قراءة في فنجان الأسد المقلوب

قراءة في فنجان الأسد المقلوب

11 يونيو 2020
+ الخط -
لا يوجد في الصيدليات المخافرة وعلوم العقاقير، وسبل النجاة، وعلوم الأولين والآخرين، دواء يتعاطاه بشار الأسد فيعود بطلاً في عيون مواليه. لا حامض حلو، لا شربة، إلا إذا أشبعهم خبزاً. أما القلوب التي كواها بالنار، وهي قلوب الشعب السوري، فلا فوْت له عليها، فلو أفرج عن جميع من بقي من المعتقلين الأحياء، الناجين من السكتات القلبية، والاغتصاب والحرق بالشمعدانات البريطانية، واعتذر منهم، ووزّع عليهم ثروته، وهي ثروتهم، وأسكنهم في القصر الجمهوري، وهو قصرهم، ما استطاع لقلوبهم نقبا، ولأفئدتهم سربا، لا تعويذة، لا رقية شرعية أو غير شرعية. الرجل هالك ومطرود من رحمة الله ورحمة الشعب. ويمكن أن نتذكّر آخر عطاياه، وهي رسم البطاقة الذكية والبالغ أربعمائة ليرة، بينما تعفي ألمانيا والسويد اللاجئين من رسوم كثيرة، وهي تدفع لهم الإعانات حتى يشبّوا عن الطوق، فتأمّل يا رفيق الرغيف.
كان صدّام حسين بموته البطولي بين أعدائه الفاجرين، وبكلمة الشهادة وهو ينطقها في وجوه قتلته الملثّمين في صبيحة عيد الأضحى، قد رُقّي إلى معارج البطولة، ونسي كثيرون مذابحه وظلمه، ولو وقع بشار في الأسر، ووقف أمام المشنقة، في يوم الهلكة التصحيحية، وأعلن الجهاد ضد الأميركان والروس والفرس، وتشهّد وهو يموت، فلن يحظى بتلك المنزلة.
ويصعب تخيّل ذلك، فهو علماني أكثر من صدّام، وهما بعثيان، وكان الأسد الأب يتخذ "البعث" قناعاً، وهو الذي أدخل سورية عاريةً إلى مخدعي إيران وروسيا. لذلك، ستظل بطولته ناقصة، وإن اقتدى بصدّام. لذلك، سنحذف هذا الخيار أو الخيال لأسباب عدة، منها أن صدّام حسين ولد ولادة شعبية بدوية، وشقي في صعود سلّم المجد، وليس مثل بشار الأسد، الذي ولد، وفي فمه ملعقة ذهب. وهو ضعيف الخبرة الوطنية، كما أنَّه ضعيفٌ أمام النساء، وهذه نقطة ضعف ثانية. والثالثة أنه ضعيفٌ أمام حاشيته من رؤساء فروع الأمن، فما هما الطريقتان المحتملتان للعودة به على بساط الريح أو في باص أخضر إلى قلوب محبّيه، ونحن نرى صفحاتهم تتوسّل إليه أن يحارب الفساد ويرأف بهم، فهم يموتون جوعاً، فلمَ لا يتدخل، لمَ لا يخطب فيهم خطبةً يؤلف بها قلوبهم ويواسيهم؟ هذه قراءة في فنجان الأسد المقلوب.
الطريق الأولى: توزيع ثروته كلها أو نصفها أو ربعها أو عشرها على الشعب، فيستعيد بها بعض عافية الليرة، فإن لم يكن من أجل الشعب، فمن أجل صيانة صورة أبيه على الألف ليرة، وصيانة صورته الجميلة على الألفين، وقد هانت كثيراً، وصارت بلا قيمة، أم تُراه يُصدر ورقةً من فئة ثلاثة آلاف، وعليها صورة زهرة الصحراء.
الثانية: أن يتبع دورة تمثيلية على يد المخرج نابغة الفانتازيا التاريخية، نجدت أنزور، وقد برزت سورية في الدراما والكوميديا، حتى تفوقت على مصر في بعض السنوات، فيوهم الشعب في الحلقات التمثيلية أنه فقير، وعاجزٌ عن العمل، فنرى له صوراً يومية وهو يقف على دور جرّة الغاز، وطابور الخبز، وتكون له بطاقة ذكية يعيش بها مثل بقية الرعية، وينتظر رسائل سيرياتل تبشّره باستلام جرّة الغاز، فتصل إليه بعد شهرين حُقبا، ليس على سبيل الحقيقة بل تمثيلاً. كل الرؤساء يزورون الفقراء، أما كيف نفرِّق بين الحقيقة والتمثيل، فالطريقة هي صندوق الانتخاب.
الثالثة، وهي أوتوستراد كبير: طريق التوبة وليس طريق النحل في أغنية فيروز. وبالتوبة يعترف بكل جرائمه وجرائم أبيه، على قناة يوتيوب، ويرجو من الشعب أن يغفر له، وأنه صرف أمواله على ملذّاته الشخصية، وسيكون مقتله في الاعتراف على أيدي حراسه الروس والإيرانيين، لكنه سيكسب قلوبا كثيرة، ومعها حبي وفؤادي أيضاً.
لا بأس بثلاث سكتات قلبية في الرأس، طريقا رابعة.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."