انتهى اجتماع المجلس الدستوري الذي يعدّ أعلى سلطة دستورية في لبنان اليوم الثلاثاء، من دون أن يصدر قراراً في الطعن المقدم من "تكتل لبنان القوي" (برئاسة النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية) بالتعديلات على قانون الانتخاب، ما فسّرته أوساط سياسية متابعة بسقوط التسوية القضائية -الانتخابية التي كانت تُحاك بين باسيل – نبيه بري – حزب الله ووضعته في إطار ضربة جديدة قاسية يوجهها رئيس البرلمان لباسيل، الذي كان يعوِّل على حصر أصوات المغتربين بستّ مقاعد.
وأكد رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب في مؤتمر صحافي الثلاثاء "أننا لم نتوصل لتأمين أكثرية 7 أعضاء من أصل 10 طوال سبع جلسات متتالية، وبالتالي لم نصدر أي قرار، ويعتبر بذلك القانون المطعون به ساري المفعول"، ما يعني أن المغتربين سيصوّتون في جميع الدوائر الانتخابية.
وقال مشلب: "الانتخابات النيابية ستحصل سواء قبلنا الطعن أم لا، التغيير الوحيد يطاول دائرة المغتربين وعدم صدور قرار يعني تأجيل الانتخابات في الدائرة 16 لعام 2026، أما تحديد موعد الانتخابات سواء مارس/آذار أو أيار/مايو 2022 فلا علاقة لنا به بل مرتبط بالمرسوم الذي يصدره وزير الداخلية".
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس ميشال عون كان أعلن تغيير موعد الانتخابات إلى 8 أو 15 مايو، كما أكد وزير الداخلية بسام مولوي في أكثر من تصريح أنه لن يستخدم صلاحياته لتحديد موعد الانتخابات في مرسوم رسمي لحين الاتفاق على الموعد مع الرئيس عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي للانتخابات، وأعلن أن الانتخابات ستكون في مايو.
وينفي مشلب (المحسوب على رئيس الجمهورية) كل ما يحكى عن صفقة أو ما إذا كان ميقاتي فرملها أمس بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإن كانت موجودة "فهي تحصل بين أصحابها ولا تصل إلى أبواب المجلس الدستوري". على حد تعبيره.
مشلب: لا انقسام طائفياً أو مذهبياً ولا خلفية سياسية لما حصل
كما شدد على أن "لا انقسام طائفيا أو مذهبيا ولا خلفية سياسية لما حصل" متذرعا "بوجهات النظر المختلفة التي لم تتوصل إلى رأي موحد وذلك ربطا بتعدد الاجتهادات سواء في لبنان أو فرنسا"، علما أنه لمّح إلى أن ما جرى قد يكون سقطة للمجلس الدستوري، رافضاً كشف آراء الأعضاء عملاً بسرية المذكرة.
وبلغ الحديث أوجه أمس الاثنين عن تسوية تقضي بإسقاط اقتراع المغتربين إرضاءً لباسيل مقابل نزع صلاحية المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بملاحقة الرؤساء والوزراء في القضية، ما من شأنه أن يعيد تفعيل جلسات مجلس الوزراء المعلقة منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بفعل "تهديدات" "حركة أمل" و"حزب الله".
ولم تصمد التسوية التي فاحت رائحتها بالتزامن مع جولة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في لبنان طويلاً، وذلك نتيجة خلافات حصلت خصوصاً على خطي بري -عون ربطاً بملف التعيينات القضائية والإدارية التي تشمل حاكم مصرف لبنان، وقد تأكد فشلها مع خروج ميقاتي من لقائه بري ممتعضا، مؤكدا ان حكومته ليست معنية بأي صفقة.
وكان "تكتل لبنان القوي" تقدم في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمراجعة إبطال التعديلات التي طرأت على قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب، وذلك لـ"مخالفتها الدستور" وقد سجلت في قلم المجلس الدستوري.
واستند الطعن إلى مخالفة القانون النافذ حكماً رقم 8/2021 للمواد 64، 66، 57 من الدستور، احتساب نصاب الحضور، وتدخل السلطة التشريعية بعمل السلطة التنفيذية، ومنع المقترعين في الخارج من اختيار نوابهم في القارات الستّ وتقريب موعد الانتخابات بشكل غير قانوني.
وصوّت البرلمان اللبناني في 28 أكتوبر الماضي بأكثرية 77 نائباً لصالح تعديل المهل بما يعني إجراء الانتخابات النيابية في 27 مارس 2022 بدلاً من 8 مايو. كما صوّت 61 نائباً لصالح انتخاب المغتربين لـ128 نائباً وذلك بعدما كان الرئيس عون ردّ القانون الرامي إلى تعديل بعض مواد قانون الانتخاب لإعادة النظر فيه.
باسيل: قرار "سياسي"
وخرج رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل، بمؤتمر صحافي مساء اليوم الثلاثاء، وجّه فيه اتهامات لـ"حركة أمل" و"حزب الله" ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ربطاً بمسار اجتماع المجلس الدستوري، الذي خرج بلا قرار نتج عنه سقوط الطعن الذي تقدّم به.
وقال باسيل "ما حصل اليوم تم بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس عون وعلى رأسها في المجلس الدستوري، واليوم كان الثنائي الشيعي وهذا ما ستكون له مترتبات سياسية" غامزاً بذلك وبشكل أساسي من قناة العضوين الشيعيين المحسوبين على الحزب والحركة في المجلس الدستوري اللذين أسقطا الطعن.
ووصف باسيل ما حصل في عين التينة، أمس الاثنين، وما تسرب عن لقاء بري وميقاتي بأنه "مسرحية لم تنطل علينا ومش زابطة"، نافياً مشاركته بأي مقايضة، مضيفاً "تلقيت اتصالاً وعرضاً قبل صدور قرار المجلس الدستوري طرح علينا أن نقبل بالتصويت مع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في مجلس النواب وليس الحضور فقط مقابل قبول الطعن، فقلت لهم طالما تعرفون الجواب لماذا تسألون؟ أوقفوا هذه الألاعيب عرض المقايضة ما مشي من شهرين وما بيمشي اليوم"، مع إشارته إلى "أننا قلنا سنحضر الجلسة عندما تحصل الدعوة وفق الأصول".
وأعلن باسيل أننا "سنتقدم بثلاث أسئلة للحكومة حول عدم انعقادها وحول التعاميم التي تصدر عن المصرف المركزي وحول التدقيق الجنائي".
كذلك أشار باسيل إلى "أننا وقعنا كتاباً نطالب فيه بعقد جلسة مساءلة للحكومة عن سياساتها العامة التي تختصر بعدم الانعقاد وننتظر جواب الحكومة على السبب وراء عدم انعقادها". مع العلم أنّ ميقاتي أعلن في أكثر من تصريح أنه يتريث في دعوة مجلس الوزراء تفادياً لأي اشتباك سياسي مصحوب بردود فعل واستقالات من الحكومة.
وتوجه باسيل لـ"حزب الله" و"حركة أمل" بالقول "لا مبرر لعدم انعقاد مجلس الوزراء" كما لرئيس الحكومة "إذ لا يبدو أنه غير مستعجل".
وأعاد باسيل التأكيد أنّ ما حصل "ضرب لصلاحية رئيس الجمهورية وللدستور كما تم اليوم إسقاط المجلس الدستوري وتعطيله لأنّ الطعن لم يسقط بل لم يصدر قرار في شأنه"، وفق قوله.