزاع الذي يمتد لنحو نصف قرن، إذ من شأنها أن تشجع المزيد من الدول على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وتشجع الاستثمارات الأجنبية في المنطقة. كما ستعزز من مكانة المغرب شريكاً موثوقاً به للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

وتبعاً لذلك، تراهن السلطات المغربية على الخروج من نهج "اللا حسم" الذي تبنته الإدارة السابقة، وأن تتحول القنصلية الأميركية في الداخلة من مجرد وجود افتراضي، إلى حضور دبلوماسي فعلي، لا سيما في توقيت بالغ الدلالة يمر به الملف، ويتسم بزيادة الدعم الدولي لسيادة الرباط على الصحراء، وارتفاع عدد القنصليات بمدينتي العيون والداخلة.

وكان إعلان الرئيس الأميركي الحالي في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020 اعتراف بلاده بـ"سيادة المغرب على الصحراء"، بالتوازي مع إعلان إقامة علاقات بين المغرب وإسرائيل، قد شكل نقطة تحول في ملف الصحراء، حيث كان الاعتراف الأميركي الفصل الأكثر إثارة في قضية امتدت لما يقارب 50 عاماً، وأهم ثالث حدث في تاريخ النزاع، بعد انسحاب إسبانيا عام 1975 من المنطقة، ثم توقيع الهدنة بين المغرب وجبهة "البوليساريو" الانفصالية عام 1991، بعد حرب دامت 16 سنة.

واعتُبر إعلان ترامب اعتراف بلاده بمغربية الصحراء وفتح تمثيلية قنصلية في مدينة الداخلة، واعتبار أن "إقامة دولة مستقلة في الصحراء ليست خياراً واقعياً لحل الصراع"، مؤشراً على بداية "مرحلة جديدة"، حيث ساهم الاعتراف في تشجيع عدد من الدول الأوروبية والأفريقية على الاعتراف بسيادة الرباط على الصحراء، ودعم مقترحها للحكم الذاتي، وفتح عدد منها لقنصليات بمدينتي العيون والداخلة.

وبينما لم تتراجع إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن عن المرسوم الرئاسي لترامب، إلا أنها ظلت حتى آخر سنة من ولايتها تعمل على تأجيل ملف فتح القنصلية بمدينة الداخلة "إلى أجل غير مسمّى"، على الرغم من كونه جزءاً من الاتفاق الثلاثي بين واشنطن والرباط وتل أبيب. وفي السياق، رأى المحلل السياسي محمد شقير أنه بعد فترة رئاسة بايدن التي لم تثمر سوى تأكيد الاعتراف الأميركي دون اتخاذ أي إجراءات أخرى لصالح المغرب، فإن كل المؤشرات التي رافقت عودة ترامب إلى الرئاسة تُعدّ إيجابية، موضحاً أن "تلك العودة يمكن أن تعكس إمكانية مواصلته ما التزم به من فتح قنصلية بمدينة الداخلة، وتأسيس صندوق للاستثمار في هذه المنطقة".

وأوضح شقير، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "ما يعزز هذا المنحى هو قيام وفد أميركي مكون من أعضاء في الكونغرس ورجال الأعمال أخيراً، بزيارة إلى مدينتي العيون والداخلة للتعرف إلى فرص الاستثمار بهذه الأقاليم". ولفت إلى أن "اختيار ترامب وزير خارجية معروفاً باطلاعه على ملف الصحراء، وكذلك بمواقفه المتشددة تجاه النظام الجزائري، باعتباره عنصراً لعدم الاستقرار في المنطقة، يقوي تحرك الإدارة الأميركية الحالية لاتخاذ قرار بفتح قنصلية بالداخلة".

وقال إن "من شأن ذلك أن يؤدي، إذا ما تحقق، إلى إقناع دول أوروبية وآسيوية وأفريقية وازنة، بفتح قنصلياتها بكل من العيون والداخلة، الشيء الذي سيكرس التسريع بطيّ ملف الصحراء، خاصة إذا ما قامت بريطانيا بوصفها أحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي يتوفر على حق النقض (الفيتو)، بالاعتراف بمغربية الصحراء". واعتبر أن نشر وكالة الاستخبارات الأميركية، عشية تنصيب ترامب، خريطة المغرب مكتملة، "خطوة مؤثرة على صانع القرار في واشنطن بالإسراع باتخاذ إجراءات أكثر حسماً، في ظل وضع دولي جرى فيه إضعاف كل من روسيا وإيران، والقضاء على نظام بشار الأسد، حلفاء النظام الجزائري".

من جهته، توقع الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، في تصريح مع "العربي الجديد"، أن يستكمل ترامب ما فعله في آخر ولايته السابقة، من إتمام الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، وفتح قنصلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، معتبراً أن "واشنطن تعلم أن أطروحة الانفصال غير واقعية، وتجلب التفرقة والقلاقل، وعدم الاستقرار في منطقة تريدها واشنطن آمنة". وقال إن "المغرب سيكون من المستفيدين الكبار المحتملين من صعود ترامب والإدارة الجمهورية، لاعتبارات عدة، أولها أن الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء دفع دولاً عدة في العالم إلى أن تحذو حذو موقف واشنطن، واصطفت بدون مواربة ولا تردد مع الموقف المغربي، وتبنت بشكل واضح خطة الحكم الذاتي أساساً واقعياً وحيداً لحل قضية الصحراء المغربية". وأكد أن "الموقف الأميركي الداعم للمغرب سيستمر لا محالة مع ترامب وإدارته الجديدة، التي ستواصل النهج الدبلوماسي نفسه في علاقاتها الدولية، وفي نظرتها لحل الإشكالات الدولية المبنية على تصنيف الأمم إلى حلفاء وأعداء".

ورأى أونغير أن "المغرب سيستفيد من سياسة ترامب التي ستعزل النظام الجزائري المحسوب ضمن تحالف إيراني روسي"، وكذلك من تعيين سفير سابق للإدارة الأميركية في المغرب يعرف كل تفاصيل البلد، وساهم بشكل فعال في تطوير العلاقات بين البلدين، معتبراً أن "التعيين المرتقب للسفير السابق ديفيد فيشر فيه إشارة قوية إلى عزم الإدارة الأميركية الجديدة انتهاج الموقف السابق نفسه، والسير قدماً في اتجاه فتح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة".

المساهمون