النظام يواصل القصف العنيف في البادية السورية والنتائج غير واضحة

النظام يواصل القصف العنيف في البادية السورية والنتائج غير واضحة

12 ابريل 2021
الطيران الروسي قصف مواقع ومناطق في البادية السورية (سامر الدومي/فرانس برس)
+ الخط -

شن الطيران الحربي الروسي والطيران التابع للنظام السوري، منذ صباح اليوم الاثنين، عشرات الغارات بصواريخ شديدة الانفجار على مناطق متفرقة في البادية السورية، تزامناً مع عمليات تمشيط برية تقوم بها قوات النظام والمليشيات التابعة له.

وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن الطيران الروسي قصف مواقع ومناطق في البادية السورية الممتدة في محافظات حمص والرقة ودير الزور وحلب وحماة، مركزا جل غاراته على بادية السخنة، شمال شرقي حمص، وامتدادها في ريف حماة المجاور، وبادية دير الزور الجنوبية.

وذكرت المصادر أن قوات النظام تقدمت إلى العديد من المناطق في البادية، وسمعت في عدة مناطق أصوات اشتباكات وانفجارات متواترة، يرجح أنها ناجمة عن اشتباكات مع خلايا تنظيم "داعش"، مؤكدة وقوع خسائر بشرية من قوات النظام أيضا، ووصول جرحى إلى مدينة حماة.

ويأتي التصعيد اليوم من قوات النظام والطيران الروسي بعد قرابة أسبوع من هجوم لتنظيم "داعش"، طاول ناحية السعن في ريف حماة الشمالي الشرقي، حيث جرى فيه اختطاف عشرة عناصر على الأقل من شرطة النظام السوري وقواته، ولا يزال مصيرهم مجهولا حتى اليوم.

وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن الأهالي في المنطقة ثارت حفيظتهم بعد تكرار الهجمات، ويبدو أن النظام يحاول امتصاص غضب الحاضنة الشعبية عن طريق تصعيد الحملات العسكرية التي لم تتضح نتائجها حتى اليوم، ولم تؤد إلى وقف الهجمات والكمائن التي ينصبها التنظيم في البادية.

وكان التنظيم قد اختطف عشرات المدنيين خلال هجومه الأخير، وأطلق سراح معظمهم بعد ساعات من هجومه.

وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن التنظيم كان قد نصب كمائن على طرق في البادية، وجرى اعتقال واختطاف أشخاص وإطلاق النار على كل من حاول الفرار.

ومنذ بداية العام الجاري، شن التنظيم عدة هجمات عنيفة على أرتال تابعة للنظام، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من عناصر المليشيات المحلية، وكان جلهم من أحياء مدينة حمص، ولجأ النظام عقبها إلى التصعيد في البادية أيضا، لكن ذلك لم يوقف هجمات التنظيم.

وقالت المصادر إن التنظيم يستغل طبيعة المناخ والجغرافيا في البادية وعدم قدرة النظام فعليا على سد وتغطية كافة الثغرات، وعدم وجود إمكانيات عسكرية رغم الدعم الجوي اللامحدود من القوات الروسية. 

وأضافت أن النظام يعتمد على مليشيات الدفاع الوطني والفيلق الخامس في عمليات التمشيط، بينما تتخلف المليشيات المدعومة من إيران في هذه العملية.

بدورها، نقلت صحيفة "الوطن" المحلية أن الحملة العسكرية للنظام في البادية كبدت "داعش"، أمس الأحد، خسائر كبيرة بالأرواح والعتاد، مضيفة، نقلا عن مصدر ميداني، أن الطيران الحربي قصف ودمر مواقع ومغارات لـ"داعش" في مثلث حماة حلب الرقة، وفي باديتي حمص ودير الزور. وزعم المصدر أن التنظيم يعتمد على هجمات الكر والفر على النقاط العسكرية المثبتة في البادية، وينفذ كمائن على الطرق.

وتعد البادية من أعقد المناطق في سورية، نتيجة لطبيعتها الوعرة وتأثرها الكبير بالعوامل الجوية المتقلبة واتساع مساحتها. وتضم البادية أراضي ذات أهمية استراتيجية واقتصادية، وبخاصة في ريفي حمص والرقة، حيث توجد منابع وآبار للنفط والغاز ومناجم للفوسفات، وتتقاسم كل من القوات المدعومة من إيران وروسيا النفوذ فيها.

قوات من إدلب إلى البادية

وفي غضون ذلك، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن أن النظام سحب مجموعات مقاتلة من مناطق سيطرته في إدلب ونقلها إلى البادية. وأضافت المصادر أن النظام وضع مجموعات مهمتها الحراسة فقط في مكان المجموعات المنسحبة، مؤكدة أن المجموعات المسحوبة تتبع للفرقة 25، التي تتمركز في ناحية معرة النعمان.

وبينت المصادر أن المجموعات المنسحبة باتجاه البادية ستشارك في عمليات التمشيط التي تنفذها قوات النظام بدعم روسي ضد خلايا تنظيم "داعش"، وهي قوات ذات طابع هجومي قتالي يقودها ضباط تابعون لسهيل الحسن. وأكدت أن سحب القوات جاء بعد تعرض النظام لهجوم جديد في ريف حمص خلال الساعات الماضية، وذلك تزامنا مع تصعيد الحملة ضد "داعش" في البادية.

وقالت المصادر إن التنظيم باغت النظام مجددا، وشن هجوما على رتل له كان يرافق شاحنات نقل الفوسفات بالقرب من حقل المصونة، جنوب ناحية تدمر، وهي منطقة تعد ضمن نفوذ المليشيات المدعومة من إيران. وذكرت أن الهجوم أسفر عن خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات النظام.

ومن المتوقع، وفق مصادر محلية، أن يقوم النظام بتوسيع نطاق العمليات خلال الأيام القادمة، خاصة في ظل الحديث عن وصول ضباط من القوات الروسية إلى مطار الطبقة العسكري، بهدف قيادة العمليات البرية ضد التنظيم في البادية، جنوبي محافظة الرقة.

خرق وقف إطلاق النار في إدلب

كما جددت قوات النظام السوري، الاثنين، خرق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، شمال غربي سورية. وقال الناشط مصطفى المحمد، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام قصفت بالمدفعية والصواريخ مناطق في قرى كنصفرة وفليفل والبارة وسفوهن وبينين في ريف إدلب الجنوبي، الخاضع لاتفاق وقف إطلاق النار، موقعة أضرارا مادية في ممتلكات المدنيين، مضيفا أن القصف منع السكان من العبور للعمل في الأراضي الزراعية.

"قسد" تنسحب من مناطق في الشحيل

انسحب عناصر تابعون لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من مناطق قرب نهر الفرات في ريف دير الزور، شرقي سورية، عقب مفاوضات مع الأهالي برعاية من التحالف الدولي، فيما اعتقلت المليشيات ستة مدنيين، بينهم طفلان، في محافظة الحسكة لأسباب مجهولة.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن عناصر من "قسد" انسحبوا، مساء أمس، من مناطق زراعية ومنازل في مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، كانوا قد سيطروا عليها خلال الأيام الماضية، بعد حملات دهم جرت في المنطقة، بحجة إغلاق معابر التهريب على نهر الفرات.

وجاء الانسحاب، وفق المصادر، بعد جولة مفاوضات جرت بين الأهالي وعناصر "قسد" برعاية من قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، حيث تعهد الأهالي بالإبلاغ عن عمليات التهريب وعدم السماح للمهربين بالإقامة في المنطقة، مقابل انسحاب عناصر "قسد" الذين يتسلطون على أملاك الأهالي بحجة منع التهريب.

جاء الانسحاب بعد جولة مفاوضات جرت بين الأهالي وعناصر "قسد" برعاية من قوات التحالف الدولي

يذكر أن العاملين في التهريب يستخدمون مناطق بالقرب من مدينة الشحيل على ضفة نهر الفرات، من أجل نقل النفط ومواد أخرى بين مناطق "قسد" والنظام السوري، وتعرضت تلك المعابر سابقا لغارات عديدة من التحالف الدولي أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين أيضا.

إلى ذلك، قالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الأمن التابعة لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقود "قسد" اعتقلت ستة مدنيين في قرية التخت بناحية تل براك، بينهم طفلان، مضيفة أن جميع الأشخاص من عائلة واحدة، وجرى نقلهم إلى جهة مجهولة.

وبحسب المصادر، فإن عملية الاقتحام جرت بمشاركة قوات من التحالف الدولي ضد "داعش". وأوضحت المصادر أن المعتقلين من غير المنتمين لأي فصيل أو تنظيم مسلح، كما هو معروف من قبل أهالي المنطقة. 

وكانت "قسد" قد اعتقلت سابقا مئات الأشخاص بالطريقة ذاتها، وجرى الإفراج عن الكثير منهم لاحقا.

وفي مناطق سيطرة "قسد"، تحدثت مصادر مقربة من المليشيا، لـ"العربي الجديد"، عن مقتل اثنين من عناصر الأخيرة جراء هجوم من مجهولين على دورية لها في ناحية الشعفة بريف دير الزور الشرقي. وجاء ذلك تزامنا مع فرض "قسد" حظر تجول في عموم المناطق الخاضعة لها بهدف مواجهة جائحة كورونا.

وفي موازاة ذلك، عمدت مليشيات "قسد" إلى مداهمة مناطق في ناحية الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وصادرت العشرات من الدراجات النارية حيث تحظر استعمالها. وذكرت مصادر محلية أن معظم الهجمات التي تتعرض لها المليشيات تتم عبر استخدام الدراجات النارية، سواء المفخخة أو التي يقودها المهاجمون.

من جانب آخر، قالت مصادر محلية إن وفدا روسيا زار مدينة جاسم في ريف درعا، جنوبي البلاد، والتقى بقياديين سابقين في فصائل المعارضة المسلحة وقياديين حاليين في الفيلق الخامس التابع للنظام السوري.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وذكر الناشط محمد الحوراني أن الاجتماع جاء بعد تقديم النظام مذكرة احتجاج للقوات الروسية، يدعي فيها وجود عناصر متشددين من تنظيم "داعش" في المدينة، وهو ما نفاه القياديون للوفد الروسي، مؤكدين أن النظام يضع حججا بهدف اقتحام المدينة وبسط نفوذه عليها.

وجاءت الاتهامات من قبل النظام بعد عدة حوادث شهدتها المدينة، كان أبرزها الهجوم على عناصر من قوات النظام ومتعاونين مع فروعه الأمنية، والتي أسفرت أيضا عن خسائر بشرية في صفوفه. 

وتشهد عموم مناطق درعا هجمات مشابهة بشكل شبه يومي، كبدت النظام وفصائل التسوية والمصالحة خسائر بشرية.

وكان النظام قد حاول سابقا اقتحام عدة مناطق بحجة ملاحقة عناصر متشددين أو عناصر سابقين من فصائل المعارضة رفضوا إجراء مصالحة مع النظام، وكان آخرها مدينة المزيريب التي تكبد فيها النظام خسائر بشرية فادحة، وانتهت محاولة النظام بعدم اقتحام المدينة.

المقداد يلتقي قائد "القبعات الزرق" في الجولان

ندد فيصل المقداد، وزير الخارجية والمغتربين لدى النظام السوري، بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لاتفاقية فصل القوات، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق السيادة السورية، جاء ذلك خلال لقاء، اليوم الاثنين، في العاصمة السورية دمشق، جمعه مع العماد آشوار هامال، قائد قوات الأمم المتحدة "الأندوف" العاملة في الجولان، وأكد المقداد حق سورية في استرجاع الجولان السوري المحتل من قبل إسرائيل حتى خط الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967.

وقال وزير خارجية النظام، خلال لقائه اليوم مع هامال والوفد المرافق، إن موقف الحكومة السورية ثابت ومتمثل بتقديم الدعم لقوة "الأندوف"، بهدف التنفيذ التام والكامل للولاية المناطة بها وتحديداً مراقبة فض الاشتباك.

وأضاف: "الاعتداءات الإسرائيلية يجب أن تشمل تلك التي تتم عبر خط فض الاشتباك أو عبر الأراضي اللبنانية، كما حدث في الاعتداء الأخير، بالإضافة إلى تقديم إسرائيل الدعم بأشكاله المختلفة للمجموعات الإرهابية المسلحة التي ارتكبت اعتداءات على قوة فض الاشتباك"، وفق ما نقلت وكالة "سانا" الرسمية.

وشدد المقداد على حق سورية الثابت باسترجاع الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، معتبراً أن ذلك حق يؤكده قرار مجلس الأمن "497"، والعديد من قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والتي تؤكد على أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية، وعلى أن قرار إسرائيل فرض ولايتها القانونية على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل ولا أثر قانونياً له، فيما أدان المقداد قرارات الرئيس الأميركي التي تتجاهل قرارات الأمم المتحدة التي تعترف بالجولان أرضاً عربية سورية محتلة.

من جانبه، شدد هامال على التزام قوات "الأندوف" بولايتها الممنوحة لها من مجلس الأمن، ومراقبة خط وقف إطلاق النار في منطقة الفصل، كما استعرض الإجراءات التي اتخذتها قواته لإعادة نشرها على طول خط فض الاشتباك ولمواجهة فايروس "كوفيد -19" المستجد.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي كشف في بيانٍ له، في الخامس من إبريل/ نيسان الجاري، في وثيقة ومقطع فيديو مصور نشره الجيش على موقعه الرسمي ضمن البيان، عن تفاصيل عملية سرية نفذتها قواته قبل نحو تسعة أشهر على الحدود مع سورية. وأكدت الوثيقة حينها أن العملية تمت في منتصف شهر تموز/يوليو، وأشارت إلى أن فرقة تابعة للكتيبة 12 في لواء جولاني، التي كانت وقتها على الحدود الشمالية الشرقية، دخلت الأراضي السورية ونفذت "مهمة خاصة" ومعقدة، وأضافت أن الكتيبة شنت غارة على نقطة عسكرية للنظام السوري في المنطقة العازلة، المنصوص عليها في اتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، والتي بموجبها لا يُسمح للقوات الإسرائيلية بالوجود هناك، ولا إقامة نقاط مراقبة.

فيما طالبت حكومة النظام في بيانٍ، الخميس الفائت، مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وتأتي مطالبات حكومة النظام عقب الغارات الإسرائيلية قبل يوم من بيانها، والتي استهدفت مقرات للمليشيات الإيرانية في محيط العاصمة دمشق.

المساهمون