"النهضة" التونسية تتمسك بحكومة سياسية جديدة: منفتحون على كل الخيارات

"النهضة" التونسية تتمسك بحكومة سياسية "جديدة" مع بقاء المشيشي: "منفتحون على كل الخيارات"

13 يوليو 2021
"النهضة" تدعو إلى حكومة سياسية جديدة مع بقاء المشيشي على رأسها (Getty)
+ الخط -

مع انطلاق المشاورات التي دعت إليها حركة "النهضة" التونسية، والهادفة لتشكيل حكومة سياسية جديدة، خرجت المعارضة بينها كتلة "الإصلاح" المساندة لحكومة هشام المشيشي للتصدي لهذه الخطوة.

ودعت حركة "النهضة"، في بيان، منذ أسبوع إلى "تشكيل حكومة سياسية قوية، قادرة على مواجهة القضايا الراهنة، وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب، مع ضمان بقاء هشام المشيشي على رأسها"، لكن هذه الدعوة جوبهت برفض واسع.

وتعليقاً على هذه الدعوة، قال رئيس كتلة "الإصلاح"، حسونة الناصفي، في تصريح لإذاعة "جوهرة" الخاصة، أمس الإثنين إنه "من المستحيل تكوين حكومة سياسية منسجمة في تونس".

وأضاف الناصفي أنه "ليست هناك أحزاب تستطيع الحكم مع بعضها في تونس"، داعياً القوى السياسية إلى "تجنب الدخول بالبلاد في المجهول ونحو العبث، خاصة في وضع صحي صعب بتفشي وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية".

وأوضح الناصفي أن "الدعوة لتكوين حكومة سياسية جديدة هي موقف حركة النهضة، وهذا الموقف يلزمها وحدها".

بدوره، وصف أمين عام "حركة الشعب" المعارضة، زهير المغزاوي، أحد أكثر المقربين من الرئيس قيس سعيد وداعميه في البرلمان، دعوة "النهضة" بـ''البضاعة الفاسدة للتجارة الكاسدة''، معتبراً أن "تونس اليوم في حاجة إلى محاربة الوباء لا إلى حكومة سياسية".

وقال المغزاوي، في تصريح لإذاعة "موزاييك": ''نحن غير معنيين بدعوة النهضة، وأنفي نفياً قطعياً حديثها معنا عن حكومة سياسية ولسنا مهتمين بذلك".

وتشهد تونس منذ أشهر خلافات متصاعدة بين الرئاسات الثلاث، على خلفية تعديل وزاري صادَق عليه البرلمان ورفضه الرئيس قيس سعيّد.

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويوضح المستشار الخاص لرئيس حركة "النهضة"، سامي الطريقي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ "شورى النهضة في مجلسه الأخير، وبعد التداول في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخاصة الصحية، خلص إلى أن الفشل سيتواصل إذا ما تواصل العمل بالطريقة ذاتها مع الفريق ذاته".

ويعتبر أنّ "الفريق الموجود الآن، من مستشارين وغيرهم، فريق إداري".

ويوضح الطريقي أنّ "المشكل برمته سياسي وانطلق منذ بدأ تعطيل التحوير (التعديل) الوزاري"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة شبه مشلولة خاصة أن بعض الوزراء يتحملون 3 حقائب في الوقت ذاته وهو ما يرهق أعضاء الحكومة".

ويقول الطريقي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير المعقول العمل بحكومة تعـرج"، ويجدد تأكيده أنّ "الدولة لا يمكن أن تُدار ببعض المستشارين". ويستطرد: "هذا الوضع السياسي دفع النهضة إلى رفض منطق المتفرج على المشهد، ورفض منطق الواجهة السياسية لحكم الإداريين".

وإذ يبدي اعتقاده بأنّ الفريق الحالي قام بواجباته لحد الآن، يعتبر أنه لم يعد بإمكانه اتخاذ القرارات السياسية التي تستوجبها الظروف الصعبة الحالية.

ويضيف: "نحن في حركة النهضة نرى أن الوزارات ستحتاج إلى قيادات سياسية في الفترة المقبلة".

ويلفت إلى أنّ "النهضة أرادت أن تلفت نظر الرأي العام إلى أن هذه الحكومة فاقدة للبعد السياسي، ونحن لا نقصد استبعاد المشيشي لأننا نعتقد بأنه شخصية جديرة بالاحترام والثقة وهو صادق ونزيه ولم يأخذ فرصته كاملة، ولذلك نحن نمنحه هذه الفرصة الأخيرة لترؤس حكومة سياسية والنجاح معها".

وعن الأطراف التي ستشكل هذه الحكومة السياسية، خصوصاً مع الانتقادات العديدة التي وجهتها كتلة "الإصلاح" و"تحيا تونس"، يقول الطريقي إنّ "النهضة منفتحة على الحوار مع الجميع ولكنها ستعول أساساً على شركائها الأساسيين الجديين، أي (قلب تونس) و(ائتلاف الكرامة)، لأننا لاحظنا أنّ الحزام الموسع الداعم للحكومة الذي يضم أيضاً تحيا تونس وكتلة الإصلاح لم يكن على قلب رجل واحد في الفترة الأخيرة وخصوصاً في البرلمان".

ويلفت إلى أنه "لهذه الأسباب أكدنا بوضوح على حكومة سياسية قوية، وقوية تعني تضامناً حكومياً وبرلمانياً يقوم على شركاء حقيقيين وليس على حزام موسع".

ويشير إلى "قبول مبدئي من حزب تحيا تونس، ولكنهم طالبوا بتوضيح المبادرة وهذا من حقهم، ولكننا في النهضة لن نقبل بغير هذا الوضوح وهذه المبدئية في العمل الحكومي، وفي صورة فشل هذه الصيغة فسيعود المكتب التنفيذي لمجلس الشورى ليتخذ ما يراه مناسباً من قرارات".

وعن خيارات "النهضة"، يؤكد الطريقي أنّ "الحركة منفتحة على كل الخيارات"، موضحاً: "نحن نقدم هذا المقترح لهشام المشيشي، ولكن إذا رفض إدارة حكومة سياسية، وهذا من حقه، فإننا غير مستعدين لدعم حكومة غير سياسية".

ويتابع: "وإذا رفض كل هذه الحلول واستقال فستعود المبادرة باختيار رئيس حكومة جديد مرة أخرى إلى رئيس الجمهورية كما يقرره الدستور، وسنظل متمسكين بحكومة سياسية، وإذا كان للرئيس رأي آخر ومقاربة مختلفة فسنرى وقتها".

ويستطرد: "لكنني أؤكد أننا مستعدون لكل السيناريوهات، أن نكون في المعارضة أو أن نذهب لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها أو لأي سيناريو آخر".

الطريقي: النهضة منفتحة على كل الخيارات. نحن نقدم هذا المقترح لهشام المشيشي، ولكن إذا رفض إدارة حكومة سياسية، وهذا من حقه، فإننا غير مستعدين لدعم حكومة غير سياسية

ويسود اعتقاد داخل تيار في "النهضة" بأنّ الحركة تتحمل أعباء حكومة لا تشارك فيها ولا في تحديد أولوياتها ولا حتى في اتخاذ قراراتها أيضاً، ولذلك جاء الهجوم على مقربين من ديوان المشيشي وبعض مستشاريه.

ويقود هذا الموقف إلى الاعتقاد بأنّ الحزام الداعم لحكومة المشيشي في شكلها الجديد، إن كتب لها أن ترى النور، سيتقلص، ولكن يبدو أن هذا الأمر لا يقلق حركة "النهضة" وحليفيها، "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة".

ويبدو أنه تم إبلاغ المشيشي بهذه الرؤية الجديدة لـ"النهضة و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة".

ويرى مراقبون أنّ هذه الحكومة السياسية ستكون محكومة أيضاً بواقع المفاوضات الممكنة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس حركة "النهضة" والبرلمان التونسي راشد الغنوشي.

وبدا الضغط "النهضوي" في هذا الاتجاه وكأنه تلويح بورقة سياسية لتحسين شروط التفاوض الممكنة، وإشارة إلى أنّ "النهضة" قادرة على الهروب إلى الأمام وتحمّل كامل مسؤولية الحكم إذا فشلت المفاوضات.

وبحسب المراقبين، فإنه يمكن فهم هذه الضغوط أيضاً على أنها ضغوطات على المشيشي نفسه وتقريبه من باب المغادرة إذا لم يتفهم هذا الضغط الشعبي على تحالف الحكم خصوصاً أمام الفشل الذي يقر به الجميع.

وبدأت الكواليس تتحدث عن إمكانية عودة القيادي في "النهضة" وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، إلى منصبه في القريب العاجل، لمحاولة تقليص حدة الشعور بالفشل لدى الرأي العام التونسي، خصوصاً وأنّ المكي يظهر في استطلاعات الرأي على أنه الشخصية التي تحظى بالثقة الأكبر لدى التونسيين.

لكن تفاهماً بين سعيد والغنوشي يمكن أن يقلب المعادلة كلها، برغم أن كثيرين يَرَوْن أن هذا التقارب صعب لأسباب عديدة من المتعذر تجاوزها.

المساهمون