"داعش" يوسع سيطرته في شمال موزمبيق

"داعش" يوسع سيطرته في شمال موزمبيق

29 مارس 2021
نزح العشرات من المنطقة هرباً من الهجمات (Getty)
+ الخط -

بعد أيام طويلة من عمليات القتل والتهجير لأبنائها، أعلن تنظيم "داعش"، اليوم الاثنين، السيطرة على مدينة بالما الساحلية، في شمال موزمبيق، والواقعة على مسافة نحو 10 كيلومترات من مشروع غاز ضخم تديره مجموعة "توتال".

هذه السيطرة تأتي فيما تتوسع جماعة "أنصار السنة"، التي بايعت "داعش"، في شمال موزمبيق، ما يهدد بجعل المنطقة معزولة عن باقي أجزاء البلاد، كما يهدد عمليات استخراج الغاز فيها، ومستقبل الاستثمارات في قطاعات خاصة، وهي قطاعات حيوية في هذا البلد الفقير.

وفيما تعتبر السيطرة تحدياً اقتصادياً وأمنياً لهذه الدولة، وهي مستعمرة برتغالية سابقة، فإنها تواصل طلب الدعم العسكري لجيشها، لا سيما من مرتزقة "فاغنر" الروس ومن الأميركيين، وسط تنافس دولي على الوجود في المنطقة.

تتوسع جماعة "أنصار السنة"، التي بايعت "داعش"، في شمال موزمبيق

وأورد "داعش"، اليوم، في بيان نشرته حسابات "جهادية" على تطبيق "تلغرام"، أنّ الهجوم استهدف "ثكنات عسكرية ومقرات حكومية"، وأسفر عن "السيطرة على مدينة" بالما وقتل العشرات "من الجيش الموزمبيقي والنصارى، وبينهم رعايا دول صليبية".

وجاء ذلك بعد تأكد سيطرة جماعة "أنصار السنة" على بالما أول من أمس السبت، إثر هجومها على المدينة يوم الأربعاء الماضي من ثلاثة محاور، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين، فيما يتواصل نزوح الآلاف من المنطقة مستخدمين كافة السبل المتاحة.

وسقطت بالما بيد الجماعات المهاجمة مساء الجمعة الماضي، عقب أكثر من 48 ساعة من الاشتباكات. إثر ذلك "أعلِن عن فقدان أكثر من مائة شخص"، وفق ما أكد لوكالة "فرانس برس" الباحث في معهد الدراسات الأمنيّة في بريتوريا مارتن إوي.

وروى شهود لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ المهاجمين أطلقوا النار "في كل مكان على الناس والمباني"، تاركين وراءهم الجثث في الشوارع.

وكان نحو 200 شخص حوصروا لأكثر من يومين في فندق ببالما يقع بين البلدة ومطارها، قبل أن ينجحوا في الفرار، لكن لا يزال عشرات منهم في عداد المفقودين.

وصعد نحو 80 من هؤلاء على متن 17 شاحنة عسكرية، نجحت سبع منها فقط في مغادرة منطقة النزاع. وقتل سبعة على الأقل في كمين خلال عمليات الخروج بالشاحنات. لكن يبدو أنّ حصيلة الضحايا أعلى. ولم تُعرف بعد الحصيلة النهائية.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الكولونيل عمر سارانغا، خلال مؤتمر صحافي أمس الأحد، إن "أفعالهم أدّت إلى قتل عشرات الأشخاص العزل"، فيما هرب بعض السكّان إلى الغابات للاختباء، واتجه آخرون إلى الشواطئ وفرّوا عبر القوارب. ونزح بعض السكان عن البلدة مشياً على الأقدام أو في سيارات، متجهين إلى موقع مشروع الغاز الضخم.

وكانت "جماعة أنصار السنة"، التي سبق أن بايعت "داعش"، قد نشرت الرعب منذ العام 2017 في محافظة كابو ديلغادو، في شمال موزمبيق، وذات الغالبية المسلمة والمحاذية لتنزانيا. وقد شهدت بالما المطلة على المحيط الهندي، خلال الأعوام الأخيرة، موجات نزوح لسكان فارّين من عنف الجهاديين في قراهم.

تتلقى القوات الموزمبيقية دعماً سرياً من قبل مرتزقة روس، وفق مراقبين

وولدت الحركة المتطرفة في موزمبيق، حوالي العام 2007، حول مجموعة تسمى "أنصار السنّة"، وكانت تبني مساجد جديدة تتبنى تفسيراً صارماً لتعاليم الإسلام، بحسب ما أوضح أستاذ التاريخ الأفريقي في بلفاست إريك مورييه جينود لوكالة "فرانس برس". حينها، قلّلت السلطات المحلية من قدرتها على الإيذاء، فيما كانت تستفيد من السأم حيال نشاطات تصدير الغاز البحري، والتي حتى قبل أن تبدأ أدت إلى تهجير سكان من قراهم ومناطق صيدهم.

وأصبحت شبه جزيرة أفونغي، أي المركز الرئيس لمنشآت الغاز التي تمثل أحد أكبر الاستثمارات في أفريقيا، والتي تشارك فيها مجموعة "توتال" الفرنسية على وجه الخصوص، "فقاعة آمنة، أو حصناً محاصراً"، وفق خبير أمني فرنسي تحدث لـ"وكالة فرانس".

وتعرف الجماعة محلياً باسم "الشباب"، علماً أنها والت "داعش" عام 2019. وقام هؤلاء المسلحون بإحراق العديد من القرى بعد نهبها، ومارسوا قطع الرؤوس على نطاق واسع لترهيب السكان، كما أنّهم يخطفون شباباً وشابات لتعزيز صفوفهم.

وتسيطر جماعة "أنصار السنة" اليوم على جزء كبير من المنطقة الساحلية، بما في ذلك ميناء موكيمبوا –دا -برايا الذي تم الاستيلاء عليه في أغسطس/ آب 2020، والذي يشكل أهمية بالغة لإيصال المواد اللازمة إلى المنشآت الغازية.

وكانت واشنطن أعلنت، منتصف شهر مارس/ آذار الحالي، إرسال قوات خاصة لإجراء تدريبات لمدة شهرين في موزمبيق، فيما دعت السلطات المحلية شركة عسكرية جنوب أفريقية خاصة، هي "دايك أدفايزوري غروب"، لدعم القوات الموزمبيقية التي يقال أيضاً إنها تتلقى دعماً سرياً من قبل مرتزقة روس، وفق مراقبين.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون