استمع إلى الملخص
- تتضمن آلية وقف إطلاق النار ثلاث مراحل: الإفراج عن 33 إسرائيلياً ووقف العمليات، تحقيق الهدوء وتبادل المزيد من الأسرى، وإعادة إعمار غزة. تستمر المفاوضات برعاية مصر وقطر والولايات المتحدة.
- تستعد الأطراف لاستقبال الأسرى المحررين، حيث تُجهز المستشفيات في الضفة وغزة وإسرائيل لاستقبالهم، رغم عدم اكتمال الترتيبات النهائية.
عشية دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزّة حيز التنفيذ، تستعد الأطراف لبدء تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل ضمن آلية غير معلنة رسمياً.
وفي الساعة 8:30 من صباح الأحد (6:30 ت.غ)، يبدأ سريان وقف إطلاق النار في غزّة، وفق ما أعلنَه السبت، متحدث وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري. وتعد صفقة التبادل عنصراً جوهرياً لاستكمال المفاوضات حول ملفات إنهاء الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل منذ أكثر من 15 شهراً.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين في غزة "قد يبدأ الساعة الرابعة" من عصر الأحد (14:00 ت.غ)، من دون الإشارة إلى موعد إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وحتى الساعة 13:00 ت.غ من السبت، لم تكشف الأطراف الفلسطينية أو الإسرائيلية رسمياً عن آليات تنفيذ عملية تبادل الأسرى، حيث ذكر إعلام عبري بعض التفاصيل التي يشوبها تعقيدات وشكوك.
حالة غموض
ورفضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام عن دورها في صفقة التبادل الحالية، كما قال متحدثها هشام مهنا، لـ"الأناضول". وكانت "الصليب الأحمر" قد أدّت دوراً محورياً في عمليات تبادل سابقة جرت بين حركة حماس وإسرائيل، كما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، حين أفرج عن 240 أسيراً فلسطينياً، بينهم 71 أسيرة و169 طفلاً وفتى، مقابل 50 محتجزاً إسرائيلياً.
والخميس، أعلنت لجنة الصليب الأحمر الدولية استعدادها لتيسير أي عملية إطلاق سراح على نحو ما اتفقت الأطراف حتى يتمكن المحتجزون والأسرى من العودة إلى ديارهم. وتابعت اللجنة، في بيان: "نقف على أهبة الاستعداد لتوسيع نطاق استجابتنا الإنسانية بغزة حيث ستتطلب هذه الاستجابة جهداً مستمراً من الأطراف لضمان قدرة فرقنا على أداء عملها بأمان". ووصفت هذه العمليات بـ"المعقدة للغاية حيث تتطلب تخطيطاً لوجستياً وأمنياً دقيقاً".
إلى جانب ذلك، تداول إعلام عبري في الأيام الماضية مطالبة إسرائيل بترحيل أسرى فلسطينيين إلى خارج فلسطين مباشرة بعد الاتفاق. ولم تشر أي من دول الوساطة (مصر وقطر والولايات المتحدة) إلى إمكانية استقبالها أسرى فلسطينيين على أراضيها أو إشرافها على ترحيل أسرى إلى دول أخرى.
آلية تنفيذ وقف إطلاق النار وفق إعلام عبري
بحسب ما نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أمس الجمعة، سيجري تنفيذ آلية اتفاق وقف إطلاق النار على النحو الآتي:
- ستشمل المرحلة الأولى من الاتفاق الإفراج عن 33 محتجزاً إسرائيلياً سواء الأحياء أو جثامين الأموات من قطاع غزة.
- سيشمل اليوم الأول من الاتفاق إطلاق سراح ثلاثة محتجزين إسرائيليين، بينما سيشهد اليوم السابع الإفراج عن أربعة آخرين.
- سيتم الإفراج عن ثلاثة محتجزين إسرائيليين في الأيام الـ"14 و21 و28 و35" من بدء الاتفاق، فيما سيشهد الأسبوع الأخير من المرحلة الأولى الإفراج عن 14 محتجزاً.
ولم تشر وسائل الإعلام إلى الجهة المسؤولة عن تسلّم محتجزيها من حركة حماس والمكان والزمان، فيما تولت هذه المهمة في اتفاق الهدنة الأول عام 2023 لجنة الصليب الأحمر الدولية.
ونشرت وسائل الإعلام العبرية، من بينها هيئة البث (رسمية) قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الـ33 الذين ستشملهم المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، من دون توضيح أيهم أحياء وأيهم جثامين، من المقرّر مبادلتهم بمئات الأسرى الفلسطينيين، إذ نشرت اليوم السبت وسائل إعلام عبرية قوائم بأسماء أسرى قالت إن من المقرّر الإفراج عنهم من داخل سجون إسرائيل في المرحلة الأولى.
كما نشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة بأسماء 735 أسيراً فلسطينياً من دون الإشارة إلى آلية الإفراج، حيث قالت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين إن القائمة فيها "خلل واضح". ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينية، تحتجز إسرائيل حالياً 10 آلاف و400 فلسطيني، بينهم 600 محكومين بالسجن المؤبد.
الآلية بحسب الجهات الفلسطينية
وفي تعقيبه على الأسماء التي نشرتها وسائل إعلام عبرية حول أسرى المرحلة الأولى، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس، إن "آلية الإفراج عن الأسرى ترتبط بعدد أسرى العدو المنوي الإفراج عنهم وضمن أي فئة منهم". وتابع المكتب، في بيان السبت: "هي عملية ستمتد طيلة فترة المرحلة الأولى من الاتفاق". وأكد أن نشر قوائم أسماء الأسرى (الإسرائيليين) سيتم "قبل كل يوم تبادل وضمن آلية متفق عليها في بنود وقف إطلاق النار". ولم يذكر المكتب المزيد من التفاصيل حول هذه الآلية.
وقالت هيئة شؤون الأسرى إن إعلان أسماء الأسرى الفلسطينيين المحررين سيتم وفق ما كان عليه الأمر في "نوفمبر 2023، وفق آلية متدرجة، على مدار المرحلة المقررة لإتمامها وخلال أيام التبادل". وحول أعداد الأسرى الفلسطينيين المقرّرة مبادلتهم مع الأسرى 33 في المرحلة الأولى، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، لـ"الأناضول"، إن عددهم الكلي يبلغ نحو ألف و904 أسرى. وبحسب الزغاري، فإن من بين المفرج عنهم "737 أسيراً من الضفة الغربية، و1167 من غزة، ممن اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023".
ووفقًا له، سيتم تجميع الأسرى من سكان الضفة، من كل السجون في معتقل عوفر العسكري غرب مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة. وقال عن ذلك: "نقطة تجمع الأسرى في الضفة ستكون في سجن عوفر، ثم سيتم نقلهم إلى نقطة تجمع أخرى، سيتم إعلانها لاحقًا، في رام الله".
وبحسب الزغاري، أعلنت السلطات الإسرائيلية أن منطقة سجن عوفر منطقة عسكرية مغلقة، ومنعت الدخول إليها. فيما سيتم تجميع أسرى غزّة المقرّر الإفراج عنهم في سجن عسقلان، جنوبي فلسطين المحتلة، ليتم ترحيلهم إلى غزة بشكل مباشر، وفق المصدر نفسه.
ترتيبات الاستقبال
وعن ترتيبات استقبال الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية، قال الزغاري، إن هناك حالة من الاستنفار في كافة المستشفيات والطواقم الطبية الفلسطينية لاستقبالهم، وتقديم العلاج لمن هم بحاجة له". وأضاف: "لم يتم حتى الآن إنهاء الترتيبات حول مكان استقبال الأسرى المفرج عنهم بالضفة، وسينشر نادي الأسير قائمة الأسماء الأحد بعد التأكد منها".
وفي غزة، لم يصدر تعقيب من الجهات المختصة حول ترتيبات بشأن استقبال الأسرى الفلسطينيين حيث سبّبت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل انهيارَ المنظومة الصحية بالقطاع. فيما أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني في وقت سابق، انتشار أجهزتها في محافظات القطاع فور سريان الاتفاق صباح الأحد. وفي العادة، تنتشر عناصر الأمن الفلسطينية في الطرقات مع أي صفقة تبادل يتم إنجازها لتأمينها. والخميس الفائت، قالت حركة حماس، في بيان، إنها بحثت مع هيئة شؤون الأسرى "ترتيبات الإفراج عنهم واستقبالهم، بما يليق بتضحياتهم وتضحيات شعبنا الفلسطيني"، من دون ذكر تفاصيل.
وعن الجانب الإسرائيلي، قالت قناة "كان" العبرية قبل أيام إن ثلاثة مستشفيات تلقت تعليمات للاستعداد لاستقبال محتجزين إسرائيليين يحتمل الإفراج عنهم ضمن المرحلة الأولى، فيما نقلت تأكيد وزارة الصحة جاهزيتها الكاملة لاستقبال الأسرى فور إتمام العملية.
اتفاق من 3 مراحل
والأربعاء الماضي، أعلنت قطر نجاح جهود الوسطاء (الدوحة والقاهرة وواشنطن) في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، على أن يبدأ تنفيذه الأحد. ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من ثلاثة مراحل، وستكون كما يلي:
المرحلة الأولى: تستغرق 42 يوماً، وجرى الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:
- إلى جانب الإفراج عن الأسرى والمحتجزين، فإن الاتفاق ينص على الوقف المؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة بما فيها محور نتساريم (وسط القطاع) إلى مناطق بمحاذاة الحدود، وفتح معبر رفح (جنوبي القطاع) بعد 7 أيام من بدء تطبيقه، ودخول 600 شاحنة يومياً من المساعدات الإنسانية، وتخفيض القوات الإسرائيلية في منطقة محور فيلادلفي (صلاح الديمن) جنوبي القطاع.
- تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي للأغراض العسكرية والاستطلاع مؤقتاً في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يومياً، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
المرحلة الثانية: تستغرق 42 يوماً، وجرى الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:
- تتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
المرحلة الثالثة: تستغرق 42 يوماً، وجرى الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:
- تركز المرحلة الثالثة على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
- يستمر تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل ضامني الاتفاق (مصر وقطر والولايات المتحدة) قصارى جهودهم من أجل ضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.
- تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين بعد الوصول إليهم والتعرف عليهم.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
(الأناضول، العربي الجديد)