"قوى الإطار التنسيقي" منقسمة حيال التسليم بنتائج الانتخابات العراقية

"قوى الإطار التنسيقي" منقسمة حيال التسليم بنتائج الانتخابات العراقية

02 ديسمبر 2021
واصل أنصار القوى المعترضة على الانتخابات تحشيدهم (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

على خلاف ما صرحت به مفوضية الانتخابات العراقية، أكثر من مرة، خلال الأسبوعين الماضيين، بشأن حصول تغيرات وصفتها بـ"الكبيرة"، على نتائج الانتخابات البرلمانية، جراء عمليات التدقيق بالطعون المقدمة من القوى المعترضة، كشفت النتائج الرسمية النهائية، مساء الثلاثاء الماضي، عن تغييرات طفيفة لم تؤثر على ترتيب القوى الفائزة التي أفرزتها النتائج الأولية المعلنة قبل أكثر من شهر ونصف الشهر.

كما أنها لم تضف للقوى المعترضة مقاعد تمنحها أفضلية بحوارات مقبلة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بنسختها الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد في 2003.

بلغ إجمالي التغيير خمسة مقاعد فقط، انتهت بين عدة كتل

وبإعلان النتائج النهائية تكون مهام مفوضية الانتخابات، وفقاً للقانون، أنهت عملها رسمياً بعد أكثر من عام على اختيارها وفقاً لنظام القرعة من بين عشرات القضاة العراقيين، الذين تقرر إشرافهم على تنظيم الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب قرار حل المفوضية السابقة، التي واجهت اتهامات تتعلق بحياديتها وانتماء بعض أعضائها إلى أحزاب سياسية.
 

لا تغيير مهما في نتائج الانتخابات العراقية
ولم تحمل النتائج النهائية تغيرات مهمة لصالح القوى الخاسرة، إذ بلغ إجمالي التغيير خمسة مقاعد فقط، انتهت بين عدة كتل. وحافظت "الكتلة الصدرية" على مركزها الأول بـ73 مقعداً. وحل تحالف "تقدم"، بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ثانياً، بـ37 مقعداً، ثم تحالف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، بواقع 33 مقعداً. وحل رابعاً، الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، بـ31 مقعداً، فيما حصل تحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، وهو الممثل لـ"الحشد الشعبي"، على 17 مقعداً فقط، بزيادة 3 مقاعد عن النتائج الأولية المعلنة سابقاً.

أما حزب "حقوق"، وهو الجناح السياسي لمليشيا "كتائب حزب الله"، فرغم الحملة الإعلامية الضخمة التي بادر بها والموازنة المالية التي تم صرفها على الدعاية الانتخابية لمرشحيه، إلا أنه لم يحصل إلا على مقعد واحد فقط. وفي جنوب العراق، حصد تحالف "امتداد" المدني تسعة مقاعد، بينما حصل المرشحون المستقلون على 39 مقعداً في عموم مدن البلاد. وحصلت حركة "إشراقة كانون" الجديدة على 6 مقاعد.
"قوى الإطار التنسيقي" تتمسك برفض النتائج
وعقب إعلان النتائج النهائية، وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر شكره لمفوضية الانتخابات، لكن القوى المعترضة على النتائج، والمنضوية ضمن ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية"، كررت، في بيان، أنها ترفض نتائج الانتخابات بشكل قاطع. واتهمت مفوضية الانتخابات والهيئة القضائية بأنها لم تتعامل مع ملف الطعون "بصورة جدية"، وأن المفوضية "أثبتت تخبطات، كانت كافية للتوجه نحو العدّ والفرز اليدوي الشامل".

وحتى ظهر أمس الأربعاء، أبقت السلطات العراقية على حالة التأهب الأمني في العاصمة بغداد، بينما تواصل وحدات مدرعة من الجيش الانتشار حول المنطقة الخضراء وداخلها، مع مواصلة أنصار القوى المعترضة تحشيدهم حول المنطقة المحصنة، رافعين شعارات تهاجم رئيس مجلس المفوضية القاضي جليل عدنان، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والمبعوثة الأممية جينين بلاسخارت، متهمين إياهم بالتزوير.

وحول الخطوة المتوقعة للقوى الرافضة للنتائج، أقر عضو بارز في تحالف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أن مواقف القوى المنضوية في الإطار التنسيقي "ليست واحدة ومتباينة". وأضاف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن قادة الكتل منقسمون حيال التسليم بنتائج الانتخابات، وكذلك الخيارات المتوفرة لهم في حال استمرار رفضهم لها. وكشف أن "المحكمة الاتحادية تلقت طعناً من تحالف الفتح بصحة الانتخابات، وطلبت عدم المصادقة عليها، لكن المحكمة لم تبت لغاية الآن بقبول الشكوى المقدمة من عدمه، وسط تسريبات عن طلب المحكمة من جهة الشكوى (الفتح) تقديم الأدلة المتوفرة لديه حيال الطعن بنزاهة الانتخابات".

واعتبر أن "التسليم بنتائج الانتخابات سينقل الأزمة من النتائج إلى تشكيل الحكومة، إذ إن الصدريين متمسكون بحقهم في تشكيل الحكومة، بينما الكتل الشيعية الأخرى، المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي"، تذهب نحو إمكانية تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان بجمع أكثر من 80 مقعداً، عبر تحالف عدة كتل، أبرزها دولة القانون والفتح والعقد الوطني وسند وبابليون وكتل أخرى معها. لكن حالياً الأنظار تتجه نحو قبول المحكمة الطعن المقدم من عدمه".

وأعلنت مفوضية الانتخابات، أمس الأربعاء، إرسال نتائج الانتخابات إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها. ولا يوجد في القانون ما ينص على موعد زمني محدد لمصادقة المحكمة على الأسماء الفائزة بالانتخابات حتى تكون نافذة، لكن في حال المصادقة عليها، خلال الأسبوع المقبل، فإن على البرلمان الجديد الانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة عليها.

المرحلة المقبلة بالعراق قد تكون الأصعب
وقال عضو التيار الصدري، عصام حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "النتائج النهائية للانتخابات أظهرت شعبية الأحزاب والقوى على حقيقتها". وأضاف: "بالنسبة إلى الكيانات السياسية التابعة للفصائل المسلحة والحشد الشعبي، فعليها أن تقبل بهذه النتيجة، والتوجه نحو خدمة العراقيين وليس شريحة القادة فقط، أو ضمان تجارتها مع جهات خارجية".

التسليم بنتائج الانتخابات سينقل الأزمة إلى تشكيل الحكومة

واعتبر حسين أن "المرحلة المقبلة قد تكون هي الأصعب، خصوصاً مع استمرار اعتراض قوى الإطار التنسيقي على النتائج والتشكيك بها. إلا أن لها الحق في أن تسلك الطرق القانونية للتعبير عن رفضها. وبطبيعة الحال فإن عملية تشكيل الحكومة قد تواجه العراقيل، خصوصاً مع رغبة القوى الفائزة بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، في حين تتمسك القوى الخاسرة بحكومات التسوية والتحاصص، من أجل ضمان وجودها السياسي والحكومي في المرحلة المقبلة".
 

المعترضون باقون في أماكن الاحتجاج

لكن عضو حركة "حقوق"، التابعة إلى كتائب "حزب الله" عباس العرداوي أكد، لـ"العربي الجديد"، أن "الجماهير الرافضة لنتائج الانتخابات الأخيرة لن تنسحب من أماكن احتجاجها واعتصامها. وهذا الرفض الشعبي نؤمن بأنه سيغير المعادلة، ويكشف الحقائق والتزوير الذي لحق بنتائج بعض الكيانات السياسية. كما أن التوجه إلى المحكمة الاتحادية من أجل تقديم الطعون والأدلة التي تثبت التزوير والتلاعب بالأصوات بدأ بالفعل، فيما تتوجه كيانات سياسية أخرى إلى إلغاء الانتخابات عبر دعاوى قدمت إلى المحكمة الاتحادية".

بدوره، رأى المحلل السياسي أحمد النعيمي أن "نتائج الانتخابات التي أعلنتها المفوضية أثبتت إمكانية مواجهة ضغوط القوى الحليفة لإيران". وأضاف أن "المفوضية سبق وأن تحدثت عن حصول تغييرات كبيرة، ثم ذكرت أيضاً أن التغييرات ستكون مؤثرة. وكانت هذه التصريحات في ذروة تعرضها للضغوط، إلا أن تدخل بعثة الأمم المتحدة، ورفض حكومة الكاظمي التلاعب أو الانصياع للضغط، منعا حصول تغيير لصالح المعترضين".

وأوضح النعيمي، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أكثر من سيناريو للمرحلة المقبلة، لكن أبرزها هو أن تقوم القوى الخاسرة بقبول النتائج، ورفع شعارها الأول أن ثقلها ليس بعدد المقاعد البرلمانية، بل على (أرض) الواقع. والثاني التوجه لتشكيل الكتلة الأكبر، وتكرار سيناريو الصراع بين إياد علاوي ونوري المالكي بانتخابات 2010، لكن هذه المرة سيكون ضد مقتدى الصدر".

واعتبر أن "الفاعل الإيراني هو المؤثر، والأغلب أن تسوية ما ستتحقق بين القوى الشيعية حيال منصب رئاسة الوزراء، خاصة وأن الكتل السنية والكردية أكدت، في أكثر من مناسبة، أنها لن تتحالف مع أي من المعسكرين الشيعيين دون توافق مسبق بينهما، لأن ذلك يعني استعداء أحدهما". واعتبر أن "مشوار تشكيل الحكومة قد يطول أكثر مما يتوقع الشارع، وقد يمتد إلى عدة أشهر".

المساهمون