تعمل الإمارات على تقليص دورها في النزاعات الخارجية، مسرّعة التحوّل عن السياسات التي اتّبعتها بعد الربيع العربي في 2011، وذلك مع الاعتماد على الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة كعامل رئيسي.
وذكرت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية الأحد، نقلاً عن خمسة أشخاص مطلعين على الأمر، أنّ الدولة الغنية بالنفط قلّصت بشكل ملحوظ دعمها اللوجستي وبالأسلحة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. وقال مصدران، تحدّثا شرط عدم الكشف عن هويتيهما، إنّ أبوظبي تفكك أجزاء من قاعدتها العسكرية في مرفأ عصب في إريتريا، وتخلي قوات ومعدات مستخدمة لدعم حرب التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
ولم تستجب الإمارات لطلبات للتعليق، إلا أنها نفت سابقاً تزويدها حفتر بالسلاح.
The United Arab Emirates is scaling back its role in foreign conflicts, accelerating a shift from policies it pursued after the 2011 Arab Spring https://t.co/9DtNuerY2N
— Bloomberg Politics (@bpolitics) February 28, 2021
وتأتي الخطوات الإماراتية في الوقت الذي أدّى فيه وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض لإعادة تقويم الوضع بين الحلفاء الخليجيين، وفق "بلومبيرغ".
وتسرّع هذه الخطوات التراجع الإماراتي عن البصمة العسكرية التي بدأت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما هدّدت التوترات في الخليج مراراً بالوقوع في صراع ينعكس على إمدادات النفط العالمية ودبي بصفتها مركز أعمال عالمياً.
وقالت الشبكة إنه عندما اجتاحت الثورات المنطقة عام 2011، سعت الإمارات لتحييد تأثير الإسلام السياسي والمتحمسين له في أنقرة والدوحة وطهران، وهي ترى أن هذه الحركات تزعزع الاستقرار وتهدّد حكم الأسرة الحاكمة.
ولفتت الشبكة إلى أن التحوّل الأبرز جاء في اليمن، حيث انضمّت الإمارات إلى الحملة التي تقودها السعودية لطرد الحوثيين من صنعاء. وبعد مرور ستّ سنوات، فشلت الحرب في تحقيق هذه الأهداف، مع المساهمة في أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ما دفع بايدن إلى المطالبة بإنهاء القتال، مع تعليق مبيعات الأسلحة إلى الإمارات والسعودية.
وقال شخصان مطلعان على المسألة، لـ"بلومبيرغ"، إنّ الإمارات انسحبت عسكرياً بشكل كامل من ليبيا، وهي عبّرت عن إحباطها من حفتر بعد أن ساعد التدخل التركي العام الماضي بإنهاء هجومه على طرابلس للإطاحة بحكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً.
وتحدث شخص ثالث عن تراجع الرحلات الجوية الإماراتية إلى شرق ليبيا بشكل كبير، على الرغم من أن السبب قد يعود إلى كونها قامت بالفعل بنشر ما يكفي من المعدات من أجل أي معركة مستقبلية. وقال مصدران آخران إنّ الإمارات خفضت من تأثيرها العسكري، على الرغم من أن الجميع قالوا إنه لا يوجد دليل على قطعها الاتصال مع حفتر أو السودانيين أو غيرهم من المرتزقة المشاركين في القتال.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إنّ أبوظبي تعيد تركيز أساليبها، وهي تميل أكثر نحو السياسة، والعمل من خلال وكلاء محليين، متفادية الاهتمام السلبي الذي يثيره التدخل المباشر والمكلف.
ويقول الخبير السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية طارق مجريسي إنّ "هناك إدارة جديدة في الولايات المتحدة، والإماراتيون بحاجة إلى تصحيح المسار"، مضيفاً، في إشارة إلى ترشيح أبوظبي لمقعد منتخب غير دائم بمجلس الأمن الدولي لفترة 2022-2023: "إنهم بحاجة إلى توخي الحذر بشأن صورتهم، خصوصاً في العام الذي يتطلعون فيه إلى الانضمام لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
بدوره، يرى الأستاذ المساعد في كلية "كينغز لندن" ديفيد روبرتس أن "حسابات المخاطر بالنسبة للإمارات تغيرت، مع احتمال تبني إدارة بايدن ردوداً ومواقف أكبر في ملفات عدة، سواء في ما يتعلق باليمن أو خرق العقوبات في ليبيا"، واصفاً الأمر بأنه تخلّص من الجوانب الأكثر خطورة في السياسة الخارجية لدولة الإمارات.