كان ضربًا لفضّ الروح عن الجسد

كان ضربًا لفضّ الروح عن الجسد

وجدان سائد

كان ضربًا لفضّ الروح عن الجسد

08 يوليو 2021
+ الخط -

ضَربوني على صَدري بجانبِ قلبي، الذي أخبّئُ داخلَهُ حُبّاً كبيراً، للبلادِ وأهلِها. سَحلوني على الأرضِ التي نموتُ من أجلِها، كلَّ يومٍ لتبقى بعِزٍ وكرامةْ. عشراتُ الأرجلِ والهِراواتْ، لها في كلِّ قِطعةٍ بجسمي علامةْ، لم أحسبْ أنني سأكونُ بينَكم لأحدِّثَكم، لم يكنْ ضَرْبًا لفضِّ مسيرةْ، بل كانَ ضَرْبًا لفضِّ الروحِ عنِ الجَسدْ.

صرختُ بكلِّ صوتي أنا صَحَفي، حتى أنني لم ألتقطْ لهمِ الصُّورْ، لأني خشيتُ على نفسي، وعلى شعبي، من هولِ المشاهدِ التي شاهدتُها بأمِّ عيني، لقمعِ المحتجينَ أمامَ مَخْفَرِ الشُّرطةْ، كنتُ لا أريدُ لها أن تنتشرْ، قلتُ سألتقطُها بعيني فقطْ، وأحفظُها بعيدًا عن شعبي. كنتُ أقفُ بعيدًا عنِ التّجَمْهُرِ أنا وزميلي، لنحافظَ على سلامتِنا، بعدَ أنْ بدأَ القمعْ، ولكنْ في لحظاتْ، كانت هِراوةٌ تسقُطُ على رأسي وصدري، بشكلٍ مباشِرْ، ضَرْبةٌ تتبعُها ضَرَباتٌ دونَ توقفْ، وأنا فقطْ أصرخْ، "صَحَفيْ صَحَفيْ".

أدخَلوني إلى داخلِ المَقرْ، وكانَ صوتُ الهِراواتِ الوحيدَ الذي يعلو، في داخلِ المَقرْ، رموني بقُربِ دورةِ المياهْ، لم أحسبِ الوقتَ الذي رُميتُ بهِ دونَ عنايةْ، وأنا ألتقطُ أنفاسي بصعوبةْ، توقفَ الضَّربْ، خفَتَ الصوتُ قليلاً، وانتبهوا أنّ هناكَ شخصاً مُلقى بالداخلْ، قُربَ دورةِ المياهْ، جاءَ أحدُهمْ والتفتَ إلى بطاقةِ النِّقابةِ التي أحمِلُها، ومن ثمّ خرجَ وقالْ، هاد صَحَفيْ صَحَفيْ،  وبعدَها جاءتني رعايةُ ربّي، وأخرجوني من قُربِ دورةِ المياهِ إلى غُرفةِ الانتظارْ، وكان هناك ضابطُ إسعافٍ استدعوهُ لمعالجتي، وبعدَ فحصِهِ للنبضِ والضغطْ، استدعى الإسعافَ وقال لهم، لن أتحمّلَ مسؤوليةَ سلامتِهْ، ابعتو مباشرةً ع المستشفى ضغطُهْ نازلْ كتيرْ. وبالفعلْ أُرسِلتُ للمشفى، وتبينَ إصابتي برضوضٍ قويةٍ في صدري، وبعدَ ساعاتٍ أعادوني للمركزْ، لكي أُوقِّعَ على وَرَقةْ، قال لي الضابطْ، إنّ هذه الوَرَقةَ تُفيدُ بعدمِ حُصولي، على أيِّ أموالٍ من مصادرَ مشبوهةْ.

وقّعتُ وخرجتْ، وكانَ بالخارجِ الأملْ، الذي بدّدَ ظلامَ ليلةِ الثلاثاءِ الحالكةْ، كان أخي وزملائي وأصدقائي بانتظاريْ، في ساعاتِ الفجرِ الأولى، ينتظرونَ خُروجيْ.

خرجتُ والألمُ الذي يُخيِّمُ على جسَدي لا يُذكرْ، أمامَ الألمِ الذي نالَ من صورةٍ، كنتُ أحسبُها جميلةً، لوطنٍ ومواطنْ.

نصّ للصحافي عقيل عواودة

قراءة سائد نجم
 

الأكثر استماعاً