آلية التشاور بين مصر والخليج: تمهيد لترتيبات إقليمية أوسع

آلية التشاور بين مصر والخليج: تنسيق المواقف تمهيداً لترتيبات إقليمية أوسع

15 ديسمبر 2021
آلية التشاور جاءت بعد جولة خليجية لبن سلمان (فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن تدشين آلية التشاور السياسي بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي في هذا التوقيت، جاء بمبادرة من السعودية وبتحرك منها.

وكانت الرياض قد شهدت، يوم الأحد الماضي، فعاليات إطلاق آلية التشاور السياسي بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر.

هدف آلية التشاور السياسي

وكشفت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الآلية الجديدة تهدف إلى توحيد الرؤى بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر في ما يتعلق بالاتصالات مع القوى الإقليمية التي تمثل منافساً للقوى العربية، وعلى رأس ذلك تنسيق الاتصالات مع كل من تركيا وإيران.

وأوضحت المصادر أن "المملكة العربية السعودية استشعرت الخطر أخيراً مما سمّته حالة الاندفاع نحو أنقرة وطهران، بشكل يؤثر سلباً على مصالح باقي الأطراف".

تركيا طلبت أخيراً، عقد لقاء على مستوى القادة يضم قادة دول الخليج ومصر

وقالت المصادر إن "تركيا طلبت أخيراً عقد لقاء على مستوى القادة يضم قادة دول الخليج ومصر، لتدشين مرحلة جديدة في العلاقات تضع حداً لفترة العداء والتوتر بين الطرفين".

ولفتت المصادر إلى أنه "من المرجح أن تتوسع الزيارة التي يعتزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القيام بها إلى الإمارات في فبراير/ شباط المقبل، لتشمل كلاً من السعودية، والكويت، وعمان، وذلك في حال لم يتم التوافق على عقد قمة موسعة في الرياض".

وقالت المصادر إن الفترة الأخيرة "شهدت تقدماً كبيراً على صعيد إنهاء الخلافات بين تركيا وعدد من دول الخليج، خصوصاً بعدما أبدت أنقرة تجاوباً مع بعض الملاحظات المتعلقة بملف الإسلام السياسي، فيما أبدى قادة من دول الخليج استعداد بلادهم لضخ استثمارات تحفز الاقتصاد التركي وتعيد تعديل ميزان الليرة التي تشهد انهياراً مستمراً".

مرحلة جديدة من التنسيق بين مصر والخليج

وأشارت المصادر إلى أن آلية التشاور السياسي الجديدة، والتي جاءت في أعقاب إنهاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جولة خليجية شملت الإمارات، وقطر، والكويت، وعمان، تعد بمثابة مرحلة جديدة من التنسيق.

وأوضحت أن الآلية تهدف لإجراء ترتيبات إقليمية أوسع، ستشمل العلاقات الخليجية بإثيوبيا، والعلاقات مع إسرائيل بعد عمليات التطبيع التي جرت تحت مسمى "اتفاقات أبراهام"، وكذلك بعد اتجاه كل من السعودية والإمارات وقبلهما مصر للانخراط في اتصالات معلنة وغير معلنة مع إيران من أجل التوصل لتفاهمات تؤمّن مصالحها في المنطقة.

ولفتت المصادر إلى أن الآلية الجديدة من شأنها أيضاً حسم الجدل الخاص بملف عضوية سورية في الجامعة العربية، قبل الموعد المقرر للقمة العربية في الجزائر في مارس/ آذار المقبل.

وأكدت المصادر أن "آلية التشاور السياسي هذه تلاقت فيها مصالح كافة الأطراف التي شاركت في إطلاقها من أجل خفض التوتر لأدنى مستوى، وعدم تقاطع المصالح، والبحث عن رؤية مشتركة في القضايا محل الاهتمام المشترك بين دول الخليج ومصر قدر المستطاع".

وكان بيان لوزارة الخارجية المصرية قد قال إن الوزير سامح شكري شدد في فعالية إطلاق آلية التشاور السياسي، الأحد، على "خصوصية العلاقات التي تجمع مصر ودول الخليج العربي، حكوماتٍ وشعوباً، على جميع الأصعدة"، مؤكداً على "أهمية البناء على تلك العلاقات بما يُحقق مصالح مختلف الأطراف وتطلعات الشعوب العربية الشقيقة نحو الازدهار والرخاء".

واستعرض وزير الخارجية المصري خلال الفعالية "التطورات المُتنامية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما أبرزته تلك التطورات من أهمية العمل العربي المُشترك، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على دورية التنسيق والتشاور المؤسسي بين الدول العربية".

وأشار شكري إلى "ثوابت سياسة مصر الخارجية نحو تعزيز التضامن العربي والعمل العربي المشترك للحفاظ على الأمن القومي العربي، بما لدى الدول العربية من قدرات وإمكانات تؤهلها لحماية مقدراتها وشعوبها"، مؤكداً على أن "أمننا هو كل لا يتجزأ".

وجدد شكري رفض بلاده "لكل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، ودعم مصر للدول الخليجية في اتخاذ ما تراه ضرورياً لحفظ أمنها وضمان استقرارها".

وشدد على "ضرورة تكثيف التنسيق إزاء التحديات غير المسبوقة في المنطقة"، وقال: "نحن سعداء أن تتم ترجمة هذه العلاقة الوطيدة في استراتيجية دائمة بين مصر ودول مجلس التعاون بالشكل الذي يساعد على مواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي".

من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن "التنسيق بين دول الخليج العربي ومصر عنصر أساس في استقرار المنطقة".

وشهدت الفترة الماضية لقاءات منفصلة بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين في العراق، كما شهدت لقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولين إماراتيين وإيرانيين من جهة، وإماراتيين وأتراك من جهة أخرى. كذلك شهدت الفترة الماضية لقاءات غير معلنة بين مسؤولين استخباراتيين مصريين وآخرين إيرانيين.

الآلية الجديدة من شأنها حسم الجدل الخاص بملف عضوية سورية في الجامعة العربية

مولود جاووش أوغلو في الإمارات

في غضون ذلك، بدأ وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو زيارة إلى الإمارات، مساء أول من أمس الإثنين، تنتهي اليوم الأربعاء، بحسب ما قالت وزارة الخارجية التركية في بيان أول من أمس.

وأوضحت الوزارة أن الزيارة تهدف لبحث العلاقات الثنائية وإجراء محادثات مع رجال أعمال أتراك في دبي، وذلك في الوقت الذي يكثف فيه البلدان جهودهما الدبلوماسية لإصلاح العلاقات المتوترة.

وأضافت الوزارة أنه "في إطار المحادثات التي ستجرى مع مسؤولين إماراتيين أثناء الزيارة، ستتم مناقشة الأبعاد المختلفة لعلاقاتنا مع هذا البلد، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية".

ووقعت أنقرة وأبوظبي اتفاقات وصفقات عدة خلال محادثات في أنقرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بينما يعمل البلدان على إصلاح العلاقات بعد خصومة استمرت لسنوات، في خطوة قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنها تمهد "لحقبة جديدة".

وفي 24 نوفمبر الماضي، بحث ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان مع أردوغان في أنقرة "العلاقات الثنائية وسبل فتح آفاق جديدة للتعاون والعمل المشترك".

المساهمون