أطلقت اليابان، اليوم السبت، سراح فوساكو شيغينوبو، مؤسِّسة "الجيش الأحمر" الياباني؛ الذي رفع راية القضية الفلسطينية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، بعدما أمضت 20 عاماً في السجن في اليابان.
فمن هي "الملكة الحمراء" أو "إمبراطورة الرعب" كما كانت تسمّى، والتي خرجت اليوم بعمر 76 عاماً من السجن، هادئة متعبة معتذرة من ضحاياها؟
- وُلدت شيغينوبو لأسرة فقيرة في طوكيو في 28 سبتمبر/أيلول عام 1945، في حقبة ما بعد الحرب، وكانت، إلى جانب أربعة أشقاء، ابنة ضابط في الجيش الإمبراطوري الياباني، شارك في الحرب العالمية الثانية وعمل مدرساً في مدارس دينية مفتوحة لأطفال القرى الفقراء، وبقّالاً في وقت لاحق.
بعد إنهاء دراستها الثانوية، ذهبت للعمل في مصنع لإنتاج صلصة الصويا بدوام جزئي، وتابعت دراستها في الوقت نفسه في جامعة ميجي في طوكيو، حيث كانت تدرس بدوام ليلي، وحصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد السياسي والبكالوريوس في التاريخ.
- انضمت إلى الحركة الطلابية احتجاجاً على زيادة الرسوم الدراسية، ثم أصبحت ناشطة في الحركة اليسارية الطلابية في الستينيات، وسرعان ما غدت واحدة من قيادات الحراك الطلابي. وفي العشرين من عمرها بدأت رحلتها مع الشرق الأوسط، من خلال التحركات الطلابية التي كانت تشهدها اليابان في الستينيات والسبعينيات، للاحتجاج على حرب فيتنام وخطط الحكومة اليابانية للسماح للجيش الأميركي بالبقاء في البلاد.
- قررت شيغينوبو مغادرة اليابان وهي في سن الخامسة والعشرين، وانضمت للفرع الدولي لمجموعة ثورية يابانية زالت بعد بضع سنوات، ثم أسست "الجيش الأحمر" الياباني في لبنان في 1971، حيث استقبلتها "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
وقالت في كتاب أهدته لابنتها الوحيدة مي، المولودة عام 1973 في لبنان، من علاقة مع أحد قيادات "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، والذي رفضت البوح باسمه: "في البداية، لم أكن مؤيدة للعرب أو معادية لإسرائيل. لكن في ذلك الوقت كان للقضية الفلسطينية صدى فينا، نحن الشباب الذين عارضوا حرب فيتنام والذين كانوا متعطشين للعدالة الاجتماعية".
- حتى أواخر الثمانينيات، نفذ "الجيش الأحمر" الياباني عمليات احتجاز رهائن وخطف طائرات وعمليات سطو على مصارف وهجمات على سفارات في آسيا وأوروبا. لكن الخلافات الداخلية مزّقت المنظمة، التي فقدت نفوذها تدريجياً، حتى حلّها في 2001.
نظّمت شيغينوبو عملية احتجاز رهائن في السفارة الفرنسية في هولندا في 1974 استمرت 100 ساعة، وقد أدت عملية احتجاز الرهائن التي لم تشارك فيها بشكل مباشر إلى جرح عدد من رجال الشرطة، وأجبرت فرنسا على إطلاق سراح أحد أعضاء "الجيش الأحمر" الياباني.
كما يُعتقد أن شيغينوبو تقف وراء التخطيط لعملية مطار اللد في تل أبيب، والتي أسفرت في 1972 عن مقتل 26 شخصاً وإصابة حوالي 80 آخرين بجروح.
- حتى اعتقالها في أوساكا في اليابان، في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، حيث عادت سراً بعد 30 عاماً؛ كانت فوسافوساكو شيغينوبو على رأس قائمة أخطر المطلوبين لدى الإنتربول، وقد تحصّنت في مكان ما في سهل البقاع في لبنان، حيث ترعرعت ابنتها، الصحافية اليابانية مي شيغينوبو، في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
- بعد محاكمة مطولة، حُكم على شيغينوبو بالسجن لمدة 20 عاماً في مارس/آذار 2006. وقد وجهت لها النيابة ثلاث تهم؛ هي استخدام جواز سفر مزور، ومساعدة شخص آخر في الحصول على جواز سفر مزور، ومحاولة القتل غير العمد عبر التخطيط والقيادة لعملية احتجاز الرهائن في السفارة الفرنسية في لاهاي بهولندا عام 1974. وقد أقرت شيغينوبو بالذنب في التهمتين الأولى والثانية، في حين نفت مسؤوليتها عن التهمة الثالثة. إلا أن المحكمة اعتبرت أنها كانت "شخصية مركزية في جماعة إرهابية". وقد حضرت القيادية الفلسطينية ليلى خالد محاكمتها، كشاهدة دفاع.
- أثناء محاكمتها في إبريل/نيسان 2001، أعلنت شيغينوبو تفكيك "الجيش الأحمر"، مع التعهّد باستمرار النضال عبر الوسائل القانونية. وفي مايو/أيار 2001 نشرت كتاباً باللغة اليابانية، هو عبارة عن رسالة إلى ابنتها بعنوان "قررت ولادتك تحت شجرة التفاح". وقد أعربت عن أسفها في السجن، بسبب الكفاح المسلح لتحقيق مُثلها الثورية. وفي يونيو/حزيران 2009، قالت في مقابلة نادرة: "كنا مجرد طلاب جامعيين. اعتقدنا أننا نعرف كل شيء. اعتقدنا أننا سنغير العالم. لم ندرك في الواقع أننا كنا نتسبب في المتاعب للجميع ". وفي رسالة إلى صحيفة "جابان تايمز" في 2017، قالت: "آمالنا لم تتحقق وكانت النهاية قبيحة".
- في ديسمبر/كانون الأول 2008، تم تشخيص إصابة شيغينوبو بسرطان القولون والأمعاء، وخضعت لعلاج مطوّل، ثم تم احتجازها في سجن طبي، حيث كانت تتعافى من مرضها.
- اليوم، 28 مايو/أيار 2022، خرجت شيغينوبو من سجنها في طوكيو، واستقلت سيارة سوداء مع ابنتها مي، بينما حمل العديد من مناصريها لافتة كتب عليها "نحن نحب فوساكو". وقالت شيغينوبو للصحافيين بعد إطلاق سراحها: "أعتذر عن الإزعاج الذي تسبب فيه اعتقالي لكثير من الناس". وأضافت: "مضى نصف قرن.. لكننا تسببنا في آلام لأشخاص أبرياء لا نعرفهم، عبر إعطاء الأولوية لمعركتنا، مثل احتجاز مدنيين رهائن".
- تعيش ابنتها الصحافية مي شيغينوبو في اليابان منذ 2001، حيث حصلت على جنسيتها الوحيدة في ذلك العام، ودافعت عن والدتها من دون توقف ودعمتها طوال فترة احتجازها.