"السياحة الحزبية" تربك برلمان تونس.. شتائم واتهامات قد تستدعي القضاء

"السياحة الحزبية" تربك البرلمان التونسي... شتائم واتهامات قد تستدعي تدخل القضاء

05 أكتوبر 2020
تبادل التهم والشتائم بين النواب والكتل ببيع الذمم وتلقي الرشى (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

أثار تنقل برلمانيين تونسيين بين الكتل والأحزاب مع بداية الدورة الجديدة، وفق ما وصف في تونس بـ"السياحة الحزبية"، خلافات واسعة تحت قبة البرلمان، بلغ حد تبادل التهم والشتائم بين النواب والكتل، ببيع الذمم وتلقي الرشى والمال السياسي الفاسد، وسط دعوات للنيابة العمومية للتحرك والتحقيق في هذه الممارسات والشبهات.

وفجّر النائب المستقيل من كتلة "ائتلاف الكرامة" راشد الخياري، فضيحة سياسية تحت قبة البرلمان، مؤكداً أن أحد الأحزاب عرض عليه 150 ألف دينار للالتحاق بكتلته الحزبية، معلناً رفضه.

ونفى الخياري، بالمناسبة، التحاقه بكتلة "قلب تونس"، مشيراً إلى أنه ينوي الالتحاق بكتلة حركة "النهضة" لقطع الطريق أمام رئيسة كتلة "الدستوري الحر" عبير موسي لدخول مكتب البرلمان.

وفي تعليقه على الموضوع، دوّن الوزير السابق والقيادي بحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي على حسابه الرسمي بفيسبوك قائلاً: "مشهد مقزز… لمكافحة آفة قديمة جديدة بصدد تعفين المشهد البرلماني من الضروري سنّ قانون لتجريم البيع والشراء والإعارة والإيجار بين النواب والكتل، خاصة إن فاحت رائحة المال".

وقال النائب عن حزب "التيار الديمقراطي" والمتحدث باسم الحزب محمد بن عمار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "على النيابة العمومية التحرك. فمن غير المعقول مع كل استحقاق سياسي أو برلماني تتحرك السياحة الحزبية، سواء عند سحب الثقة من الحكومة، وعند تشكيل المكتب، وللحصول على مواقع في اللجان"، مشيراً إلى أن "الإشكال لا يكمن في الالتحاق بالكتل عن قناعة وعن مبدأ، بل إن الأمر أصبح  خطيراً لأنه يتعلق بالمال السياسي الفاسد، واستمالة النواب باعتبارهم مجرد أرقام، وهو ما يُعَدّ خرقاً للقانون الداخلي وللدستور ولقانون الأحزاب".

وشدد عمار على أنّ "على القضاء التحرك بجدية لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ومعاقبتهم".

وحول التحاق 4 نواب بكتلة "قلب تونس" قادمين من كتلة "المستقبل"، قال عمار إن "موضوع السياحة الحزبية يتمثل بانتخاب نائب عن حزب سياسي، ثم يعمد لتغيير حزبه، وليس في التحاق نائب بكتلة، لأنها تتماشى مع مواقفه، فعندما يحيد حزب عن مبادئه ووعوده الانتخابية، وينخرط في القذارة السياسية من أجل المناصب والمغانم، من الجائز أن يختار النائب تحقيق الوعود التي انتخب من أجلها، باعتبار التغيير داخل الأحزاب غير ممكن، لأن  غالبية الأحزاب التونسية غير ديمقراطية ويتحكم فيها مؤسسوها، بينما التنقل بين الكتل لا إشكال فيه".

وعلّق عمار قائلاً إن "تنقل هؤلاء النواب نحو كتلة "قلب تونس" يُعَدّ التحاقاً بمكانهم الطبيعي، لأنهم يتقاسمون الفساد والتهرب الضريبي"، على حد قوله.

وطالب عمار بفتح ملف تمويل الأحزاب السياسية من خلال المال السياسي الفاسد وتمويلات خارجية وتمويلات من رجال أعمال متهربين ضريبياً، واستغلال القنوات التلفزية ووسائل الإعلام والجمعيات الخيرية، مشيراً إلى أن "الأولى محاربة شراء الذمم من قبل الأحزاب من أجل تنقية المناخ السياسي، وحتى نشجع على المشاركة السياسية قبل الدخول للبرلمان".

وأعلن البرلمان التوزيع الجديد للكتل البرلمانية بعد تغيير عدد من النواب لمواقعهم وكتلهم، وتتصدر كتلة حركة النهضة البرلمان بـ54 نائباً (دون تغيير)، تليها الكتلة الديمقراطية بـ38 نائباً (دون تغيير)، ثم كتلة حزب قلب تونس بـ30 نائباً (كانت تضم 26 نائباً في الدورة البرلمانية السابقة)، وأصبحت كتلة ائتلاف الكرامة تضم 18 نائباً (بعد أن كانت 19 نائباً سابقاً).

وارتقت كتلة الإصلاح مكان الدستوري الحر بـ17 نائباً (16 نائباً سابقاً)، وحافظت كتلة الحزب الدستوري الحر على 16 نائباً (دون تغيير).

وشهدت الكتلة الوطنية صعوداً إلى 16 نائباً (كانت 11 نائباً في الدورة البرلمانية السابقة)، وبقيت كتلة تحيا تونس بـ10 نواب (دون تغيير رغم التحاق 3 نواب صباح أمس الأول، لكنهم سرعان ما تراجعوا وانسحبوا مساءً)، كذلك بقي عدد النواب غير المنتمين إلى كتل 18 نائباً (دون تغيير عن السابق).

وتوزعت المناصب على الكتل حسب حجمها وعدد أعضائها، بما يمكن الكتل الأكبر من مقاعد أكثر وأولوية اختيار المهام واللجان، ما يفسر تسابق النواب على التجمع في الكتل لضمان حظوظ أوفر في التموقع.