"داعش" ينشط مجدداً في الجنوب الليبي: ماذا بعد إخفاق القادة الليبيين؟

"داعش" ينشط مجدداً في الجنوب الليبي: ماذا بعد إخفاق القادة الليبيين؟

25 يوليو 2021
رغم التقاط الصور بمواقع يدعي حفتر سيطرته عليها فإن الإخفاق يطاول المجلس الرئاسي(فرانس برس)
+ الخط -

طفا إلى سطح المشهد الليبي مجدداً ملف الإرهاب في الجنوب، بعد تداول وسائل إعلام ليبية ودولية بشكل واسع صوراً تظهر احتفال عناصر تنظيم "داعش" بعيد الأضحى، وسط تقارير تحدثت عن بدء التنظيم إعادة ترتيب صفوفه في جنوب ليبيا الغربي.

وفور انتشار الصور، التي نشرتها حسابات تابعة للتنظيم، والتي تظهر عدداً من المسلحين الذين قالت إنهم يحتفلون بأيام عيد الأضحى في إحدى مناطق الجنوب الغربي لليبيا، وقريباً من الحدود الجزائرية؛ أعلنت قيادة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء وفد عسكري رفيع زيارة عدد من مقارها العسكرية ونقاط تمركز مقاتليها في الجنوب.

وأوضحت شعبة الإعلام الحربي التابعة لحفتر أن الوفد، الذي يضم كبار قادة مليشياته، سيزور عدداً من المعسكرات والثكنات في الجنوب، بهدف "الاطمئنان على القوات هناك، والوقوف على احتياجاتها اللوجستية مع استمرار العمليات التي بدأت الشهر الماضي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، عقب هجومه على قوة للشرطة في مدينة سبها بالمنطقة الجنوبية".

وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي، أعلن حفتر عن تحرّك مليشياته باتجاه الجنوب لملاحقة "التنظيمات الإرهابية والمرتزقة"، قبل أن يعلن عن سيطرتها الكاملة على الجنوب الغربي، وإقفال المنافذ البرية مع الحدود الجزائرية.

وجاءت تحركات حفتر العسكرية هذه تزامناً مع إعلان المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، حظر التحركات العسكرية في البلاد إلا بعد موافقته، وتشكيل غرفتين، إحداهما لـ"قوة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالجنوب"، والثانية لـ"العمليات المشتركة لتأمين الجنوب".

وفي منتصف الشهر الجاري، دشنت حكومة الوحدة الوطنية "غرفة العمليات الأمنية المشتركة" لتأمين المنطقة الجنوبية، والتي من مهامها طرد المسلحين المرتزقة ومكافحة الإرهاب بالتنسيق مع دول الجوار الليبي، لكن حفتر تجاهل قرارات الرئاسي والحكومة في موقف مضمونه عدم الاعتراف بهما، وبقي مصراً على أن مليشياته الوحيدة التي تمثل الجيش الليبي.

ويرى الباحث الليبي في الشأن الأمني محيي الدين زكري، أن صور "داعش" الأخيرة بمثابة "إعلان أولي عن الرجوع للساحة الليبية بعد سنوات من الاختفاء والتراجع"، كما يرى أن الصور كشفت عن حقيقة سيطرة القوات الليبية المتصارعة على الجنوب خاصرة البلاد الرخوة.

وقال زكري، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إن "الصور أوقعت حفتر في حرج كبير، خصوصاً أنها كانت في مواقع سبق أن أعلن سيطرته الكاملة عليها"، مشيراً إلى أن مؤشرات عودة "داعش" مقلقة جداً، والبلاد تستعد لتوفير الظرف الأمني اللازم لإجراء الانتخابات.

ويصف زكري قرار قيادة حفتر إرسال وفد عسكري لزيارة المواقع العسكرية في الجنوب بـ"الوهم"، موضحاً أن "الجنوب مترامي الأطراف وتتوزع فيه بشكل واسع المعسكرات"، وتساءل، خلال حديثه لـ"العربي الجديد": "هل ستظهر قيادة حفتر صور الزيارة أولاً بأول، أم ستكتفي بمنشورات ولقطات في بعض المواقع في وسط الجنوب؟".

وفي منتصف الشهر الجاري، نشر معهد الدراسات الأمنية الأفريقية تقريراً كشف فيه عن أن التنظيم الإرهابي يعمل على إعادة تشكيل قواته في حوض بحيرة تشاد، بما يسمح بتعزيز موقعه في المنطقة القريبة من حدود ليبيا.

ورغم أن زكري يرى إمكانية صحة مضمون التقرير؛ فإنه يرى أن الصور التي نشرها التنظيم لمسلحيه وهم في حال احتفال بعيد الأضحى ذات غايات عديدة، ومن بين تلك الغايات أنها "جاءت ساخرة في المقام الأول من مزاعم سيطرة حفتر الكاملة على الجنوب الغربي، وموجهة للسلطة التنفيذية، حيث أعلن النائب العام الأسبوع الماضي تسليم 54 متهماً من عناصر التنظيم إلى القضاء للبدء في محاكمتهم".

وفرضت الأوضاع في الجنوب الليبي نفسها على الطاولة الدولية في مؤتمر برلين الثاني، المنعقد في الـ23 من الشهر الماضي، خصوصاً بعد أن تمكن التنظيم من تنفيذ هجوم انتحاري على حاجز أمني، جنوب سبها في السادس من الشهر الماضي، تسبب في مقتل ضابطين، دون أن يتمكن من الخروج بتوصية تتعلق بتقديم الدعم الأمني اللازم للسيطرة على الجنوب؛ بسبب عدم قدرة السلطة التنفيذية على السيطرة عليه، ومزاعم حفتر بتنفيذ عمليات عسكرية فيه.

ويرى زكري أنه "رغم أن التنظيم سخر من حفتر والتقط صوراً في مواقع يدعي سيطرته عليها؛ فإن الإخفاق يطاول المجلس الرئاسي والحكومة اللذين لم تتجاوز أعمالهما حدّ إصدار القرارات وتشكيل الغرف الأمنية على الورق".

وتابع: "عودة التنظيم للنشاط في الجنوب يعني أنه لا يستهدف ليبيا فقط؛ بل يعني أن المنطقة ستكون قاعدة جديدة يمتد خطرها إلى نطاقات أوسع"، لافتاً إلى أن "العلاقة المشبوهة بين التنظيم وحركات التمرد الأفريقية ستضع حفتر في حرج أمام الرأي العام الدولي، وستدفع الدول المهتمة بأمن المنطقة لدعم جهود السلطة التنفيذية الجديدة".

وأضاف: "أعتقد أن عمليات حفتر العسكرية الوهمية وقرارات الرئاسي والحكومة الورقية لا تخدم سوى مصالح معرقلي العملية السياسية في ليبيا بترك الجنوب مجالاً للفوضى"، ولذا يرجح الخبير الأمني الليبي تحركاً دولياً باتجاه الجنوب، خصوصاً من الدول المعنية به، مثل فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة التي تعد ملف الإرهاب من أولوياتها.

المساهمون