"العربي الجديد" يرصد آراء الليبيين بشأن آفاق عمل السلطة الجديدة

"العربي الجديد" يرصد آراء الليبيين بشأن آفاق عمل السلطة الجديدة

07 فبراير 2021
آمال كبيرة معقودة على السلطة الجديدة (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تفاوتت قراءات وآراء الأوساط الليبية بشأن السلطة الجديدة، التي تم انتخابها خلال ملتقى الحوار السياسي في جنيف يوم الجمعة، بين الأمل والتشاؤم والحذر، وذلك رغم اعتبار رئيس الحكومة الجديدة عبد الحميد دبيبة فوز قائمته "يمثل رمزية لانتصار الوحدة الوطنية ولم الشتات وتحقيق الديمقراطية المنشودة"، مؤكداً أنه مستعد لـ"العمل مع الجميع، باختلاف أفكارهم ومكوناتهم وأطيافهم ومناطقهم".
وكانت البعثة الأممية إلى ليبيا قد أعلنت الجمعة، بعد جولتي تصويت لملتقى الحوار بحضور المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا يان كوبيتش ورئيسة بعثة الدعم الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز، فوز القائمة الثالثة، التي ضمّت محمد يونس المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، وعبد الله اللافي وموسى الكوني نائبين لرئيس المجلس، ودبيبة رئيساً للحكومة.
وفي أول خطاب له موجه للشعب الليبي ليل السبت، تعهد دبيبة بالإيفاء بالتزاماته تجاه الاستحقاق الانتخابي، مذكراً برؤيته التي قدمها لأعضاء ملتقى الحوار والتي حملت وعوداً ببرامج تنموية وأخرى بإنهاء مسار النزاع الذي دام لسنين. لكنها "خطابات للاستهلاك"، على حد وصف مواطن من طرابلس يدعى رمضان الرويمي، أوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه تابع البرامج والرؤى التي قدمها المترشحون أمام أعضاء ملتقى الحوار السياسي.

وبحسب الرويمي، فإنها "لا تتناسب والمرحلة المقبلة، فهم يتحدثون عن برامج تنموية لا تصلح إلا لبلدان مستقرة وتحتاج وقتا أطول من عمر الحكومة المحدود لتنفيذها"، مستحضراً حجم "الترحيب والتهليل" الذي رافق الإعلان عن تشكيل حكومة الوفاق "التي تحولت إلى شقاق وطرف أساسي في القتال والحرب".
من جانبه، يرى رئيس حزب "ليبيا الديمقراطية" ناجي صاديق أن حالة التشاؤم هاته يمكن ربطها بما "تسببت به حكومات ليبيا الأربع السابقة من الإحباط لدى المواطنين ومضاعفتها معاناتهم المعيشية وفي الأمن والخدمات"، مبدياً هو الآخر مخاوفه من إمكانية أن تواجه السلطة الجديدة عراقيل جمة.
وأوضح صاديق، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "تركيبة السلطة الجديدة تشير إلى وجود فجوة بين أعضائها والفاعلين على الأرض الذين يملكون زمام الأمور، ما يحد من قدرتها على التواصل المباشر معهم"، مشيراً إلى أن "تفاجؤ الجميع بفوز هذه القائمة قد يشير إلى وقوعها فريسة للمتنافسين".
وتابع "خلال جلسات الحوار لم تكن المفاوضات تدور حول البرامج السياسية وإعادة تنظيم وتوحيد الدولة، بل تدور حول مسائل التنافس وإحداث التوازن بين أقطاب الصراع المصرّين على البقاء في المشهد".

ويعتقد صاديق أن السلطة الجديدة قد تواجه عراقيل "من قبل شخصيات لا تزال تفسد الحياة السياسية لتحقيق مصالحها"، على حد تعبيره، مضيفا أن وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا لا يزال صاحب حظوة لدى عدد من المجاميع المسلحة التي يمكنها أن ترفض شرعية السلطة الجديدة، كما أن رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح لا يزال يهيمن على قرار المجلس المفترض أن يصادق على تعيين الحكومة.
ومن العراقيل التي يرى صاديق أن أعضاء السلطة الجديدة لن تكون لديهم القدرة على تجاوزها حلحلة الخلافات حول مسودة الدستور للاستفتاء عليها لتكون إطارا للانتخابات الجديدة.
كذلك تطرق إلى بيان رئيس حكومة طبرق عبد الله الثني الذي "حمل أولى رسائل العرقلة عندما اشترط مصادقة مجلس النواب مجتمعا، وهو شرط يصعب تحقيقه"، على حد تعبير صاديق.
وقال الثني أمس في بيان إنّ حكومته "مستمرة في أداء مهامها المناطة بها وفقاً للقانون الليبي، وبناء على الثقة الممنوحة لها من قبل مجلس النواب الشرعي المنتخب"، إلى حين "صدور الكلمة الفصل من مجلس النواب مجتمعاً وبشكل قانوني، وذلك لتسليم المهام لأي جسم تم اختياره وفقاً للقانون".
وفي المقابل، يرى عضو مجلس النواب صالح التباوي أن عدم ارتباط أعضاء السلطة الجديدة بأي من أقطاب الصراع وعدم اصطفافهم إلى جانب أي منها يعدان من عوامل النجاح.
وأوضح التباوي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "بيانات الترحيب من كل فصائل وقادة البلاد الحاليين تعطي مساحة عمل مريحة للسلطة الجديدة مع كل الأطراف أو بعيدا عنها"، مضيفا أنه بما أنهم "يمثلون أقاليم البلاد يمكنهم العمل مع قواعدهم الرئيسية على تكوين كوادر جديدة لا خلاف عليها".
وحث التباوي قادة السلطة الجديدة على استثمار الاعتراف الدولي كعامل آخر لنجاح مهمتهم في المرحلة التي تتطلع لها كل الأنظار داخليا وخارجيا، معتبراً الترحيب الدولي ضمانا يحد من خيارات أي طرف يفكر في العودة إلى مربع الحرب.

هذه النظرة المتفائلة لا يتقاسمها المرشح للحكومة الليبية في ملتقى الحوار السياسي مفتاح حمادي، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن "عوامل النجاح والفشل كلها موجود، وكما لم ينقذ الاعتراف الدولي حكومة الوفاق يمكن ألا يقدم للسلطة الجديدة أي دعم"، لافتاً إلى أن "فقر الساحة في الكوادر السياسية والإدارية كان سببا في شلل عانت منه الحكومات السابقة، وقد يواجه جهود الحكومة حاليا تشكيل كوادرها ويذهب بها في الاتجاه ذاته"، لكنه شدد على أن "من أهم أسس نجاح السلطة الجديدة هو إطلاق مصالحة وطنية لبناء قاعدة شعبية تتجاوز الطبقة المتنفذة".
وحث حمادي السلطة الجديدة على العمل على  "إزالة منطق المحاصصة الإقليمية والجهوية الذي تكلس في الأذهان كأساس لحل وتسوية كل نزاع أو خصام للتمهيد إلى انتخابات وطنية تبعد شبح التقسيم".

المساهمون