"حزب الله" و"حركة أمل" يطالبان بإعادة تشكيل الوفد اللبناني المفاوض

"حزب الله" و"حركة أمل" يطالبان بإعادة تشكيل الوفد اللبناني: يمثل تسليماً بالمنطق الإسرائيلي

14 أكتوبر 2020
يأتي الاعتراض قبيل ساعات على بدء المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية (العربي الجديد)
+ الخط -

قبيل ساعات قليلة على بدء المفاوضات بشأن ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة جنوبي لبنان، أصدرت قيادتا "حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري)، و"حزب الله"، فجر اليوم الأربعاء، بياناً، هاجما فيه تشكيلة الوفد اللبناني المفاوض، وطالبا بالعودة فوراً عن هذا القرار، وإعادة تشكيل الوفد اللبناني بما ينسجم مع اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وبحسب البيان المفاجئ والمتأخّر من حيث توقيته، باعتبار، أنّ أسماء الوفد اللبناني ظهرت إلى العلن قبل أيام واجتمع رئيسه والأعضاء مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، والرئيس ميشال عون، أكدت قيادتا "حركة أمل" و"حزب الله"، أنّ اتفاق الإطار الذي أعلنه بري، حول مفاوضات ترسيم الحدود قد أكد في مقدمته على الانطلاق من تفاهم إبريل/ نيسان عام 1996 ومن القرار 1701، واللذين على أساسهما تعقد اجتماعات دورية بين ضباط عسكريين حصراً، و"بالتالي، فإنّ تشكيل الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت وضمنه شخصيات مدنية مخالف لاتفاق الإطار ولمضمون تفاهم إبريل".

وأضاف البيان، أنّ "موقف الحركة والحزب، وانطلاقاً من التزامهما بالثوابت الوطنية ورفضهما الانجرار إلى ما يريده العدو الإسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض والذي يضمّ بغالبيته شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي، يعلنان رفضهما الصريح لما حصل، واعتباره يخرج عن إطار قاعدة التفاهم الذي قام عليه الاتفاق، وهو ما يضرّ بموقف لبنان ومصلحته العليا، ويشكل تجاوزاً لكل عناصر القوة لبلدنا، وضربة قوية لدوره ولمقاومته وموقعه العربي، ويمثل تسليماً بالمنطق الإسرائيلي الذي يريد أي شكل من أشكال التطبيع".

وأوحت أوساط "الثنائي الشيعي"، قبل أن يصدر البيان الرسمي، بأنّ الامتعاض أتى نتيجة التفاصيل المذكورة، والوفد الإسرائيلي الكبير المتمكّن من المفاوضات، ولمحت إلى إمكان تأجيل المفاوضات التي تنطلق اليوم.

ويضم الوفد اللبناني، العميد الركن الطيار بسام ياسين، رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي، أعضاءً، تبعاً لما أعلن الرئيس اللبناني، في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

البيان: انطلاقاً من التزام الحركة والحزب بالثوابت الوطنية ورفضهما الانجرار إلى ما يريده العدو الإسرائيلي؛ يعلنان رفضهما الصريح لما حصل

وقالت مصادر خاصة مطلعة على المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، إنّ مشكلات كثيرة حصلت على الصعيد اللبناني الداخلي، وهي تضرّ كثيراً بموقع لبنان في المفاوضات، إذ يدخل إليها على وقع خلافات هو بغنى عنها اليوم، بالتزامن مع وصول مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إلى لبنان أمس الثلاثاء، وقد طاولت ليس فقط المضمون بل الشكليات، من الصور المفترض أخذها للمجتمعين، وتضمّ الطرف الإسرائيلي، إلى اختيار قاعة واسعة غير تلك التي تستخدم عادة في مقرّ الأمم المتحدة حفاظاً على المسافة بين الوفدين.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أنّ "شينكر سيشارك في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات حول الحدود البحرية بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، التي ستكون بضيافة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، على أن ينضم السفير جون ديروشر إلى شينكر، والذي سيكون الوسيط الأميركي في هذه المفاوضات".

ولم يأتِ الاعتراض أيضاً على تشكيلة الوفد اللبناني فقط من جانب "حزب الله" و"حركة أمل"، بل سبقتهما إلى ذلك، رئاسة الحكومة اللبنانية، من خلال كتاب أرسله الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، إلى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بكتاب، ذكّر من خلاله بأنّ المادة 52 من الدستور اللبناني بعد تعديلها بموجب وثيقة الوفاق الوطني اللبناني في الطائف، تنصّ على أن "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها، حين تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب".

لم يأتِ الاعتراض على تشكيلة الوفد اللبناني من جانب "حزب الله" و"حركة أمل" فقط، بل سبقتهما إلى ذلك رئاسة الحكومة اللبنانية

من جهته، أصدر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية، مساء الثلاثاء، بياناً، أكد فيه أنّ الرئيس عون لم يتول لحينه عقد أية معاهدة دولية أو إبرامها، كي يصار إلى الاتفاق بشأنها مع رئيس الحكومة، تلك المعاهدة التي لا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، ما لم يتطلب الإبرام موافقة مجلس النواب على هذه المعاهدة بالشروط المنصوص عنها في المادة 52 من الدستور. أما العطف على المادة المذكورة، فهو لأن من يتولى أي تفاوض بشأن أي صك دولي، مهما كان نوعه، إنما هو رئيس الجمهورية، إذ لو كان القصد إشراك رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في التفاوض لعقد المعاهدة لكان الدستور نص صراحة على أن يتولى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التفاوض بدلاً من أن "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة". ولو كانت المشاركة واجبة في المفاوضة لما كان من داعٍ للنص على "وجوب الاتفاق" بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة باعتبار أن كليهما توليا المفاوضة.

وأضاف البيان، أما لجهة أنّ رئيس الجمهورية "يطبِّع ويعترف" بمجرد عطفه على المادة 52 من الدستور عند إعلان الوفد اللبناني المفاوض، فهذا إنما يقع أيضاً في دائرة البطلان، لأن تولي المفاوضة شيء، وطبيعة التفاوض شيء آخر. إن اتفاق الإطار العملي للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، على ما أعلن رسمياً، إنما يبدأ على الصعيد العملي بتأليف الوفد اللبناني، وبمسائل لوجستية أخرى برعاية الأمم المتحدة وضيافتها، وبحضور الوسيط الأميركي المسهل.