"عقد جديد" في ليبيا

"عقد جديد" في ليبيا

29 أكتوبر 2020
اختفت كل شعارات ودواعي الحرب في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

اختفت كل شعارات ودواعي الحرب التي صمّت آذان الليبيين، كما صمّتها أصوات القذائف وأزيز الطائرات المسيرة، لأكثر من عام. فجأة، ومن دون أي مقدمات، يلتقي ممثلان عن طرفي الحرب، ويتصافحان بعد توقيع اتفاق لوقف "دائم" لإطلاق النار، وسط ترحيب وتبريكات ومطالب بتعجيل تنفيذ بنود "العقد".
وفي حين انطلقت حناجر المحللين والباحثين عن عوار البنود، استمر راعي الاتفاق، وكل الاتفاقات السابقة، في مسارات البحث عن الحل، معلناً وصوله إلى المرحلة الأخيرة، في ملتقى ليبي شامل يضم 75 شخصية "وطنية"، رغم أن أغلب من في القائمة المعلنة من أعضاء مجلسي النواب والدولة كانوا إلى وقت قريب أبرز المحرضين على القتال.
لكن أي محلل أو مسؤول لم يتساءل عن الآليات التي تمت على أساسها كتابة "العقد" وعلاقة من أشرف على ذلك بمصالح المتنفذين الكبار والإقليميين، بل انهمكوا في قراءة خلفيات الاتفاق، ورصد تصريحات ومواقف القادة من الطرفين، بعد أن اختفى بشكل سريع مشهد القراءات ذاته حول اتفاق "بوزنيقة" الذي لم يعلن تنفيذ أي بند منه. وربما تعود حوله القراءات الجدلية، إذا أعلن الراعي عن قائمة أسماء شاغلي المناصب، كما كشف فجأة قائمة أسماء طاولة الحوار المنتظر عقدها في تونس، دون أن يبين آليات اختيارهم.
ربما قد يختلف شكل المراحل وفق المعطيات على الأرض. فمسمى "الملتقى الجامع" ليس جديداً، وكان مقرراً عقده في غدامس بقوام 200 شخصية في إبريل/ نيسان العام الماضي، لكنه نقل الآن إلى تونس، وبقوام 75 شخصية فقط. فمن قلص عددهم؟ وعلى أي أساس؟ هل بسبب تقلص دائرة الهوة بانفضاض أغلب الدول عن وكلائهم المحليين!
قضية راعي حروب السلام في ليبيا ليست جديدة على مشهد البلاد، فمن اختار أعضاء المجلس الرئاسي، يوم انشغل المراقبون عقب إعلان اتفاق الصخيرات نهاية 2015، بدراسة خلفيات وانتماءات الأعضاء، ولم يتساءل أي منهم من اختار هؤلاء وعيّنهم، فضلاً عن عدم نص الاتفاق على آليات اختيار أعضاء المجلس أصلاً. بل لماذا جمد الاتفاق، وتمت عرقلة جهود مجلسي الدولة والنواب لتعديله، وإزالة نقاط الخلاف ليكون قابلاً للتنفيذ. وخلال ذلك فشلت كل المبادرات الداعمة لتنفيذ الاتفاق.
من دون شك أن حساسية الملف الليبي، وتأثير انخراط أغلب الفاعلين الدوليين والإقليميين فيه، لكثرة تشعباته طيلة عقد من الزمن، وارتباطه بتفاصيل وقضايا ملفات أخرى، كان من بين عراقيل الحل. لكن من غير المقبول أن تكون مصالحهم في استمرار الأزمة. وبات السؤال، وقد تم الاقتراب "المأذون" من إعلان "عقد جديد"، حول من يمتلك حق الطلاق كل مرة؟